24 ألف متعاطٍ للمخدرات بينهم تلامذة وجامعيون: الاسباب كثيرة والنتائج كارثية

المخدرات إيران
الوضع الاجتماعي المتردّي وتفسّخ العلاقات بين أفراد العائلة، وغياب فرص العمل وعدم اهتمام السلطة بمستقبل الشباب، يدفع بقسم من الشباب إلى تعاطي المخدرات، والاستسلام للوهم والشعور بالهلوسة.

يقول حسام وهو أحد المتعاطين سابقاً: أن الظروف المعيشية والبطالة وعدم وجود حاضنة لفئة الشباب في المجتمع وعدم وضع خطة لفهم حاجات الشباب من قبل الدولة وتأمين فرص عمل لهم، وبالتالي إشغالهم بأمور ثقافية واجتماعية وفتح آفاق للتعبير عن أهوائهم وتطوير مواهبهم وميولهم.. كلها أسباب تجعلنا نميل إلى الانحراف في ظل سلطة لا تلتفت لحاجاتهم ولا تستفيد من الطاقة الشبابية التي يخسرها الوطن.
فالبعض يهاجر الى بلدان تضمن لهم حياة كريمة والبعض الآخر يبقى متقوقعاً ويلجأ إلى الإدمان نتيجة للإحباط واليأس الذي يعيشه.. ويضيف: بدأت تجربتي أولاً مع الحشيشة إلى أن تطورت شيئاً فشيئاً إلى أشكال وأنواع أخرى مخدرة ولأننا مجتمع ما زال يفتقر لثقافة معرفة الأمراض النفسية ويعتبرها بمثابة مس من الجن أو خرافات وشعوذة.. فإن عدم فهم المجتمع لمشكلتي جعلني أشعر بالوحدة فأقدمت على تعاطي المخدرات وأحاول أن أنسى معاناتي نوعا ما.

اقرأ أيضاً: لتغيير استراتيجية مكافحة المخدّرات وإنهاء ظاهرة المخبرين في المستشفيات

مجموعات
ويضيف: كانت عمليات التعاطي تقام ضمن مجموعات كبيرة من الشباب في منزل أو مكان مغلق في إحدى القرى الجنوبية.. وتعرضنا إلى عدة مداهمات من قبل قوى الأمن الداخلي وتعرضت أنا للإعتقال عدة مرات.. ولكن لبنان بلد الوسائط والعجائب.. “فبواسطة وزير أو نائب تخرج متل الشعرة من العجينة”.
أما اليوم فأنني أقلعت عن إدمان المخدرات واستطعت التخلص منها قبل أن يتفاقم الوضع أكثر وابتعدت عن جو التعاطي بشكل جذري.
وتشير احصائيات الى ان مشكلة انتشار المخدرات وتعاطيها تطال الشباب بما فيهم تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات والذي بلغ عددهم في لبنان عدّة آلاف، وإنْ كان الرقم الوطني المُسجّل لدى وزارة الصحة يشير إلى 24 ألف فقط، فالأخطر أنّ 3.5% من المدمنين عليها هم طلاب في المدارس حسب دراسة أعدّتها “المؤسسة الدولية للمعلومات”. ولذلك أخذنا آراء (العيّنات) من شباب حول إطار هذه الظاهرة، تتراوح أعمارهم بين الـ18 والـ25 سنة.

ترابط الاسباب والنتائج
وترى زهراء شحيمي أن الاسباب والنتائج وليدة بعضها ومترابطة، ومنها أن رفاق السوء والبيئة غير السليمة والهروب من الواقع المزري وقلة الوعي والبطالة كلها تشكل أسباباً أساسية تؤدي للتعاطي. وإن وجود خطط وسياسات من قبل الدولة للحد من هذه الظاهرة ليس كافياً، ففي بلد لا يطبق فيه القانون على الجميع وفي ظل الفلتان الأمني وتغطية بعض السياسيين تجارة المخدرات والتغطية عليها أزمة لا شك بأن حلها يكمن في ضرورة تغيير الطاقم السياسي من جذوره فيما يسير الجمهور وراء الزعيم بشكل أعمى.
ومن الطرق المجدية للحد من هذه الظاهرة هي معرفة الأسباب والعمل لوضع خطة تسهم في معالجتها وعبر التوعية الصحيحة وملاحقة التجار وتسليمهم للقضاء المختص.

مجلة شؤون جنوبية 165

تقليد رفاق السوء!
أما أحمد عطوي فيقول: أن من أهم الأسباب التي تدفع الفرد إلى التعاطي هي: تقليد الآخرين والرغبة في مشاركتهم اللحظة، تخفيف شعور الانزعاج ونسيان المعاناة والهروب من واقع صعب، غياب إهتمام الأهل، الحشريّة وحب التجربة، الرغبة بالوصول إلى أحاسيس قصوى.
ويضيف: لا شكَّ في أنّ سن القوانين طريقة فعّالة للحد من تعاطي المخدرات، لكن يبقى السؤال: هل سيتوقف المدمن عن التعاطي إذا ما سُجِن وذلك مع غياب الدولة والرّقابة والفلتان والمحاسبة القانونيّة على جميع المتعاطين ومن دون تمييز بين متعاطٍ مدعوم سياسيّاً تخفّض عقوبته ويُحرّر ليكمل ما بدء بهِ، وبين متعاطٍ عادي غير مدعوم لا يُنظر إليه وإلى الظروف التي أوصلته لما هوَ عليه.
وبرأيه هناك عدّة وسائل يمكن أن تُستعمل لعلاج ظاهرة الإدمان كتكثيف الحملات التوعويّة وتنشيط دور المؤسسات التربوية في الدولة والرقابة المشددة على الحدود للحدّ من دخول هذه المواد.
أما نادين محفوظ فتقول: إن المشاكل العائلية ورفاق السوء والمشاكل الشخصية هي أسباب أساسية للميل إلى التعاطي.
وإن سن القوانين سوف يحد من تعاطي المخدرات ولكن ليس بطريقة فعالة مئة بالمئة لأن الذي يريد تعاطي المخدرات لا شيء يقف أمامه وسوف يخترع ألف طريقة مستترة للتعاطي وبالتالي، فإن الوسيلة هي معرفة السبب الذي دفع الشخص إلى تعاطي المخدرات والعمل على معالجة جذور السبب أو الأسباب التي جعلته يتعاطى، إضافة إلى ذلك، يجب إقامة دورات توعية بهذا الشأن.

