د.حداد: السعودية مع استقرار لبنان الحريري شدّد على «النأي بالنفس»

انطوان حداد
توجهت الأنظار اليوم إلى الحدث الأبرز، بعد خروج الرئيس سعد الحريري عن صمته في مقابلة هي الأولى بعد خطوة الإستقالة التي أحدث إرباكا محليا وكما حظيت بإهتمام ومتابعة لدى الأوساط العربية والدولية. وبعد صمت دام أسبوعين دعا الحريري إلى ضرورة العمل بسياسية "النأي بالنفس" عن الصراعات الإقليمية والإبتعاد عن الحروب الخارجية.

وفي حديث خاص لموقع “جنوبية” قدّم نائب رئيس حركة التجدد الديموقراطيالدكتور انطوان حداد قراءة لمقابلة الحريري أمس، رأى أن “لهجة الحريري في المقابلة إختلفت عن خطاب الإستقالة من حيث الأسلوب واللهجة، لكنّ مع الاصرار على التغيير، ففيما إستخدم أسلوب هادئ ودبلوماسي، إلا أنّه عبّر عن المطالب نفسها المتعلّقة بإعادة التوازن سواء في الداخل أوفي الخارج مع التركيز أكثر على السياسة الخارجية من حيث النأي بالنفس عن نزاعات المنطقة وتحييد لبنان عن هذه الصراعات بمعنى آخر أن لا يكون هناك أطراف لبنانية متورطة في الحروب الخارجية وذلك بالاشارة مباشرة الى “حزب الله” ودوره في نزاعات وحروب المنطقة”.

اقرأ أيضاً: مقابلة الحريري تثير عواصف وعواطف: عائد الى لبنان لتقديم استقالتي!

ولاحظ حداد أن الحريري “كان أكثر تحديداً بعرض المطالب الممكنة التحقيق بنظره، فقد توقّف الحريري عند نقطتين محددتين بدقة – أوّلا ركز على دور الحزب في اليمن، -ثانيا- سعي “حزب الله” إلى دفع لبنان الرسمي بإتجاه التطبيع مع النظام السوري وتجاوب الرئيس عون وفريقه مع هذا المسعى”. مشيرا إلى أن هاتين النقطتين عبرتا عن خلل في التوازن الذي حصل تدريجيًا بالإنزلاق نحو الإنحياز بالمواقف والذي بدأ منذ أشهر من قبل الرئيس عون كمرجع رسمي أول في لبنان، إذ تخلّى عن مبدأ الحياد الذي إتبعه في بداية عهده في خطابي القسم والإستقلال وبعده في مناسبات عدّة. إلى حين حديثه عن سلاح “حزب الله” بالقول أنه حاجة ضرورية بسبب ضعف الجيش اللبناني، حتى تدحرج الوضع على ضوء التطورات السورية. وتابع  ان “أهم المحطات التي عبّرت عن عدم الحياد هي بزيارة وزير الخارجية جبران باسيل لنظيره السوري وليد المعلّم في نيويورك. وأخيراً حرب الجرود والصمت الرسمي عن تولي حزب الله القيادة الفعلية لهذه الحرب ووضع اليد عليها ومصادرة نتائجها لصالح أجندة الحزب وإيران بدلا من الجيش اللبناني الذي قدم التضحيات الأكبر إضافة إلى الصفقة المريبة مع “داعش”، ناهيك عن تصريح الرئيس الإيراني  روحاني بأن لا قرار يتخذ في لبنان دون علم إيران”.

ولفت إلى أن “كل هذا حدث بالتزامن مع تورط الحزب أكثر في حروب المنطقة تحديدا في اليمن، التي تعتبرها  السعودية حربا داخلية لكونها تقع على حدودها، وبالتالي لا طاقة لها على الإستمرار في التعامل مع لبنان كبلد محايد فيما “حزب الله” يقوم بضرب أمنها أوّلا ميدانيا عبر المشاركة في حرب اليمن، ثم إعلاميا إذ يتخذ الحزب لبنان منصة لإستهدافها”. وتابع “هذه الأمور حصلت بشكل تدريجي حتى طفح الكيل فلا السعودية قادرة بعد على السكوت وأيضًا الرئيس الحريري لم يعد يملك أي خيار آخر غير الاستقالة. وفيما  كان الأسلوب مع اعلان الإستقالة غاضبا وعنيفا إلا أنه كان في مقابلة الامس  أكثر هدوءا”.

