حملات اغاثية شبابية لمكافحة مآسي الفقر في لبنان

تأهب الجمعيات والناشطين لإغاثة عشرات الاف الفقراء في لبنان.

تلقي الحرب السُورية ظِلالها بالكامل على الوضعِ الإجتماعي والمستوى المعيشي للبنانيين. وإلى جوارِ أزمة النزوح السوري، وبسببِ تفشي الفَساد الحكومي في لبنان؛ لم تضع الوزارات اللبنانية خطط إغاثية، تستند إلى التَقييمات الإقتصاديّة، والمُؤشرات الإجتماعيّة حول الوضع المعيشي الذي يمر به اللبنانيين، وتُوَاكب نَتائج الدِراسات التي تَستعرض أزمة مخيفة تواجه المجتمع اللبناني واللاعدالة التي يواجهها فقراء لبنان.

رواية عن فقراء لبنان

عَام 2016، أطلق برنامج الأمم المُتحدة الإنمائي“UNDP، مَشروعاً حَمل عُنوان “التقييم السريع لظاهرة الفَقر في لبنان”. شَارك في إعداد هذا التقييم التَابِع للأُمم المُتحدة، وزارة الشُؤون الإِجتماعيّة في لبنان، بالشَراكةِ أيضاً مع مُنظمة “اليونيسيف” المعنيّة بِقضايا الأطفَال حَول العَالم، وبرنَامج الأغذية العالمي، والجامعة الأميركيّة في بَيروت، وكشفَ التقييم عن وُجود هوة فادحة تفصل فقراء لبنان عن أثريائِه.

قُبَيل الحرب السورية التي يزعم الساسة اللبنانيون، أنها سببٌ رئيسي لإرتفاع مؤشر الفقر في لبنان، أشارت دراسة مشابهة أعدتها منظمة الأمم المتحدة عام 2008 حول مستوى الفقر، أن 28.5% من المواطنين اللبنانيين أي (مليون ومائة ألف نسمة)، يعانون  بشدة من الفقر، ويؤثر ذلك على تراجع سلامتهم الصحية، ولا يتجاوز دخلهم اليومي، الأربعةِ دولارات في اليوم الواحد.

وأشار التقرير إلى أن 300 ألف مُواطن لبناني يرزحون تَحت خطِ الفقر، ويعيشون بدخل دولارين في اليوم الواحد، وعاجزين عن تأمينِ احتياجاتهم الغذائية الرئيسية. وقد حَملَ التقريرُ لهجة قاسية بوجهِ الحكومة اللبنانية، حيثُ أنذرها من كارثة مستقبلية ستواجه مواطنِيها في حال لم تَخلق حلولاً تَحدّ من تفاقمِ كارثة الفقر.

عام 2016، أجرى “البنك الدولي”، بالتعاونِ مع الإدارة المركزية للإحصاء في لبنان، مَسحاً إقتصادياً لتقدير حجم الفقر، وخَلُص التقرير إلى أنَّ  واحداً من كل أربعة أشخاص لبنانيين، يعيش تحت خَط الفَقر، ويحصل على مبلغِ 260 دولار في الشهر. بهذا الشأن، فَإنَّ تدهور وَضع  مئات آلاف اللبنانيين مادياً، دفع فاعليات وأفراد للمبادرة وإطلاق مَشاريع إغاثية.

عن حملة “دفى”

حملة “دفى“، عمرها 3 سنوات. لاقت الحملة التي أطلقتها الإعلامية في تلفزيون “المستقبل” بولا يعقوبيان، قبل ثلاث سنوات، تفاعلاً واسعاً على شبكاتِ وسائل التواصل الإجتماعي من قبل صحافيين وناشطين ميدانيين، وسنوياً تحصد الحملة المزيد من التفاعلِ.

تُدير الحملة هالة عباد. ولقد حصلت “دفى” هذا العام على دعم لوجيستي من بنك مصر ولبنان، وستستمر الحملة إلى غاية اواخر شهر تشرين الثاني الحالي. لقد رفعت الحملة شعار، “من خيّرك ساعد غيرك”، ومن سماتها “تخطي الحواجز المذهبية والاثنية والجنسيات”.

تهدفُ الحملة الإغاثية، إلى مساعدة المحتاجين، أكانوا لبنانيين أم سوريين ام فلسطينيين وعائلات من جنسيات اخرى. وسنوياً، تستبق الحملة موسم الشتاء، الذي يعاني منه جُل الفقراء والمحتاجين، وقد إتخذَت الحملة مركزاً رئيسياً لها في ساحة الشهداء، ونشرت متطوعين لها في المراكز التجارية الكبرى الممتدة من شمال لبنان إلى جنوبه. وتسعى الحملة إلى تجميع ثياب وبطانيات وأدوات كهربائية وأدوية وكتب يمكن تقديمها للعائلات الفقيرة.