فراغ قاتل
ويلخص مصطفى بندر أسباب التعاطي بالمشاكل التي يعاني منها الشباب كالبطالة، الفراغ القاتل، كثرة المشاكل والهموم وسوء التربية، عدم القدرة على التحمل والتصدي إلى المشكلات.. وأنه إن لم يكن هناك متابعة ومراقبة فعالة ومؤسسات تعليمية هادفة للمجتمع فإن سن القوانين حبر على ورق.
ويضيف: إن التعاون بين العائلة والمجتمع والدولة ضرورة لمراقبة المؤسسات التعليمية والمجتمع الذي ينخرط فيه الشباب في المدرسة أو في المنطقة السكنية، وبالتالي يجب وضع برامج خصوصية لكي تعيد دمج المدمنين وتحويلهم إلى مواطنين صالحين.

انعدام التوعية
أما جميلة بزيع فتصف عدم وجود ثقافة واضحة حول مخاطر المخدرات بشكل مفصَّل وانعدام المراقبة بأنهما ذوا أهمية، وبالتالي فإن وضع القوانين كحبر على ورق ليس حلاً ملائماً، إلا إذا كان هناك تطبيق.
وتضيف: بالإعتماد على التوعية والارشاد لإدراك المخاطر على جميع الأصعدة، وإن فرض ضرائب أو دفع غرامة مالية باهظة هي آلية يمكن استخدامها ليبتعد الفرد عن مثل هذه الظواهر المميتة.
وتؤكد ديما فياض أن الأمراض النفسية غير المعالجة والخلفية العائلية أو السوسيو – اكونومية الداكنة والضغط من قبل الرفاق هي من أهم الأسباب التي تدفع بالشباب إلى التعاطي. وبالتالي يملي الواجب ضرورة توعية المجتمع على ضرورة معالجة الأمراض النفسية للمتعاطي والتوجه خصوصًا إلى الفئات المعنية وإظهار التفهّم بدل اللوم.

اقرأ أيضاً: مقارنة بين احصائيتين للمتعاطين بين 2011 و2016: زيادة في عدد الموقوفين والادمان يرتفع

تقصير الاهل
ويرى جهاد حدرج ان تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات سببه الأهل لعدم فهمهم لأولادهم والتعامل معهم بأسلوب قمعي والاكتفاء بالقول ممنوع وحرام.. فالكبت الناتج من الأهل حيث كل شيء ممنوع دون تفسير منطقي، يسبب الانحياز للإدمان وبالإضافة إلی عدم تفهم عقلية المراهق التي تتمثل بصورة واضحة عبر رفضه لعادات وتقاليد المجتمع. فيجب أن يكون هناك قانون رادع وحملات توعية عبر المدارس والجامعات ووسائل التواصل الاجتماعي. والعلاج يكمن عبر معالج نفسي في مراكز تختص بهذا الشأن.
وتضيف جينان يوسف أن هناك أسباباً عديدة كالبطالة وغياب فرص العمل، وجو الأسرة المتفكك وتزايد حالات الطلاق في البيئة التي يعيش فيها الفرد في مجتمع متخلف يلعب دوراً أساسياً، وبالتالي الرفاق والتجمعات في المقاهي الليلية وأسباب نفسية يسعى الفرد للتخلص منها بالتوجه لتعاطي المخدرات، ويبدأ تدريجياً الوصول إلى الإدمان، وأحياناً السفر والابتعاد عن الأهل مثلاً في دول أجنبية أو فشل قصة حب تؤدي بالمراهق الى الضياع وليس هناك من حل جذري، وعلى الدولة توعية الشباب بصورة أفضل وإقامة ندوات وتأمين الراحة للشعب للحد من تعاطي المخدرات، توعية الشعب من خلال إقامة ندوات وجمعيات خاصة لشرح مدى خطورة المخدرات على الإنسان، إقامة نوادٍ ترفيهية للشباب وتأمين فرص عمل لهم وتحسين الظروف المعيشية.

تجاهل القوانين
ويقول هادي بستاني إن رفيق السوء يدفع باقي رفاقه لتجربة هذه المواد ويضيف لست أعلم إن كان القانون وسيلة فعالة للحد من هذه الظاهرة التي تفتك بشبابنا وأعتقد أنه من خلال حملات التوعية تتقلص المشكلة.
ويوافقه الرأي حسن عجمي إذ يقول أن الأهل غير مواكبين لحياة أبنائهم والقانون في لبنان محض حبر لا يطبق ولا يعمل به ولا يحاسب المروجين لهذه المواد المخدرة.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 165 خريف 2017)

 

السابق
عودة المسلمين إلى العصبية القبلية
التالي
جعجع يقدم الحل للذين يذرفون الدموع على غياب الرئيس الحريري