من جديد اللبنانيون في السعودية في خطر.. وهذه إرتدادات الترحيل على الإقتصاد اللبناني

الجالية اللبنانية
ما حقيقة إمكانية لجوء السعودية إلى إجراءات عقابية بحق لبنان تتمثل بترحيل الجالية اللبنانية عن أراضيها؟

أزمة إستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض، وما نتج عنها من توتر ساد لبنان منذ “سبتِ الاستقالة”، رافقها مخاوف من آثار جانبية سلبية وخصوصاً على الوضع المالي والاقتصادي. في ظل الحديث عن غضب سعودي حاد من لبنان جراء تحريف مسار التسوية السياسية – الحكومية بما يخدم مصالح إيران و”حزب الله”، وما رافق ذلك من تساؤلات حول كيفية تقديم الإستقالة والتأويلات والتفسيرات التي لا تزال تلاحق بقاء الحريري في الرياض وغموض مصيره أعطت إنطباع لدى اللبنانيين أن الأمور ذاهبة نحو الأسوء.

وقد أثيرت مخاوف من إحتمال إتخاذ “المملكة” خطوات تصعيدية بحق لبنان بسبب “حزب الله” وتدخلاته الخارجية، عبر ترحيل اللبنانيين المقيمين في السعودية. سيّما وأنه بعد قرار مجلس التعاون الخليجي القاضي بفرض عقوبات شاملة على “حزب الله” بات اللبنانيون يخشون ترحيلهم في أية لحظة.

اقرأ أيضاً: الاقتصاد اللبناني يترنّح ولا يسقط بعد استقالة الحريري

وتكثر الأخبار في اليومين الاخيرين عن ضغوطات يعيشها ابناء الجالية اللبنانية خصوصا المنتمين للطائفة الشيعية وتخوّف من ترحيلهم. كما وقد شملت هذه المخاوف اللبنانيين “المسيحيين” مؤيدي التيار الوطني الحرّ.
وهو الأمر الذي إستدعى تطمين وتأكيد من قبل القائم بالأعمال السعودي في لبنان وليد البخاري، أمس أن “الجالية اللبنانية في السعودية هي في وطنها الثاني ويتم التعامل مع اللبنانيين بكل احترام وتقدير”، مؤكدا “على احترام لكل الجاليات الذين يعملون في السعودية وللجالية اللبنانية محط اهتمام عند القيادة”.

وهي ليست المرّة الأولى التي يتمّ الحديث فيها عن ترحيل اللبنانيين المقيمين في الخليج خصوصا في السعودية عند كل أزمة تنشأ بين البلدين. ففي عام 2013، تم إبعاد كل من السعودية والإمارات، عدد من اللبنانيين لاسباب سياسية وقانونية وقيل حينها انها طالت البعض لتأييدهم سياسياً لـ”حزب الله”.
ومن جهة أخرى يدرج “حزب الله” الجالية اللبنانية في الخليج تحت خطر الترحيل دون الإكتراث أن هناك الاف العائلات اللبنانية تعتاش من التحويلات المالية من ذويهم في الخليج ودون الإلتفات إلى مدى خطورة تداعيات ترحيلهم على أوضاعهم المعيشية وعلى الإقتصاد اللبناني بشكل عام إذ لا يتوانَ الأمين العام لـ “حزب الله” في كل مناسبة على التهجم على السعودية وهو ما دفع عدّة مرات اللبنانيين المقيمين والعاملين في المملكة إلى التنصّل من كل هذه المواقف والإعتذار بهدف تسوية وضعهم لكي لا تطالهم الإرتدادات السلبية للهجوم من قبل السيد حسن نصرالله والحملات الإعلامية والسياسية على السعودية كما حدث عام 2015.
كما أنه في عام 2016 أثيرت المخاوف نفسها بعد دعوات سعودية شعبية بترحيل اللبنانيين (لم تلقَ صدا) بفعل السياسة الخارجية للحكومة اللبنانية مع إتخاذ وزير الخارجية جبران باسيل بغطاء حكومي حينها مقررات تضرّ بمصلحة لبنان في المحافل العربية سيّما عندما خرج عن مقررات الإجماع العربي التي صدرت في اجتماعي وزراء الخارجية العرب ومنظمة الدول الإسلامية.
وفيما أكثر من نصف مليون لبناني من مختلف الطوائف يعملون في دول الخليج، هل سيدفع هؤلاء ثمن الصراع السعودي – الإيراني في المنطقة وثمن تدخل “حزب الله” في حروب وصراعات خارجية؟ وكيف سيكون تداعيات هذا الأمر على الإقتصاد اللبناني؟

وفي هذا السياق، إستبعد الخبير الإقتصادي والاستاذ في الجامعة الاميركية في بيروت الدكتور مازن سويد أن تقوم السعودية بترحيل اللبنانيين “لجهة العلاقات التاريخية التي تربط لبنان بالمملكة، ولجهة الإحتضان السعودي لمئات الاف اللبنانيين المسالمين والغير المنتمين لأي حزب”. مشيرا إلى ” أنهم ذو قيمة مرتفعة للملكة سيما أن الأغلبية الساحقة منهم يعملون في مجالات الطب والهندسة والتكنولوجيا وهم ليسوا يد عاملة متدنية الأجر”. وتابع “وهم أيضا يشكلون قيمة مضافة أكثر لبلادهم حيث يحولون جزء كبيرا من التحويلات المالية إلى لبنان كل عام”.
مشيرا إلى أن “هذا الأمر إن حصل لا شك أنه مضر للبنان وللملكة وللعلاقات العربية المشتركة، إلا أنه أمرا مستبعدا إلى حدّ بعيد إذ أكّد أكثر من مسؤول سعودي رسمي على حرص المملكة على اللبنانيين المقيمين لديها”.

اقرأ أيضاً: ترحيل اللبنانيين رحمة للعالمين

وفي حال تأزمت الأوضاع ولجأت المملكة إلى هذا الإجراء تحدث سويد بشكل عام عن إنعكاس توقف التحويلات المالية على الإقتصاد اللبناني، بالقول ” أن بلدا كلبنان بشكل عام هو بلد إقتصاده منفتح، حجم الإستيراد لديهوأكثر بكثير من حجم التصدير، وبالتالي تمويل جزء كبير من العجز في الميزان التجاري يأتي من خلال التحويلات المالية لللبنانيين المقيمين خارج لبنان سواء في الخليج أو في أي دول أجنبية أخرى”.
وخلص سويد بالتأكيد “أن أي خسارة لهذه التحويلات لا يمكن تعويضها بطرق أخرى، وقد تؤدي إلى عدم قدرة لبنان على تمويل العجز بميزانه التجاري لناحية عدم وجود كفاية من العملات الأجنبية لشراء حاجاته الإسترادية وقد تؤدي إلى لجم الإستيراد، وهو ما يؤدّي حكما إلى تدهور في معدلات الإستثمار وبالتالي تدهور في معدل النمو”.
يبقى ان المخاوف اللبنانية من اجراءات خليجية ضد اللبنانيين في تلك الدول، احتمال قائم كلما ابتعدت التسوية وكلما لمست هذه الدول ان ثمة اصرارا من قبل حزب الله على المس بأمن تلك الدول من دون ان يلاقي هذا السلوك اي اعتراض او لجم لبناني رسمي له.

 

السابق
لهذه الاسباب خسر «كأس العالم» ايطاليا وخسرته
التالي
«بلديات الضاحية» يستكمل ازالة المخالفات ويعرض لانجازاته بعد «واقعة» حي السلم