بعد اعلان عون أنّ الحريري محتجز: العلاقة اللبنانية السعودية تدخل نفقا مظلما

على طريق عودة الرئيس سعد الحريري المُرتقبة إلى بيروت، أطلق أمس رئيس الجمهورية ميشال عون جملة مواقف حادة تصعيدية بوجه السعودية بحيث بات يخشى أن يطيح هذا التصعيد احتمالات لاحت في الايام الاخيرة لاحتواء الأزمة.

الت  “الجمهورية” لبنان عالق في عنق زجاجة استقالة الرئيس سعد الحريري، وتائه داخلياً في دوامة العودة، وعاجز عن تحديد وجهة مسار الرئيس المستقيل، وتساءلت “هل سيبقى في السعودية؟ ام سيعود الى لبنان ومتى؟ ام سينتقل من الرياض الى باريس التي دعاه اليها وعائلته، الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وفق بيان لقصر الايليزيه امس، جاء فيه “بعد الحديث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والحريري، دعا ماكرون الحريري وأسرته إلى فرنسا” وأعلن الايليزيه انّ الحريري سيصل اليها في الايام المقبلة، موضحاً انّ هذه الدعوة ليست لـ”منفى سياسي”.

إقرأ ايضًا: ماذا بعد إعلان رئيس الجمهورية أن الحريري محتجز في السعودية؟

ورأت “النهار” أنه “لعله يكفي للدلالة على بلوغ أزمة استقالة الحريري وتداعياتها مرحلة بالغة الخطورة ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اضطر بعد دقائق من اعلان دعوته الرئيس الحريري الى باريس مع عائلته الى التوضيح الفوري ان الزيارة ستكون لايام وليست للمنفى السياسي!

والواقع ان الاحتدام التصاعدي للأزمة عاد يخيم فجأة على مجمل الوضع الناشئ عن هذه الأزمة بفعل اندفاع مباغت للغاية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون نحو تصعيد غير مسبوق بحدة للمواجهة المباشرة مع المملكة العربية السعودية بحيث يخشى ان يكون الموقف التصعيدي للرئيس عون قد أطاح احتمالات لاحت في الايام الاخيرة لاحتواء الازمة. ولم تقف المخاوف من موقفه عند حدود اطاحة التهدئة التي فرضتها المواقف التي اعلنها الرئيس الحريري في مقابلته التلفزيونية من الرياض ليل الاحد الماضي، بل تمددت في اتجاه أكثر اتساعاً وخطورة لجهة وضع العلاقات اللبنانية – السعودية امام مفترق شديد الخطورة في تداعياته الداخلية أولاً وتاليا العربية والاقليمية.

ذلك ان التصعيد جاء أيضاً وعلى نحو متزامن من ايران على لسان الرئيس الايراني حسن روحاني وبعيد من اعلان مواقف رئيس الجمهورية اذ هاجم روحاني “التدخل السعودي السافر في بلد كلبنان ودفع رئيس حكومته الى الاستقالة”، واصفاً ذلك بأنه “أمر غير مسبوق في التاريخ”، كما قال انه “من المعيب والمخجل ان يترجى بلد مسلم الكيان الصهيوني لكي يقصف الشعب اللبناني “.

على ما يقول احد المراجع لـ”الجمهورية”: “الوضع حسّاس ودقيق جداً لا بل خطير، وهو ما يوجِب التحَلّي بالحكمة والمرونة وبتغليب لغة العقل على ايّ انفعال تجنّباً لبلوغ الامور الحد الذي يصعب احتواؤه ولا تحمد عقباه”.

وقد أطلق الرئيس ميشال عون بحسب “الأنوار” عدة مواقف جاء فيها أن “لا شيء يبرر عدم عودة الرئيس الحريري الى بيروت بعد مرور 12 يوما على اعلانه من الرياض استقالته، وعليه، فإننا نعتبره محتجزا وموقوفا وحريته محددة في مقر احتجازه. وأشار الى أن هذا الاحتجاز هو عمل عدائي ضد لبنان، ولا سيما أن رئيس الحكومة يتمتع بحصانة ديبلوماسية وفق ما تنص عليه اتفاقية فيينا.

