رحلة لميس من النرجيلة نحو الإدمان على المخدّرات

تحولت لميس من فتاة عادية الى فتاة مدمنة، لم يكن ينقصها شيء من الحياة المرحة، تصطحب النرجيلة معها أينما حلت والسهرة مع الأصدقاء تنتهي عند بزوغ الشمس، سهراتها مليئة بالضحك والمرح بين الرفقة، مرة وضع أحد أصدقاء لميس "الحشيشة" في نرجيلتها، أعجبها المذاق واصلت تدخينها خلال السهرة رغم معرفتها أن النرجيلة "ملغومة".

يوماً بعد يوم، أصبحت “الحشيشة” من أولويات لميس كغيرها من الأصدقاء، وصارت تطلبها بشكل مستمر، وأكثر من مرة في اليوم، ولم تعد تقتصر على وضع “البضاعة” بالنرجيلة، بل تطور الحال لتدخنها على الأصول ولفّها على شكل سيجارة ما تُسمى بالـ “صاروخ”.
ولقد بات “الصاروخ” رفيق لميس وأصدقائها الذين يحاولون إقناع غيرهم بتدخينه، حتى انغمس معها عدد من الأشخاص الذين يقدمون أنفسهم كمتدينين، فتحولت لميس من عنصر داخل الـ “شلّة” الى ركن أساسي يتقن فن الترويج، وباتت تؤمن أن الوسيلة الوحيدة للكيف هي الحشيشة.

اقرأ أيضاً: متعاطون سابقون: الدولة تدير التعاطي والاتجار خارج السجون وداخلها

خدمات اخرى!
لم تجد لميس مشكلة في تأمين البضاعة، خاصة النوع الثقيل منها، فالخدمة شبه مجانية، وإذا تم تأمين البضاعة من دون دفع المال، فإنه لا يسلم من الخدمات الأخرى مقابل تلك الخدمة (بغض النظر عن نوع الخدمة او المصلحة المتبادلة بين الشاب الذي يؤمن البضاعة وبين لميس).
تذهب يومياً مع اصدقائها الشباب في السيارة لتأتي بالحشيشة، واذا حل الظلام ولم تذهب لتأمين الحشيشة، تطلب خدمة سريعة الى منزلها، فيأتي الشاب ويرمي لها “الصاروخ” امام المنزل.
تسترت عائلة لميس على الموضوع قدر الامكان، إلا أن توقيفها لليلة واحدة في السجن أثار الشك لدى أهل القرية ليصبح الحديث عنها يدور بين الجميع، ولم يقف الأمر عليها فقط، فقد أعلنت الجهات الأمنية المعنية لائحة بأسماء مجموعة المتعاطين كاملة والمطلوبين للتوقيف.

مجلة شؤون جنوبية 165
مركز للتوزيع
ومن الملفت أن القرية التي صارت مركزاً لتوزيع الحشيشة، يقطنها أحد النافذين السياسيين، الذي يشكل صلة وصل مع السلطة والقوى المختصة والأحزاب، يلجأ إليه الأهل محاولين إخفاء الفضيحة للمحافظة على السمعة، فبعد الترجي والبكاء، يعمل على إطلاق سراح الموقوفين بحجة الروابط العائلية والعرض والشرف… لترجع الأمور الى نقطة الصفر وتعاود لميس الكرّة من جديد.
لم تكن أجواء القرية وسيلة ضغط على لميس لوقف التعاطي بالحشيشة، بل كانت محاولة المعالجة تتم بطريقة مريحة جداً لها، فأصبحت المساعدات تقدم من الأقارب، خاصة من خالها الذي أتى من السفر لأجلها خصيصاً.

اقرأ أيضاً: عن أسباب انتشار المخدرات في صيدا وجوارها والوصمة التي تلاحق المدمن

إذ يقوم الخال بتأمين جميع مستلزمات لميس، من معهد لإكمال دراستها، ومصروف شهري لتلبية حاجياتها، وإسكانها في منزل جديد هي وعائلتها… فقط من أجل إبعاد فكرة الضغط عنها، ولكن، ما يفاجىء في الأمر، أن لميس توقفت عن التعاطي الحشيشة لمدة شهر فقط، لتعود من جديد وتكسر الحواجز وتدخن “الصاروخ”، لتصل الى مرحلة تناول الحبوب المخدرة، لمعرفة الفرق بين الحشيشة والمخدرات الأخرى…
تحولات جذرية أثرت على حياة لميس منذ بداية التعاطي حتى اليوم، فباتت فتاة أخرى من حيث السلوك والشكل، وبعد كل ما حصل، لم تتوقف عن ترداد جملة “ضغط أهلي عليّ، أوصلني للحشيشة”.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 165 خريف 2017)

 

السابق
«جيرمين وإخوانها»… مجموعة قصصية للصحافي حازم صاغية
التالي
بالفيديو: إشكال في اليسوعية بين حزب الله وحركة أمل والقوى الأمنية