انتهى دور الميليشيات والبقاء للقواعد العسكرية الاجنبية

بقاء القوات الاجنبية في سوريا والعراق ودول المنطقة بحاجة لمبرر وجود، وعذر واسباب تمنع الانسحاب، او على الاقل تتطلب البقاء اطول مدة ممكنة بذريعة حماية دول المنطقة من خطر الارهاب ..؟ ومن معالجة الانقسامات بين مكونات دول المنطقة الدينية والاثنية والعرقية…؟؟ وللفصل بين القوى المحلية المتصارعة فيما بينها على الثروات او على النفوذ او طمعاً في الانفصال والاستقلال او في الحصول على قدرٍ اكبر من الحكم الذاتي والادارة الخاصة..؟؟
هذه الازمات بعضها مفتعل، او تم ترتيب تفاقمه وتطوره من قبل مختلف الدول التي تدخلت في صراعات المنطقة، وبعض هذه الصراعات ايضاً هو نتيجة تراكمات سابقة انتجتها الانظمة الحاكمة التي اساءت ادارة شؤونها او معالجة ازماتها..؟؟
الثروات المتوافرة في دول الصراع لا شك انها جزء من هذه الازمة التي تدفع البعض لطلب الانفصال او لرغبة الدول الكبرى او بعض الدول الاقليمية في البقاء والمشاركة عسكرياً في مناطق معينة لاقتسام الغنائم والهيمنة على الثروات بذريعة حماية اقلية او الفصل بين قوى متنازعة..؟؟ او المشاركة على الاقل في انتاج الحل السياسي..؟؟

اقرأ أيضاً: شرخ محرج بين حزب الله وبيئته الحاضنة

كما ان الاستثمار في برنامج اعادة اعمار ما هدمته الصراعات المسلحة هو جزء اساسي من الجشع الذي يدفع هذه الدول للبقاء في دول المنطقة، واقامة القواعد العسكرية لحماية هذا الاستثمار وشركاتها التي سوف تشترك وتساهم في هذه العملية..!! مع ان جزء اساسي من هذا الدمار تسببت به الالة العسكرية التابعة للدول التي تدخلت في شؤون المنطقة وعلى راسها الولايات المتحدة والدول الغربية وروسيا وايران وتركيا..؟؟ والميليشيات التابعة لهم.؟ والتي تصرفت بهمجية بالغة تدميراً وقتلاً وتهجيراً والى كل ما هنالك من ممارسات التخريب والتدمير..؟
تسارع اللقاءات والاتصالات والمؤتمرات وارتفاع وتيرة الحديث عن مصالحات وتسويات تشير الى انه قد اقتربت نهاية عهد الفوضى وانتهى دور الميليشيات المسلحة الطائفية منها كالحشد الشعبي وحزب الله والحوثيين والحشد العشائري والنصرة والقاعدة وداعش وغيرها، والعرقية منها كالميليشيات الكردية (البيشمركة)، والميليشيا التركمانية… بعد ان ادت دورها بجدارة فاجهضت الثورات واججت الصراعات بما يخدم مصالح هذه الدول، واعطت مبرر مناسب لبقاء القوات الاجنبية في قواعد عسكرية، يعتبر وجودها شرعي بموجب اتفاقات، لضمان الامن والاستقرار في المنطقة والفصل بين المتحاربين ومنع استيلاد حالات متطرفة جديدة، كما يتم الترويج له ..؟
تأكيد الانقسام يتطلب ابرازه بشكلٍ واضح واعطائه مشهداً لا يمكن تجاهله فكان ان بدات روسيا بالترويج لفكرة رئيسها بوتين، الداعية إلى: (” تشكيل كونغرس «الشعوب السورية»، والدعوة الى عقد مؤتمر تم تحديد موعده في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، بمنتجع سوتشي، بمشاركة أكثر من ألف شخصية تمثل جميع الفئات”.. تمثل الحكومة والمعارضة والفئات الدينية والإثنية، بما في ذلك الأكراد والتركمان، على أن يبدأ العمل على وضع دستور جديد لسورية. وأوضح لافرينتيف المسؤول الروسي أن الدول الثلاث الضامنة، ممثلة في روسيا وتركيا وإيران، )، ان مجرد حضور الف شخصية سورية معناه ان امكانية التفاهم والتوافق خلال المؤتمر معدومة بل مستحيلة.. الا اذا كان كل شيء معداً سلفاً…؟؟ وعقد المؤتمر تحت شعار (الشعوب السورية) معناه ان خلافاً حاداً بين مكونات الشعب السوري تمنع الاتفاق والتفاهم بين بعضها البعض بل وحتى التعايش فيما بينها..؟ وهذا ما تسببت به الميليشيات الطائفية..؟؟… وانه لا بد من وجود قوة خارجية قادرة على ضبط الوضع ومنع تفاقم الصراع فيما بينها…وبالتالي فرض الحل المناسب..؟؟ وهذا يعود بنا الى ان اساس التدخل الروسي عام 2015، كان بطلب ايراني وبدعم مالي ايراني بعد ان عجزت طهران وميليشياتها الطائفية عن حسم الصراع بل شارفت حينها على تجرع كاس الهزيمة ..فكان التدخل الروسي تحت ذريعة حماية الاقليات في سوريا ومنع انتشار وانتصار التطرف الاسلامي….وضرب وابادة المتطرفين الروس الذي انضموا الى بعض التنظيمات الجهادية السورية..؟؟