وفي سؤالنا حول ما إذا كان للضغط الدولي دورا بتراجع النبرة،  قال حداد إنّه “كان هناك فجوة في إدارة هذه الخطوة تمثلت بالغياب الطويل للحريري في الرياض والتكهنات التي أسفرت عنه فيما إذا كان الحريري مسيّرا أو مخيّرا”. مؤكّدا أن “الحريري ربما لم يكن مخيرا بعنى أنه لم يكن لديه خيارا آخرا وهذا لا يعني بالضرورة أن هناك إملاء سعودي”. وأشار إلى أن “هذه الفجوات أدت إلى إستنفار دولي لمعرفة مصير الحريري، وعلى الرغم من أهمية هذا الموضوع بالنسبة للدبلوماسية الدولية إلا أنها لا تشكل لبّ القضية إذ ستعود حتما للإهتمام بالجوهر اي بأسباب الاستقالة”.

وعما سيحمله الحريري في جعبته عند عودته إلى لبنان، رأى أنه “لا يمكن التكهن هذا الأمر، إنما في القراءة المنطقية نرى إنه من الصعب جدا بالنسبة لديه أن يعود إلى نقطة الصفر أي الى ما قبل الإستقالة. فما وصلت إليه الأمور هي إما أن تصحح مسيرة التسوية الرئاسية، وإما نكون في أزمة مفتوحة”.

وفيما أصبحت الكرة في ملعب الفريق الآخر هل سيتجاوب مع شروط الحرير ي بالإلتزام بـ “النأي بالنفس” قال حداد إنه “إستنادا للتجارب السابقة نستطيع الإستنتاج أنه لن يتجاوب خصوصا أنه يعتبر أن وضعه تعزّز في الأشهر المنصرمة”.  وتابع “من هنا يجب توقع سيناريوهات تأزم أكثر من سيناريوهات حلحلة”.

اقرأ أيضاً: سعد الحريري…المقابلة المشروطة…الاسطوانة المشروخة!

وحول شكل هذه الأزمات، إستبعد ان تقوم إسرائيل بعدوان ما على لبنان، قائلاً إن “إسرائيل تعمل بحسب أجندتها الخاصة بها، إلّا إذا طالت الأزمة في لبنان وكانت معطوفة على تطورات غير مناسبة لها في سوريا. وهو السيناريو المستبعد في المدى المنظور. كما لا يسهل توقع حصول أما على صعيد الأمن الداخلي  نظرا للإختلال الكبير في ميزان القوى في لبنان”. أما على الصعيد السياسي “ففي حال لم يتمّ تصويب التسوية لا شك أن هناك أزمة حكومية وإنتخابية، فمن الغير المنطقي إجراء الإستحقاق قبل حلّ الأزمة بمعزل عن إمكانية إجرائها تقنيا”. أما المشكلة الأكبر التي لا يمكن الجزم حولها فهي لجوء السعودية ودول الخليج الى اجراءات اقتصادية تتصل بالتحويلات او باقامة العاملين اللبنانيين في دول الخليج، سيما أنه أكثر من نصف التحويلات التي تأتي إلى لبنان هي من منطقة الخليج والتي يعوّل عليها كثيرا بالنسبة للناتج المحلّي وميزان المدفوعات”. وخلص حداد بالتأكيد انه “لا يجزم أن الأمور ستصل إلى هذا الحدّ، ولكن لا يجب إستبعاده أيضًا في حال إستمر الوضع على حاله”.

السابق
البطريرك الراعي يصل إلى السعودية
التالي
غرائب في أحوال «الرئيس المغيب»