الرئيس يُطمئن: المحاصصة والزبائنية والفساد الى ازدهار

علي الأمين
فقرة الصحافي علي الأمين في برنامج "على مسؤوليتي" على صوت لبنان.

لم يُشبع فخامة رئيس الجمهورية فضولنا في الذكرى السنوية الاولى لانتخابه رئيساً للجمهورية، فالاطلالةُ الاعلامية الحوارية التي أرادها الرئيس ميشال عون سبيلا للاعلان عن انجازات العهد واخفاقاته خلال عام، لم تكن على قدر ما تأمّل الكثير من اللبنانيين سماعه من قرارات اعادة الاعتبار للدولة القوية بشعبها ومؤسساتها، فالاصلاح الذي طالما كان ولا يزال شعاراً يرفعه فخامة الرئيس ومريديه في مواجهة الفساد، لم يستطع هو ومنذ توليه سدّة الرئاسة ان يغير تلك الحقيقة الراسخة في اذهان اللبنانيين عن تحكم المحاصصة والزبائنية وهدر المال والفساد في ادارة الشأن العام.
لقد خلص الرئيس في توصيف هذا المرض بالقول ان طرفين يتحملان مسؤوليته الراشي والمرتشي، اي أن المواطن شريك في المسؤولية وهو محق، لكن من دون ان يحذر او يوجه اي رسالة حازمة من الموقع الذي يضعه على رأس الدولة، رسالة تشير الى أنه سيضرب بيد من حديد او أنه لن يتهاون في مواجهة مثل هذه الجرائم المدمرة للدولة وللسياسة، والاجتماع السياسي في البلد، وللمالية العامة والاقتصاد. ما قاله الرئيس والذي يطمئن الفاسدين ان ثمة كثير من الاتهامات تطال المسؤولين في الحكومة او الادارة العامة لكنه سأل الناس هل من لديه اثبات على الفساد؟ في سؤال ينطوي على عجز ان لم نقل اكثر.
اذا كان رئيس الجمهورية لا يتحسس أن الفساد بات مستشرياً، وان روائحه تزكم الانوف وتزيد من الاعباء المالية على خزينة الدولة وجيوب المواطنين، فهذه كارثة لا نريد ان نصدق انها حقيقة رابضة في رأس رأس الجمهورية، اما ان كانت اقرارا من الرئيس انها شرط من شروط نظام الحكم، والسلطة في الجمهورية اللبنانية فالمصيبة اكبر.

إقرأ أيضاً: هكذا تنتصر الممانعة وثقافتها

ثمة من يقول وقالها الرئيس نفسه، ان الرئيس ميشال عون يواجه تراكمات منذ ما بعد اتفاق الطائف الى اليوم من السلوك الاداري السيء، ومن المخالفات الدستورية والقانونية ومن غياب التوازن، وما الى ذلك من اوصاف مشينة للمرحلة الماضية، لكن ما يملكه الرئيس ويستطيعه لا يمكن ان يتخلى عنه أو ان يعفى من المساءلة بشأنه، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كيف تعامل فخامته مع التعيينات الادارية؟ لا شك ان الرئيس كان مسؤولا وكان قادراً على ان يعيد الاعتبار للكفاءات عبر فرض الية تعيين الشخص المناسب في المكان المناسب.
فاعادة الاعتبار للتعيينات الادارية من خارج المحاصصة والزبائنية، وعبر المجالس المختصة كمجلس الخدمة المدنية، هي خطوة اولى ضرورية وملحة لاستنقاذ الادارة العامة من الفساد، وهي لو تمت بحزم من الرئيس لكانت اعطت زخماً لخطوات لاحقة وضرورية من اجل الاصلاح والتغيير، غير أن تثبيت المحاصصة والزبائنية على هذا الصعيد، طمأن العديد من اهل الفساد ورواده، انهم باقون بخير وأن اعمالهم الى ازدهار.

إقرأ أيضاً: الديكتاتور ضد الفساد.. والقضاة يستدعيهم الرئيس بالقوة

لم يلحظ اللبنانيون ان الرئاسة بعد عام على تولي العماد ميشال عون مقاليد السلطة فيها، قد اضافت جديدا يعتدّ به على صعيد تحسين احوال دولتهم، ذلك ان اي رسالة ايجابية لم تظهر على صعيد حماية الحق العام او المال العام او في مسار الخروج من الزبائنية والمحاصصة وتعزيز دور القضاء واستقلاليته، بل من المؤسف القول ان العكس تماما هو ما نراه … لعل ابلغ رسالة على هذا الصعيد ان التعيينات الادارية والتشكيلات القضائية والدبلوماسية في اول عام من عهد الرئيس عون قد تمت بتقاسم فج بين اركان السلطة، فيما لم نشهد حتى اليوم معاقبة مفسد او مرتكب داخل الادارة رغم كل ما قاله رئيس الجمهورية على هذا الصعيد قبل ان يصبح رئيساً، وهذا وحده كافٍ لضرب مفهوم الكفاءة واستقلالية القضاء وتعزيزٌ للزبائنية، وايذان مبكر بأن عهد الاصلاح انتهى قبل ان يبدأ، بل أن عهداً من الفساد اكثر شراسة وجشعاً ينمو ويتمدد على حساب الدولة وسيادتها.

السابق
القناة العاشرة الإسرائيلية تؤكد الغارة التي استهدفت مصنعاً للأسلحة
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الخميس في 2 تشرين الثاني 2017