قواعد روسية: اول اشارة لبقاء القوات الروسية في سوريا كانت مع الاعلان عن الاتفاقات التي عقدتها روسيا مع النظام السوري، التي قال عنها رئيس لجنة مجلس الدوما (مجلس النواب الروسي) للعلاقات الدولية ليونيد سلوتسكي، إن روسيا ستزيد من قدرات قواتها الجوية في سوريا من أجل: (السلام في العالم ومكافحة الإرهاب وإطلاق عملية الحوار الداخلي السوري حسب تعبيره). كما صرح نيكولاي بانكوف نائب وزير الدفاع الروسي: ( بأن تنظيم الدولة الإسلامية يحاول النشاط على الأراضي الروسية وليس أمام روسيا غير محاربة “الإرهاب الدولي” في معقله. وأضاف أن اتفاقية الوجود العسكري الروسي الدائم في سوريا لا يترتب عليه أية نفقات إضافية خارج ميزانية وزارة الدفاع المعتمدة..)…
قواعد اميركية: كذلك كشفت وكالة “الأناضول” التركية الحكومية عن مواقع 10 قواعد أمريكية في الأراضي السورية. وقالت الوكالة، إن القوات الأمريكية تستمر، منذ العام 2015، بتوسيع وجودها العسكري في المناطق الخاضعة لتحالف “قوات سوريا الديمقراطية”، التي تشمل في هيكله العسكري الأساسي “وحدات حماية الشعب” الكردية، في الشمال السوري. وأوضحت “الأناضول” أن الولايات المتحدة أقامت قاعدتين جويتين الأولى في منطقة رميلان بمحافظة الحسكة شمال شرق البلاد في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2015 والثانية في بلدة خراب عشق جنوب غربي مدينة كوباني (عين العرب) في محافظة حلب شمال البلاد. هذه القواعد سوف تساعد الولايات المتحدة على استخدام قواعدها وحضورها العسكري وتقدم ميليشيات قسد إلى شرقي الفرات، والسيطرة على منابع النفط كورقة ضغط ميدانية للتفاوض من موقع قوة مع النظام وروسيا حول خريطة التسويات العسكرية والسياسية المقبلة..
ما يجري في سوريا يتم ايضاً في العراق.. حيث أعلن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن القوات الأميركية لن تنسحب من العراق إلا بعد هزيمة داعش وطرده. وأوضح تيلرسون في حديثه أن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي لم يقل إن على القوات الأمريكية الانسحاب. واعتبر أنه لا ينبغي إلغاء تفويضي الحرب اللذين صدرا عام 2001 و2002 بعد هجمات 11 سبتمبر/ايلول، وحرب العراق، معتبراً أن بقاء القوات الأميركية في العراق قانونياً وفقاً لهذين التفويضين. كما شدد على أن أي تفويض عسكري جديد من الكونغرس باستخدام القوة العسكرية في الحملة ضد المتطرفين يجب ألا يكون محدوداً بوقت أو مكان….
وليكون الوجود الاميركي في العراق ملحاً بل ضرورياً ولا يمكن الاستغناء عنه… جاءت ازمة الصراع المسلح بين اربيل وبغداد على خلفية الاستفتاء على استقلال كردستان العراق والاشتباكات بين الجيش العراقي وحليفته ميليشيات الحشد الشعبي الطائفية، والميليشيات الكردية، لتؤكد ضرورة وجود قوة ثالثة تفصل بين المتقاتلين والمتخاصمين او على الاقل تتوسط فيما بينهما لمنع تفاقم الامور….؟؟ إذ عقدت ثلاثة اجتماعات بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة، لحل المشاكل بينهما، بحضور ممثل عن قوات التحالف الدولي، توصل الجانبان خلالها، إلى تفاهم مشترك حول العديد من النقاط،. بدوره، قال اللواء المتقاعد في وزارة البيشمركة صلاح الفيلي لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مقترح لإدارة منفذ فيشخابور الحدودي بشكل مشترك من الناحية الإدارية والعسكرية بين قوات البيشمركة والشرطة العراقية والجيش الأميركي..)..
قواعد فرنسية: بدورها أعلنت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي أن فرنسا لن تغادر سوريا والعراق بعد القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي، مشيرة إلى أن هذه المنطقة ستمثل خطرا محتملا في المستقبل المنظور. وقالت بارلي في حديث لصحيفة “لوموند” الفرنسية إن “العلاقة بين الخطر الإرهابي في أراضينا ومجموعة من الأخطار المحتملة التي لا تزال تمثلها هذه المنطقة في المستقبل، تسمح بالاعتقاد بأننا لن نغادر هذه المنطقة بين عشية وضحاها”. وأشارت الوزيرة الفرنسية إلى احتمال ظهور تنظيمات إرهابية جديدة في المنطقة بعد زوال “داعش”. وأكدت بارلي أن الاستراتيجية الدفاعية الفرنسية لعام 2013 لم تذكر الإرهاب، بينما أصبح موضوع الإرهاب في الاستراتيجية الجديد (لعام 2017 الحالي) موضوعا مركزيا. وأوضحت الوزيرة أن باريس لم تدرك مدى خطر الإرهاب قبل صعود “داعش” في سوريا والعراق.