وقال: إن ما حصل ليس استقالة حكومة، بل اعتداء على لبنان وعلى استقلاله وكرامته وعلى العلاقات التي تربط بين لبنان والسعودية. ولفت الى ان دولا عربية تدخلت من أجل عودة الرئيس الحريري إلا أنه لم يحصل معها أي تجاوب.
وقد إستدعى كلام رئيس الجمهورية رد من قبل  الحريري بتغريدة قال فيها: بدي كرر انا بالف خير وراجع مثل ما وعدتكم، وحا تشوفوا، كما برز بعد الظهر اعلان وزير الخارجية جبران باسيل من ايطاليا مواصلة التحرك عن طريقة الاخوة مع السعودية لحل الازمة. واضاف إن لبنان يريد علاقات طيبة مع السعودية لكنه وصف وجود الحريري في الرياض منذ استقالته في الرابع من تشرين الثاني الجاري بأنه ليس وضعا طبيعيا.

كما  أشار النائب عقاب صقر إلى ان الرئيس الحريري سيغادر الرياض خلال 48 ساعة، وهو بالتأكيد سيعود إلى لبنان، كاشفاً عن جولة لديه إلى باريس، وبالتالي لا مشكلة مع المملكة على هذا الصعيد، قالت مصادر واسعة الاطلاع لـ”اللواء” ان عودة الرئيس الحريري باتت في مراحلها الأخيرة، وأن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح.. مشيرة إلى ان الرئيس الحريري طمأن في تغريدة له انه بألف خير” وأنا راجع إن شاء الله على لبنان الحبيب مثل ما وعدتكم وحاتشوفو”.

إقرأ ايضًا: اجتماع وزراء الخارجية العرب: مأزق لبناني جديد!

وتساءلت أوساط  نيابية عبر “اللواء” عن سبب تصعيد الرئيس عون، لجهة وصف تأخر عودة الحريري “بالاحتجاز” والعمل “العدائي”، معتبرة هذا التصعيد بأنه لم يكن لازماً، خصوصاً ان الرئيس الحريري آتٍ إلى بيروت، وهو لم يوقف لا اتصالاته ولا تحركاته.

وأعربت الأوساط عن خشيتها من ان يكون موقف بعبدا له علاقة باجتماع وزراء الخارجية العرب، واستباق لعودة الحريري، وبحث موضوع الحكومة ككل، والشروط التي وضعها الرئيس المستقيل في المقابلة التلفزيونية للعودة عنها، أو مناقشة ما يمكن فعله.

وكانت مروحة المواقف الأوروبية بحسب “المستقبل”  قد اتسعت أمس بشأن الأزمة اللبنانية، لتشمل في جديدها موقفاً بلجيكياً داعماً “لوحدة الجمهورية اللبنانية واستقرارها وسيادتها وأمنها” كما عبّر نائب رئيس وزراء بلجيكا ديدييه رينديرز مشدداً على “ضرورة تجنّب أي زعزعة للاستقرار في لبنان الذي تربطه بأوروبا بشكل وثيق علاقة صداقة قديمة وقيم مشتركة”، وختم بالقول: “رئيس الوزراء سعد الحريري كان مهندس التوازن السياسي وقد كُلّف نهاية عام 2016 تشكيل حكومة جامعة قامت بعمل مهم قضى بتفعيل عمل مؤسسات الدولة والتحضير للانتخابات العامة في ربيع 2018 (…) وآمل أن يتمكن من العودة إلى بلده مع عائلته في أسرع وقت حتى يتضح وضعه لما فيه مصلحة الشعب اللبناني والمنطقة”.

توازياً، تلقى الرئيس الحريري أمس اتصالاً هاتفياً من الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس، أعقبه الناطق باسم الرئاسة القبرصية بتغريدة على موقع “تويتر” أوضح فيها أن الحديث بين الرئيسين كان “قلبياً”، مرفقة بصورة لهما من زيارة الرئيس الحريري إلى قبرص قبل أسبوعين.

السابق
استقال الحريري فسالت الدموع على السيادة
التالي
«شؤون جنوبية» تناقش «أوضاع اللاجئين الفلسطينيين والسياسة اللبنانية اتجاههم»