أراضي الجنوب: من احتلال العدو إلى سرقة المشاعات

عرض تلفزيون الجديد تقريراً كشف سرقة المشاعات في 5 قرى جنوبية، فكيف سيتعامل اللبنانيون مع هذه الهيمنة على الأملاك العامة؟

ما كشفه تحقيق النيو تي في حول المشاعات المغتصبة في عدة قرى جنوبية ومن شاهد دموع احد المخاتير وهو يروي كيف انه عوقب بحرق ثلاث سيارات عائدة لعائلته وعائله اخيه لانه رفض وضع توقيعه لتغطية هذه السرقات يشعر وكأنه يشاهداحد المسلسلات المصرية حيث العمدة رجل مستبد وظالم ومجرم بمواجهة أناس ( غلابة) لا حول لهم ولا قوة. مع فارق ان العمدة هنا فريقين سياسيين هما حركة امل وحزب الله كما جاء بالتحقيق ممثلين بمجموعة من مكاتب المساحة ومهندسي المساحة ومخاتير واصحاب ثروات وأزلام و (هناغرة) آخر زمان. التحقيق أثارني ومنعني من النوم ليلتين متتاليتين وذهب حبل افكاري الى الى درجة الشك بما بقي من مفاعيل تحرير الشريط الحدودي حتى انني بت أناقش ذاتي حول أيهما أشد قسوة على الناس أهو احتلال العدو الصهيوني لعدد من قرانا ام سرقة مشاعاتنا في عدد كبير من قرى الجنوب. قد يتفاجأ البعض من هذه المقارنة. ولكن احتلال العدو للأرض يعطيك الحافز والامل للنضال بهدف التحرير وتشعر بإعتزاز انك تقاوم وتستشهد فداء ارضك وشعبك وكلك امل بالنصر وسط التفاف شعبي حولك. ولكن سرقة المشاعات من قبل قوى ارتضيتها انت ان تكون قيادتك وممثلة بإبن قريتك او قريبك يبقيك عاجزا وذليلا ومحبطاً ويؤكد ذلك بيت الشعر( وظلم ذوي القربى أشد ……)..
وحبل افكاري ينتقل بعفوية الى حزب الله وسياساته بعدد من المسائل المتعلقة بالفساد ونهب ميزانية الدولة. ليس بإعتباره ملك الفساد ومحتكره كما يود وصمه به بعض خصومه حيث لا يشاهدون من نهب مؤسسات الدولة الا حصة حزب الله بالمطار او المرفأ وسواها وينسون موبقات سواه على اكثر من صعيد وانما أشير اليه لانه يقدم ذاته بصفته يحمل مشروع مواجهة اميركا وإسرائيل والرجعية العربية ومن لف لفهم. وللحفاظ على هدوء الجبهة الداخلية كي يتمكن من مواجهة الأعداء الخارجيين نراه يسكت على جميع أشكال الفساد حتى انه يقوم بهندسة توزيع الحصص بين الحلفاء وبينهم وبين الخصوم ويدفع الرشاوي هنا وهناك ومن ميزانية الدولة وأملاكها كي يرضي الجميع ويبقي جبهته الداخلية هادئة.

إقرأ أيضاً: ظاهرة التعديّ على المشاعات.. برعاية نواب الثنائيّة الشيعيّة

انني ارى في هذه السياسة مقتله. قوة اسرائيل وجبروتها مع حلفائها قادرة على إلحاق اذى هائل بلبنان وشعبه ولكن قدرة الحزب وحلفائه على رد الاذى قد يؤخر او يلجم او حتى يمنع مغامرة اسرائيل. ولكنني ارى ان الخطر الفعلي سيكون داخلياً. فمواجهة اسرائيل وحلفائها لا يستقيم بالسماح بسرقة المال العام وتهديد الليرة اللبنانية وبإقتصاد مهدد بالانهيار. مواجهة المشاريع الإمبريالية لا يتم بإهمال مطالب المزارعين والصناعيين. ولا يتم بالسكوت( والبعض يقول شراكة) عن تجار المخدرات والمهربين.

إقرأ أيضاً: بالتفاصيل: هكذا سُرٍقت مشاعات قرى جنوب لبنان وزوّرت الوثائق!

السكوت عن اغتصاب المشاعات في مناطق هيمنة حزب الله لن تمر دون ان تؤذي موقعه وسمعته وتساهم وبقوة في طرح السؤال البسيط: ماذا يبقى من التحرير اذا اغتصبت الحقوق وأحبطت الناس ودمر الاقتصاد.
من يستطيع ان يفرض الرئيس الذي يريده والحكومة التي تناسبه يستطيع بقوة القانون وبنفوذه وبقوة الناس ومصالحها ان يضع حداً لأضخم سرقة موصوفة في عقر داره ان أراد قبل ان يستفحل الامر ويصبح اصعب على المعالجة.

السابق
المكتب الاعلامي للرياشي: كل ما ورد في المركزية عن تلفزيون لبنان مجاف للحقيقة
التالي
لافروف: يتهموننا بلا اي دليل بالتدخل في الانتخابات الأميركية