هل يكون تغييب الحريري مدخلا لازدهار التطرّف في لبنان؟

عانى المسيحيون خلال الحرب الاهلية وبعدها، مما عرف بالاحباط المسيحي فأخرجت قياداتهم من السلطة ومثّلهم الضعفاء. فهل يكون الاحباط السنيّ هو الكود المعتمد لاخراجهم من السلطة واضعافهم؟

جاءت استقالة الرئيس سعد الحريري ظهر السبت الماضي لتخرق الجدار السني الذي يروج له تحت عناوين الاحباط الذي يراد منه خلق جو من الفتنة السنية – الشيعية.

وبالعودة الى الوراء، فقد امتصّ السيد حسن نصرالله في خطابه المتعلق باستقالة الرئيس سعد الحريري مساء الاحد في 5 تشرين الثاني، غضب الشارع السنّي بشكل عام وحوّله من ناقم على قوى 8 آذار الى ناقم على الرياض وما تمثّل. بحسب موقع “المدن”.

فبُعيد اعلان الرئيس سعد الحريري استقالته من الرياض، عاشت الساحة السنيّة اجواءا من التوتر، خوفا من تصعيد شيعي ناتج عن هجوم الرئيس الحريري على حزب الله وايران معا في خطاب استقالته.

لكن كلمة نصرالله نقلت النقاش، وبردت الاجواء، ووضعت التوتر في سلة السعودية، مما طرح السؤال البارز: ماذا تريد الرياض من لبنان بعد اجبار الرئيس الحريري على الاستقالة؟

وانطلقت التساؤلات حول رغبات السعودية بين ابناء الطائفة السنيّة حيث بدا نصرالله في خطابه متعاطفاً مع الحريري في السؤال عن مصير رئيس الحكومة المستقيل، والتي ظهر للعديد من اللبنانيين انه بدا مُجبرا على تقديم الاستقالة مع عجز هذا الشارع عن التحرك لانقاذ رئيس يمثلّهم في السلطة اللبنانية.

فالاحباط السنيّ الذي بدأ يتردد كشعار مؤخرا يجد صداه اليوم في الانتكاسة الكبيرة التي يتعرّض لها منصب السنة الأكبر في الدولة اللبنانية القائمة على تحاصص الطوائف، حيث الازمة تتوسع، والطوائف الاخرى تعزز مكانتها لا سيما الشيعة حلفاء ايران، المعادية، للسعودية!

ورغم تنوّع وتعدد الفعاليات والشخصيات السنيّة الا ان مرجعيتها المتمثلة بالمملكة العربية السعودية هو الغالب، فهل انه من مصلحة السنّة ان تقوم السعودية باضعاف حليفها الابرز سعد الحريري في لبنان؟ في حين ان ايران تدعم حزب الله وتقوّيه.

فالاحباط السنيّ وعلى ما يبدو بدأ يتمظهر الان نتيجة القرارات السعودية الاخيرة، والتي قد تضطر سنّة لبنان الى البحث عن طرف اقليمي جديد يدعمهم كمصر او تركيا، كونهما دولتان سنيّتان معتدلتان.

اقرأ أيضاً: بعد استقالة الحريري الملتبسة: ما هو مفعول التهديدات السعودية؟

فهذا الاحباط يمكن استغلاله عسكريا وأمنيّا. ولم يعد خافيّا على أحد أن السلاح بات متوافرا اليوم في لبنان، ويمكن تأمينه عبر جهات سياسية مختلفة، فالأجواء باتت مهيّئة بفعل الشحن المذهبي والتحريض السياسي. اذ طيلة سنوات الحرب خاض الاسلام السياسي تجربة إنشاء التنظيمات المسلحة. كما لفت موقع “صيدا أون لاين” مؤخرا.

لذا، يمكن القول أن شعارات “الاحباط السنيّ”، وتنامي الحديث عن قضية الموقوفين الاسلاميين، إضافة الى التحريض المذهبي السني ـ الشيعي، ودعم الثورة السورية، كل ذلك شكّل ساحة لكثير من التيارات السلفية المتطرفة. والواقع أن الحالة السلفيّة أصبحت مزاجاً عاماً مع ضمور تيار المستقبل شبه العلماني، مما جعلها بديلاً سياسياً. فالشارع السلفيّ تجمعه حالة “الاحباط السنيّ” التي تجعله متماسكا، برأي المحلل السياسي غسان ريفي.

فهل يكون تغييب الرئيس سعد الحريري عن الساحة السنيّة مجددا دعوة لتنشيط التيارات الدينية السياسية؟ ومن يتحمل وزر تطرّف البيئة السنيّة، وابعادها عن الوسطيّة التي اتسمت بها مع الحريرية لسنوات مضت؟.

السابق
قلق على مصير الرئيس الحريري وتساؤلات حول إقامته في السعودية
التالي
نادر الحريري يبلّغ عون: الحريري لن يعود ويسميّ السنيورة