زيارة الكاردينال الراعي الى السعودية لم تنه لُبس استقالة الحريري

لم تنجح زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى السعودية وما لاقاه من حفاوةٍ واهتمام لدى القيادة السعودية بازالة اللبس حول اقامة الرئيس سعد الحريري في الرياض الذي غرَّد بعد لقائه به في مقر إقامته: "يا جماعة أنا بألف خير، وإن شاء الله أنا راجع هل يومين خلّينا نروق، وعيلتي قاعدة ببلدها المملكة العربية السعودية مملكة الخير".

لم يكن كلام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من المملكة العربية السعودية التي اختتم زيارته التاريخية لها عصر أمس والذي وافق فيه على اسباب استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، إلّا ترجمة للتباعد القائم منذ فترة بين بعبدا وبكركي، والذي تجلى في اللقاء الاخير الذي جمع الراعي والرئيس ميشال عون، وقبله بيان مجلس المطارنة الموارنة في اجتماعه الشهري الذي أغفل الذكرى السنوية الاولى للعهد على رغم الضجيج الذي رافق المناسبة في لبنان. وبحسب “النهار” تفهم الراعي اسباب استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري ودعوته الرئيسين عون ونبيه بري الى تحمّل مسؤولية إيجاد حلول تسهّل عودة رئيس الوزراء المستقيل الى لبنان، عكست تناقضاً في الموقفين: موقف الراعي الداعي الى اجراءات معالجة الاسباب، وموقف رسمي يدعو الى عدم الاخذ بكلام الحريري لانه لا يعبر عنه بل انه ملزم قوله كما حاله في اقامة ملزمة له، وهو الموقف الذي يحمله وزير الخارجية جبران باسيل الى العالم لاقناعه بـ”تحرير” الرئيس الحريري وضمان عودته الى لبنان. وهذا الأمر حدا الحريري الى التغريد، للمرة الأولى منذ نحو عشرة أيام، قائلاً: “يا جماعة أنا بألف خير، وان شاء الله أنا راجع هل اليومين خلينا نروق، وعيلتي قاعدة ببلدها المملكة العربية السعودية مملكة الخير”.

اقرأ ايضًا: زيارة الراعي تواكب التحول السعودي.. لبنان أولاً وفوق كل المحاور

ومع ان زيارة الراعي الى السعودية لم تنجع بازالة الالتباس حول اقامة الرئيس الحريري في السعودية، فان صحيفة “المستقبل”  أشارت إلى انطلاق وزير خارجية لبنان جبران باسيل أمس في جولة أوروبية تهدف إلى استعراض المستجدات عقب استقالة رئيس الحكومة وإلى تكريس سياسة لبنان الخارجية في النأي به عن المشاكل “استيراداً وتصديراً”. وقال باسيل عقب لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس: “لبنان لا يريد إلا أن يعيش بسلام مع جواره في منطقته ومع جيرانه الأوروبيين، فلبنان يُصدّر السلام والثقافة والحوار ولا يُصدّر إرهاباً ولا عنفاً، هو لا يرسل مشاكل إلى الدول الأخرى ولا يود التدخل بشؤونها”.

وأضاف باسيل: “لبنان لا يزال مُصراً في هذه المرحلة على العلاقات الطيبة الموجودة مع المملكة العربية السعودية وعلى الإطار الثنائي الذي يسمح لنا بايجاد حل للمشكلة ويكون ذلك بعودة الرئيس الحريري (…) واليوم نحن وفرنسا ننتظر عودته للخروج من هذا الوضع غير الطبيعي فنفتح مرحلة جديدة من البحث عن الحلول للمشاكل التي تعترضنا”، مؤكداً رداً على أسئلة الصحافيين أنّ لبنان لا يريد “الأذى” للسعودية وأردف: “لا يمكن أن يُتّهم لبنان بإطلاق صاروخ من بلد ما إلى بلد آخر، ولا علاقة لنا به، وإن كان هناك مشاكل مع إيران فلتتم معالجتها مع إيران”.

