الحريري في المملكة صحيح، لكن الصحيح أيضاً أن بقاءه في لبنان بعد توافر هذا الكم من المعلومات التي تهدّد سلامته في ما لو حاول التخلي عن المهمة التي أرادتها له إيران ورفضها الحريري بعد أن أفتُضح أمرها هو الجد خطير.
الحريري إذاً، بعد أحد عشر شهراً من المعاناة مع من أجرى معهم تسوية يفترض إنها وطنية، قدم إستقالته والأسباب واضحة وجلية لكنها في الوقت نفسه أربكت القابض على الجمهورية، أربكته لأن بديل الحريري بعد الإعتراض العربي بات شبه مستحيل وشر مستطير.
الحملة مستمرة لكن المفاجأة أكبر، وكل محاولات حزب الله هي بإتجاه تشويه صورة الرئيس والضغط بإتجاه تخوينه أو الإيحاء بأن المملكة العربية السعودية اختطفته واختطفت قرار طائفة بأكملها، هو أمر يدرك جميع اللبنانيين أنه ملفق ومختلق وغير مقبول.
اقرأ أيضاً: هل يستطيع لبنان طلب تدخّل دولي لجلاء حقيقة «إقامة» الرئيس الحريري في السعودية؟
أما محاولة التخوين التي سينتقل إليها لاحقاً وبشكل مركز حزب الله الحيران فهي مردودة عليه، ذلك أن العمالة أو الخيانة إن كانت على شاكلة ما يقوم به الرئيس من تضامن وتعاون مع دولة عربية شقيقة ضد أي إعتداء فاضح ومعلن يقوم به معتد أثيم عتل شرس زنيم عليهم، لهو فخر لكل عربي وسيلقى الحريري عليها كل الإحترام والتقدير، نعم سعد رفيق الحريري وتياره عملاء عرب وسيتعاونوا مع السعودية ومع ال20 دولة عربية أخرى ضد أي محاولة خارجية لزعزعة إستقرارها.
اما إيحاء إيران وحزب الله بأن تدخلهما في الدول العربية هو لصالح شعوبها، فتلك حجة لا تمر على أحد لأنها وبالتجربة تمسكنت حتى تمكنت وعندما تمكنت تخلت عنهم، أو هي أبقتهم متاريس تحمي وتأمن بهم مصالحها.
اقرأ أيضاً: الحريري وحرب الصقور: السبهان-حزب الله
حزب الله تابع لدولة غير عربية يفرض شروطها عليهم، هو يتنقل بين دولة وأخرى متدخلا في شؤونها الامنية، يتباهى ويتفاخر بأنه يسيطر على عواصمها، يتجول على أراضيها بسلاحه، يستبيح مؤسساتها ويحرض على حكوماتها، ولا ندري عما إذا كان القول أن مهمته أخلاقية دينية سينقذه، فالحديث المبالغ فيه عن هذا الامر مغلوط لان ما يدعيه غير موجود في كثير من الدول التي إنتقل أو تسلل إليها أو إقتحمها محارباً وغازياً أو متخفياً.
اسلوب الصيد هذا لن ينجح، لن تنجح فكرة أن تمد الشبكة فوق العشب الاخضر، ثم تبدأ بإصدار اصواتاً يشبه نداء السعادة فتأتي الطيور وحين يصير الكل تحت الشبكة، ترميهم بحجارة لإخافتهم، فتقفز جميعها في الهواء وتعلق في الشباك، خدعة خبرها سعد، لقد مزق مرة أخرى شباكهم فهم اليوم أكثر من اي وقت مضى مصدومين.
