حزب الله والسعودية يقسمان المستقبل

منير الربيع

لا يحسد تيار المستقبل على الوضع الذي وجد نفسه فيه. يجهد المستقبليون من خلال البيانات الصادرة عن اجتماعاتهم المفتوحة للخروج بمواقف واحدة أو موحّدة، لكنهم لا يفلحون. حالة التضعضع أكبر من أن تلملم، والمسهم الأساسي فيها هو غياب المعلومات الدقيقة عن حقيقة ما حصل، ومصير الرئيس سعد الحريري، موقفه، ورؤيته للأيام المقبلة.

لم يعد خافياً حجم الأسئلة والتشكيكات بشأن ما يحصل. هذه الأسئلة تنعكس خلافات بين تيارات داخل التيار، حيث ثلاثة مراكز قوى. واحدة تريد الهدوء والحفاظ على التسوية والاستقرار، وغير مستعدة للتنازل عما تحقق من التسوية الأخيرة؛ ثانية تؤيد الاستقالة والتصعيد وتعتبر أن ثمة ضرورة للتراجع عن الخطأ الذي ارتكبه الحريري والدائرة المقربة منه؛ وثالثة صامتة تفضّل الانتظار ريثما تنجلي الصورة.

هذا التضعضع الذي يعيشه التيار الأزرق ينسحب على مواقف النواب والكوادر، وينعكس على التوجيهات الإعلامية لديه. منذ الاثنين الماضي وجلسات كتلة المستقبل مفتوحة، ولم تخل من الخلافات والاختلافات. في جلسة الثلاثاء، حصل خلاف بين حراس التسوية ومعارضيها. تولّى مدير مكتب الرئيس الحريري، نادر الحريري، توجيه اللوم على النواب الذين خرجوا بمواقف تصعيدية، واعتبر أن ليس من شأنهم الكلام عن الأزمة، وعليهم الإلتزام ببيانات التيار والحفاظ على التسوية والاستقرار. كان نادر الحريري يغمز من قناة الرئيس فؤاد السنيورة وعدد من النواب المعارضين لعون أبزرهم أحمد فتفت. جبه الحريري بشبه انتفاضة، إذ اعتبر المستهدفون بكلامه أنهم يدافعون عن الحريري في مواقفهم التصعيدية، ولا يمكن للمستقبل الوقوف بوجه السعودية، وما يفعله مريدو التسوية، يعني الإنقلاب على الثوابت، وإدارة الظهر للسعودية. وهذا ما لا يمكن أن يرضوا به، ومن واجبهم حماية الحريري.

إقرأ أيضاً: خطاب نصرالله: إعلان مواجهة أم مراوحة؟

في اجتماع الخميس، الذي اعترته التباسات عدة، تجددت الخلافات، وعدد من النواب فضّل عدم الحضور، كفتفت الذي كان يعلن موقفاً تصعيدياً يلاقي التصعيد السعودي، ويختلف عن بيان الكتلة، الذي اعتبر البعض أنه يسهم في حشر السعودية، ويخدم وجهة نظر حزب الله. لكن اللافت على طريق التخبّط المستقبلي، هو أن الإعلام الرسمي للمستقبل نشر كلام فتفت التصعيدي. الإلتباسات التي اعترت مواقف الكتلة اضطر السنيورة إلى توضيحها في موقف تصعيدي آخر في صيدا، لإعادة التوازن إلى الخطاب السياسي. لكن، وفق مصادر متابعة، فإن الإنقسام داخل التيار لا يزال قائماً، وضغط المجموعة المتمسكة بالتسوية فعل فعله وأدى إلى إصدار هكذا بيان، توّلت النائب بهية الحريري تخريجه، تحت شعار حماية سعد والتمسك بأنه الزعيم الوحيد للتيار. وهذا ما فسّر بأنه محاولات استباقية ونافية لكل الكلام الذي يتحدث عن إمكانية إبراز دور جديد لبهاء الحريري.

الأكيد، أن لا أحد في تيار المستقبل يمتلك معطيات وافية بشأن حقيقة الوضع وما يمكن أن يحصل في المستقبل. البعض يفضّل “تحييد رأسه” عن المقصلة الآتية التي تشير إليها المعطيات التصعيدية في الكلام السعودي. فيما البعض الآخر يفضّل التحليل لقراءة الآتي والتماهي معه، على قاعدة أنه لم يعد في الإمكان السكوت. وما بين المنزلتين ثمة صراع صامت داخل المستقبل، هو ترجيح كفة على أخرى. وتزامن ذلك مع تعميم جو إعلامي عن أهمية التضامن مع الحريري في كل المجالات وعلى كل وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا ما أرفق بأغنية جرى توزيعها وتعميمها للتداول بها بكثرة. وهنا يتهم المعارضون للتسوية مريديها بأنهم عملوا على تسويق ذلك لتشكيل رأي عام ضاغط على السعودية، لإعادة الحريري والعودة عن الاستقالة والتصعيد.

إقرأ أيضاً: نصرالله يتغزل بالحريري ويتهكم على السعودية ويترقب المواجهة

في المقابل، يراهن المعارضون على استمرار الضغط السعودي لإعادة تثبيت التوازن، ولإعادة تحجيم التسوويين، عبر إعادة إنتاج خطاب تصعيدي معارض لدى المستقبل. وهنا، تنقسم وجهات النظر، فمن يتمسك بالاستقرار والتسوية ويتخذ مواقف تراجعية، يصفها معارضوهم بأنها تخدم حزب الله، إنما هدفها حفظ رؤوسهم، لأنهم يتوقعون حصول تطورات كبيرة، وحزب الله لن يسكت عنها، وبعدها قد تدخل وساطات وتسويات. بالتالي، لن تستطيع السعودية تحقيق النتائج التي ترفعها، وقد تتركهم في منتصف الطريق، كما حصل في اليمن أو سوريا. بالتالي، خوفاً من ردة فعل حزب الله عليهم، وحرصاً على أدوارهم، يفضلون الوقوف على الحياد والانتظار، وعدم التورط بمواقف كبيرة. فيما المعارضون يتحمسون بشكل زائد، ويعتبرون أن التصعيد السعودي والدولي كبير جداً، ولن يكون هناك تراجع بلا تغيير في قواعد اللعبة. وهذا من شأنه تعزيز وضعياتهم. وهم يعتبرون أن المرحلة المقبلة، ستشهد نهاية وجوه سياسية كثيرة من التسوويين، الذين أخطأوا وعليهم الاعتراف بالخطأ وتحمّل مسؤوليته.

السابق
اللواء ريفي وزوجته يدعيان على مواقع الكترونية وعلى الإعلامية ديما صادق
التالي
لعبة القوميّة أو دمار العراق