قواعد بريطانية: كما ان بريطانيا اعلنت ان القوات البريطانية ستبقى في العراق حتى يتم تشكيل حكومة ديمقراطية وتأسيس قوات أمن وجيش عراقيين قادرين على حفظ الأمن والنظام… ( ورجّح مسؤولون عراقيون في بغداد، بقاء جزء من القوات البريطانية في العراق، بعد انتهاء صفحة تنظيم “داعش”، أسوة بالقوات الأميركية. وذكر مسؤول عراقي عسكري، أنه “حتى الآن لا مؤشر على أن البريطانيين سيسحبون قواتهم من العراق بعد استعادة الموصل من تنظيم داعش، ولديهم برنامج تدريب ودعم يستمر لنحو 18 شهرا من الآن”)….
قواعد تركية: تركيا لها ايضاً قاعدة في منطقة بعشيقة في شمال الراق..حيث تتمتع بعشيقة بأهمية إستراتيجية في المنطقة حيث توجد ثلاث جبال هي بعشيقة ومقلوب ومغارة، كما تطل على الجهة الشمالية الشرقية لمدينة الموصل وعلى قضاء تلكيف ومنطقة الشلالات، شمال الموصل، وأيضا على منطقة علي رش التابعة لناحية برطلة شمال شرق الموصل. وتعتبر بعشيقة الفاصل الإستراتيجي الذي يفصل إقليم كردستان من جهة محافظة دهوك عن المناطق ذات الغالبية السنية في العراق، وبعشيقة من أقرب المناطق إلى الحدودية العراقية مع تركيا التي لا تبعد عنها سوى أقل من مئة كيلومتر. كما ان تركيا لها حضور عسكري قوي ومباشر في شمال سوريا وهي التي تدعم مجموعات سورية مقاتلة، منتشرة في تلك المنطقة…
الحضور الايراني: ايران لها وجود استشاري وعسكري مباشر في كلٍ من سوريا والعراق واليمن ولبنان، ولكنها لا تتمتع بقواعد عسكرية محددة بل تستفيد من التاييد الذي تحظى به من قبل الاقلية الشيعية المؤيدة لفكرها ونهجها واهدافها في هذه الدول ومن بعض الطائفة العلوية في سوريا..وتستفيد ايضاً من تجنيد شيعة افغانستان والباكستان ولبنان والزج بهم في اتون الصراعات المسلحة في هذه الدول… لكن وجودها ووجود ميليشياتها قد اصبح كما يبدو عبئاً عليها وعلى هذه الدول التي تبحث لنفسها عن مخرج ينهي حروبها المتواصلة وصراعاتها الدمويةإن ووقف الحرب الاهلية بين مكوناتها المتعددة…
وجود هذه القوات الاجنبية ورغبتها في الاستثمار السياسي والاقتصادي يتطلب استقراراً امنياً عليها ان تفرضه، وتفاهماً سياسياً عليها ان ترعاه وتحميه، ومرجعيات سياسة وامنية مسؤولة يمكن التفاهم معها وقادرة على ضبط الساحة ومنع انتشار الصراعات، مما يشير الى ان دور الميليشيات المسلحة قد انتهى، لأن ضبط ادائها ليس سهلاً…بل ان مجرد الاشارة اليها معناه المزيد من الفوضى والاقتتال..؟؟ وان البقاء على الساحة سوف يكون للقوى المسلحة المتعاونة مع الدول الكبرى فقط التي سوف تشرف على تطبيق الاتفاقات وتدريب الجيوش الجديدة…؟؟ بعد ان تم استنزاف هذه الميليشيات المسلحة بشرياً ومادياً واعلامياً…كما تم استنزاف واستهلاك المال الايراني في تمويل الحروب في مختلف دول الصراع….
والاشارات الاسرائيلية المتلاحقة حول رفضها لوجود ايراني مسلح او للميليشيات المؤيدة لها قرب الحدود السورية – الاسرائيلية، او تنامي قدرات حزب الله العسكرية في لبنان، يفيد بأن لبنان ليس خارج هذه التسوية او انه غير معني بهذا السيناريو المفترض، ومن هنا نرى تزايد الدعم الاميركي للجيش اللبناني الى جانب تواجد مستشارين عسكريين من مختلف الدول الغربية وخاصةً فرنسا وبريطانيا……حتى ان السفير التركي قد اشار الى ان امن لبنان من ان تركيا..هذا دون ان ننسى التصريحات الاخيرة التي اطلقها الوزير السعودي ثامر السبهان…؟؟؟؟

السابق
بلدات لبنانية تحت رحمة القصف السوري.. ولا من يتدخل
التالي
«جيرمين وإخوانها»… مجموعة قصصية للصحافي حازم صاغية