وفي تقدير أوساط كنسية في بكركي لـ “اللواء” ان “زيارة الدولة التي قام بها البطريرك الراعي فتحت صفحة جديدة من علاقات الحوار والتعاون المسيحي – الإسلامي، مشيرة إلى ان الزيارة سوف تتابع بسلسلة من المبادرات لم تشأ الكشف عنها، وإن كانت معلومات رجحت ان يكون من بينها الإعلان عن عزم المملكة ترميم كنيسة أثرية تمّ اكتشافها وتعود لنحو 900 عام، على ان تكون هدية رمزية لحوار إسلامي – مسيحي واعد يُعيد تصويب البوصلة.

وكشفت هذه الأوساط، ان الراعي سلم العاهل السعودي مذكرة تمحورت حول موضوعي حوار الحضارات والتعاون المسيحي – الإسلامي وتحييد لبنان عن صراعات المنطقة ومحاورها وحروبها.

إقرأ ايضًا: مساعي لتبريد أزمة الإستقالة.. والراعي يؤكّد على متانة العلاقة مع المملكة

وبالنسبة إلى الوضع الداخلي، أوضح بيان صدر عن المركز الكاثوليكي للاعلام، ان الزيارة خلصت إلى دعوة ملحة لكل الأطراف اللبنانيين إلى التهدئة وتغليب منطق الحوار والتفاهم والتمسك بعودة الرئيس الحريري إلى لبنان، وهذا ما أثاره البطريرك الراعي مع المسؤولين السعوديين الذين التقاهم، معتبراً ان عودة الحريري ضرورة لاستئناف البحث مع رئيس الجمهورية ومجلس النواب وسائر القيادات في كيفية معالجة أسباب الاستقالة، وتجديد التزام المملكة بالعلاقات التاريخية القائمة مع لبنان، وتأكيدها دعم اللبنانيين من دون تفرقة، ووضع امكاناتها في سبيل مساعدة لبنان، بحسب ما جاء في البيان، الذي أشار إلى إيجابية الموقف السعودي تجاه القضايا التي طرحها الراعي، والت يتجلت بالحفاوة التي احاط بها المسؤولون السعوديون الزيارة.
اما لقاء الراعي – الحريري الذي تمّ في مقر إقامة البطريرك الماروني في قصر الضيافة، فقد استغرق قرابة نصف ساعة، وصفه الراعي بأنه كان جيداً.
ومساءً غادر الراعي الرياض بعد نزهة سياحية ثقافية، متوجهاً إلى روما، وقد توقفت طائرته في مطار بيروت لبعض الوقت، حيث نزل منها المطرانان بولس مطر وبولس عبد الساتر اللذان رافقاه في الزيارة، إضافة إلى الوفد الإعلامي، فيما تابع طريقه بعد ذلك على متن طائرة ثانية.

 

وقالت “الجمهورية”  “كانت كلّ مِن سوريا وإيران استبَقتا عودة الحريري المرتقبة بموقفين، فقال الرئيس السوري بشّار الأسد إنّ الحريري “ليس سيّد نفسِه وهو أُقيلَ ولم يستقِل”، فيما أعلنَت إيران أنّ الحريري أعلنَ استعداده للوساطة بينها وبين السعودية، الأمر الذي نفاه مكتب الحريري، مؤكّداً أنه لم يعرض التوسّط بين أيّ بلدٍ وآخر.

كذلك ردّ “تيار المستقبل” على الأسد ببيانٍ قال فيه: “هو آخِر كائن على الكرة الأرضيّة يحقّ له التحدّث عن سيادة النفس وحرّية القرار”. ودعاه إلى “الكفّ عن حشرِ أنفِه في المواضيع اللبنانية”، والتوقّف “عن بخِّ السموم في ما يَعني اللبنانيين وقضاياهم”.

السابق
جميل السيد: بعض العرب واللبنانيين كانوا دائماً ضد حزب الله
التالي
حين يصبح الكذب طقسا للتظاهر بالولاء