موقع “جنوبية” بدوره تواصل مع مسؤول العمليات في حملة “دفى”،  والناشط في المجال الإغاثي طارق ابو صالح، الذي تحدث عن أنّ الحملة تمكنت في سنتها اولى من مساعدة 12 ألف عائلة، وإستقطبت 150 ناشطاً ميدانياً. وفي السنة الثانية، تمكنت “دفى” من مساعدة 45 ألف عائلة. وتسعى في عام 2017 إلى مساعدة 100 آلف عائلة محتاجة.

إقرأ أيضاً: حملة «دفى» تجمع إعلاميين وناشطين لمساعدة الفقراء لبنانيين وغير لبنانيين

وحالياً، يَعمل في حملة “دفى” 350 متطوعاً، توزعوا على كامل الأراضي اللبنانية، والجديد في الحملة، تعاونها مع 140 مركزاً ومؤسسة، وافقوا على السماح للمتطوعين بالعمل لديهم، من أجلِ إستقبال التبرعات. 

وقد وسعت الحملة، عملها في الجنوب، على وجه الخصوص في منطقة صيدا، وصور، والنبطية، ومرجعيون، وتتعاون الحملة مع البلديات والفاعليات المحلية، من أجل رصد الفقراء والحالات المزرية في المناطق اللبنانية.

يقول أبو صالح، أن الحملة “لم، ولن تُميّز بين لبناني وسوري وفلسطيني ومصري، فإلى جانب هدفها الإغاثي، نسعى إلى توحيد الأفراد حول قيّم إنسانية سامية”. في السنة الماضية، وزعت “دفى” مليون قطعة ثياب على المحتاجين، وتطمح الحملة إلى رفع هذا العدد ضعفاً، من خلال دعوة الطلاب في المدارس والمعاهد والجامعات للتعاون معها. ويلفت ابو صالح، إلى انهم إستقطبوا ثلاثين متطوعاً من الضاحية الجنوبية، حيثُ بَاشروا بدورِهم رصدَ العائلات المحتاجة في المنطقة.

مبادرة فردية لإنقاذ الفقراء

“نقطة”، مشروع إغاثي، أطلقه الناشط زين ناصر الدين، بالتعاون مع إثنين من رفاقه. المبادرة الفردية التي أطلقها الشبان الثلاث، جاءت بعد تفاقم الشعور لديهم، بمآساة الفقراء الذين ينازعون يومياً في حياتهم المعيشية، ويرزحون تحت وطأة ظروف قاهرة. هذا الوضع السيئ لعشرات آلاف الأفراد يُضاف إليهِ عجز الأجهزة الحكومية في لبنان عن إغاثة الحالات الميؤوس منها إنسانياً، كان حافزاً للناشط ناصر الدين بتوسيع عمل “نقطة” وجذب المتطوعين للتعاون في نشاطه الإغاثي.

إقرأ أيضاً: فقراء لبنان: يصفقون للزعيم ويصمتون أمام الغلاء المعيشي وزيادة الأقساط

ويقول ناصر الدين في حديثه لـ”جنوبية” أن “نقطة” تهدف إلى مساعدة الفقراء والمحتاجين على الأراضي اللبنانية. وتعتمد بشكل أساسي على المساهمات الصغيرة، التي يمكن الإستفادة منها لإغاثة الفقراء، والحالات المعدومة مادية، ومساعدة المرضى العاجزين عن تأمين مستلزمات الإستشفاء. 

في السابق، اطلقت “نقطة” نشاطاً فنياً للأطفال في منطقة حرش بيروت، وحالياً، بدأت الحملة تتسلم تبرعات من مختلف المناطق، وتشمل التبرعات، الملابس والادوية والمواد الغذائية التي سيقومون بتوزيعها في القريب العاجل. 

وبحسب ناصر الدين لاقت خطوتهم دعم الناشطين، وإستطاعت نقطة التعاون مع الصيدليات التي قدمت بدورها أدوية، وقد تمكنت نقطة أيضاً من إستئجار منزل لعائلة محتاجة. 

وتحت شعار “حتى النقطة بتعمل فرق”، يستعد المشرفون على المشروع لإطلاق مَعرض للفنانة التشكيلية عفه مسيلب، وسيعود ريع الحفل إلى الفقراء والمحتاجين.

 

السابق
مفاجأة نيويورك تايمز: العادلي يشرف على التحقيقات مع الأمراء السعوديين
التالي
أسئلة حول الفطرة ومعنى الحياة وطرق الهداية الى الله