التوازن هو المدخل الحقيقي لتسوية ازمة رئاسة الوزراء في لبنان…

موقع رئاسة مجلس الوزراء ليس منصباً فخرياً، ولا موقعاً استعراضياً…فهو يمثل حضور ودور وقوة الطائفة الاسلامية السنية في لبنان، لذلك فإن كان وما زال هذا الموقع وكل من يتبوأه عرضةً للانتقاد والتجريح والهجوم والايذاء والاتهام وفوق كل هذا التعطيل الممنهج لدور هذا المجلس سواء خلال التأليف او في مرحلة العمل الحكومي..؟؟؟ منذ احتلال لبنان عقب اتفاق الطائف من قبل النظام السوري الديكتاتوري الذي بدأ العمل على تهميش وتسخيف دور رئاسة مجلس الوزراء وشخص الرئيس بشكلٍ خاص… بقرارٍ سوري وايراني من قبل ادوات سوريا في لبنان وحلفائها بل الاصح عملائها….فكانت المصطلحات والمفردات التي تتحدث عن ان دور رئاسة الوزراء محصور بتحقيق التنمية واستقدام المساعدات المالية العربية والدولية لتنمية لبنان.. في حين ان الامن والاستقرار وحمل السلاح هو مسؤولية الفريق المؤيد لنظام الاستبداد السوري والديني الايراني..هذه المساعدات كانت تخدم مشروع الهيمنة على لبنان اكثر منها لخدمة تنمية لبنان وكافة مكوناته…. في حين ان الدعم الايراني كان يصب لمصلحة فريقٍ واحد بفقط عينه دون سواه… على قاعدة ( ان ما لكم هو لي ولكم، وما لي هو لي وحدي فقط.)..؟؟؟؟

عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005، بدات مرحلة ثانية من التعاطي السيء والمسيء ليس لموقع رئاسة الوزراء بل لدوره وحضوره ايضاً، حيث تم تهميش دور مجلس الوزراء لمصلحة اجهزة امنية ومواقع خلفية تمسك بالسلطة الفعلية بحيث اصبح لبنان نظاماً امنياً، جزء اساسي منه ميليشيوي او يخدم مشروع ميليشيا طائفية مذهبية حاقدة مرتبطة بمحور دموي …تحت اسم المقاومة…

فكان حصار مجلس الوزراء لمدة تزيد عن عام ونصف خلال فترة الرئيس فؤاد السنيورة… ولم يكن الحصار لاسقاط الحكومة بل لتهميشها وتعطيلها بالتكافل والتضامن بين حزب الله ونبيه بري والتيار الوطني الحر…وصولاً الى واقعة وغزوة يوم السابع من آيار/مايو عام 2008… حين اجتاحات العصابات المسلحة الكيان والوطن مستهدفةً كياناً لبنانياً ومكوناً لبنانياً بشكل حصري الى جانب الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ومنطقة الجبل..؟؟

وعند تشكيل اية حكومة كان وما زال السيناريو المتبع هو تاخيرالتشكيل اطول مدة ممكنة وابقاء لبنان دون حكومة لاقصى فترة زمنية….. الرئيس نجيب ميقاتي اتى لرئاسة الحكومة بقرار سوري وتعاون بري – حزب الله، ومع ذلك استغرق تشكيل حكومته اشهر..؟؟ والرئيس تمام سلام تسلم سدة الرئاسة الثالثة، بتفاهم محلي واقليمي، وكذلك الامر اشهر عديدة مرت قبل تشكيل الحكومة لاسباب مجهولة – معلومة… ولكن خلاصتها تفيد باننا نحن اتباع محور ايران نقرر متى يتم تشكيل الحكومة ومتى تسقط…وهذا ما جرى مع الرئيس الحريري، الذي تبوا الرئاسة الثالثة بتفاهم اقليمي، ثم تم اسقاط حكومته بعبارة شهيره اطلقها احد المتباكين على غيابه اليوم… حين قال…(يدخل الحريري البيت الابيض للقاء الرئيس الاميركي رئيساً ويخرج مستقيلاً..)..

تم اغلاق المجلس النيابي بقرار اقليمي وباداء محلي لتعطيل حكومة الرئيس السنيورة وعدم تمرير الميزانيات الحكومية الذي استمر لسنوات طوال، هكذا ودون مبرر…. فقط لتهميش موقع الرئاسة الثالثة ومن ثم لاتهامها بالفساد… وتوج الاتهام باصدار كتاب (الابراء المستحيل)….

ثم تم اغلاق المجلس النيابي بوجه انتخاب رئيس للجمهورية لمدة سنوات… الى ان تمت التسوية الرئاسية التي توجت بانتخاب الجنرال عون رئيساً للجمهورية…والرئيس الحريري لرئاسة الوزراء…. الهدف من التسوية التي رعتها دول اوروبية هو اعادة انتاج مواقع السلطة اللبنانية والخروج من دائرة الفراغ التي تهدد استقرار لبنان بل استمراره وديمومته في خضم الصراعات المسلحة التي تعصف بدول المنطقة…وخلال هذه الفترة القاتمة من تاريخ لبنان امعنت الاجهزة الامنية والميليشيات المسلحة في وضع يدها على الوطن ومؤسساته وفي ممارسة سلطة امنية تماثل نظيرتها في سوريا…؟؟

عام مضى على هذ التسوية ماذا جرى خلال هذا العام….ما الذي تحقق حتى الان…؟؟

قانون انتخابي هجين، لا يعرف من اعتمده كيف يشرح حيثياته وتفاصيله لجمهور اللبنانيين..ولكن الهدف المعلن واخفي لهذا القانون… هو اضعاف حضور ودور الطائفة السنية عبر تشتيت اصواتها.. ومنعها من تحقيق حضور وازن… وهذا ما اشار اليه الكثير من النقاد والسياسيين والصحافيين وخاصةً من اتباع محور الشر الايراني….حتى يتم التحكم بموقع رئاسة الوزراء اكثر فاكثر…..

استغرق حزب الله في الانخراط المسلح في كافة الدول العربية التي ترى ايران ان لها مصلحة في زجه بها….. (سوريا، العراق، اليمن، البحرين وغيرها) سواء بالحضور المسلح او بتامين الملاذ الآمن لبعض عناصرها في لبنان… الى جانب تامين الحضور الاعلامي الواسع من محطات فضائية واقامة ندوات ومحاضرات واستقبال بعثات…؟؟ دون ان تحرك الاجهزة الامنية ساكناً وكان هذا التصرف لا يسيء للبنان او لمكون لبناني، في حين كان يجري العكس مع جمعيات خليجية وعربية في مطار بيروت او المعابر الحدودية… والحكومة غائبة.. لا دور لها مطلقاً…ويكفي التحقيق مع الجمعيات الخيرية حول مصادر تمويلها… لكن حزب الله لا يسأل ابداً..؟؟؟؟؟

تم حصار مخيم عين الحلوة بجدار اسمنتي على غرار ما تقوم به اسرائيل في فلسطين المحتلة…دون قرار سياسي وبتمويل مجهول… وعند مراجعة كافة السياسيين والمسؤولين يقولون لا علم لنا ولا علاقة لنا…؟؟؟؟؟ من المسؤول….؟؟

آلاف القتلى من حزب الله واكثر من عشرة آلاف جريح، ومليارات الدولارات تم انفاقها على انخراطه في الحرب هنا وهناك…؟؟؟ من يحاسب حزب الله وقيادته.. لا احد…؟؟؟؟

إقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: الحريري وحده قادر على اتخاذ القرارات الحكيمة

التعيينات الادارية وغيرها المجحفة بحق الطائفة السنية والالتزام بيوم السبت عطلة…وكاننا في مجتمع يهودي مع الاسف.. اظهر مدى استهداف حضور ودور هذا المكون الاساس في التركيبة اللبنانية…

غياب الرئيس الحريري واعلان استقالته من الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية… هي رسالة واضحة لكل لبنان وخاصةً من يتباكى او لا يعرف بواطن الامور… ان موقع رئاسة الوزراء هو للطائفة السنية ويجب ان يكون محترماً يلعب دوره وفق الدستور والقانون…. لا وفق اهواء وزير او مدير عام او طامح الى موقع او مسؤول امني …

ملاحظة..”خلال ازمة تشكيل الحكومة العراقية، وحين تم طرح اسم اياد علاوي لرئاسة مجلس الوزراء العراقي”… قال احدهم في العراق.. (رئاسة الوزراء في العراق للشيعة وليس لاي شيعي..) وهذا هو الحال يجب ان يكون في لبنان..

كل المواقع يجب ان تكن وطنية في ادائها وادارتها.. ولكن حين نصل لاختيار من يتسلم زمام الموقع يجب ان نحترم واقع التركيبة الطائفية طالما ان لبنان هذا هو حاله… وهذا يسري على معالجة او مقاربة كافة المشاكل والازمات والممارسات.. وسلاح الميليشيات والتدخلات المسلحة دون حساب او عقاب هنا وهناك…جريمة هنا تستدعي الضرب بيد من حديد وجريمة هناك لا يتم معالجتها بل حتى نشرها في وسائل الاعلام… ؟؟؟

لا يمكن ان نقبل بعد اليوم بسياسة الاستعلاء الاستعداء والتجاوز والتطاول.. ما يقوم به حزب الله وحليفه وحلفاؤه تجاوز كل حدود من استهاف اهلنا في سوريا قتلاً وتهجيراً والتطاول على الدول العربية واتهامها بالتكفير وما الى هنالك من مصطلحات وعبارات وعناوين تحريضية لا تؤسس الا الى فتنة وصراع بين مكونات المنطقة.. والرايات اتي ترفع والشعارات التي تطلق تكفي للدلالة والاشارة، ومن يتجاهلها يكون كمن يتخفى خلف اصبعه او اصابه العمى…..

إقرأ أيضاً: عون ونصرالله واستقالة الحريري

موقع رئاسة الوزراء واحترام الطائفة السنية وحلفائها واهلها في كل مكان وفي سوريا اولاً.. هو المدخل الحقيقي لتسوية ازمة لبنان ورئاسته الثالثة… وهذه الرئاسة هي المدخل الحقيقي للتعاون مع الدول العربية… وليس العكس… وتسوية بنود التسوية التي ادت الى هذا الخلل ووصولنا الى هذا الواقع حل لا بد منه والا ليبقى لبنان دون رئاسة ثالثة التي لا حاجة لها.. طالما ان نصرالله ينفذ ما يريد مع حلفائه دون عودة للسلطة السياسية وبتجاهل كامل للواقع اللبناني وهشاشته …

الرئيس الحريري ليس مخطوفاً ولا محجوزاً بل ما قام به هو موقف وقرار يحظى بالتاييد والرعاية ويؤسس لتصحيح الواقع السيء الذي يهدد استقرار لبنان.. والمعالجة الحقيقية هي في اعادة التوازن …. التي تؤسس لمرحلة جديدة…

 

السابق
بولا يعقوبيان: لهذا لم يذهب معي فريق تلفزيون المستقبل
التالي
ماذا يعني أنّ السعودية طلبت من اسرائيل ضرب حزب الله