المدمنون ضحايا التقصير في تطبيق قانون المخدرات

في هذا الملف نعرض لمقتضيات تعديل القانون اللبناني المتعلق بالمخدرات الصادر عام 1998 وضرورة تطوير بعض النقاط فيه وعادة اعتبار المتعاطي ضحية وليس مجرماً اذا ما صمم على العلاج وترك الادمان. كما نعرض لعينات من تطور تعاطي القضاء والاحكام الصادرة في قضايا تعاط واتجار بالمخدرات.

اعتمد القانون اللبناني المتعلّق بالمخدّرات (بنسخته الأخيرة عام 1998) منهجًا مميّزًا في التعامل مع المدمنين عليها. يسلّط هذا المنهج الضوء على مبدأ “المعاملة بدلًا من الملاحقة القضائية”. تتوقّف الملاحقة القضائية عندما يصمّم الفرد على اتخاذ التدابير من أجل العلاج. في إطار التركيز على أهمية المعاجة، أقام القانون قسمًا خاصًّا يهتمّ بآليات العلاج.
لسوء الحظ، توقّف هذا القانون عن العمل بسبب الافتقار الى مراكز العلاج الحكومية والى خدمات الصحة العامة.بينما عملت الدولة جدّيًا من اجل مكافحة المخدرات تطبيق القانون، ممّا تسبب بخلق المزيد من الأضرار للمدمنين، فاحتجزتهم في دائرة العقاب، واعتقلتهم وجعلتهم ضحايا وصمات عار وتمييز من دون توفير فرص حقيقية للعلاج.
وبالتالي، كان من الضروري الحدّ من الأضرار وإعادة النظر في القانون من زوايا عديدة.
في 24 أيار 2016، قدّم “سكون” مسودّة تهدف الى تعديل القانون اللبناني الحالي بشأن المخدّرات الى البرلمان اللبناني.

اقرأ أيضاً: تحت أنظار الدولة: 400 الف دونم في البقاع تزرع بالحشيشة وتباع بحماية سياسية وحزبية

شملت التعديلات طائفة كاملة من المسائل المتعلقة بالعلاج والعقوبات، وأبرز ما جاء فيها ما يلي:
1. إعادة النظرفي آليات العلاج كماهومنصوص عليه في القانون:
– الرجوع إلى طريقة علاج مناسبة متاحة في لبنان، بما في ذلك (دون الحصر) العلاج الداخلي، والعلاج الخارجي،والعلاج من الأفيون.
– إعادة النظرفي إجراءات العلاج المنصوص عليها في القانون بحيث تكون أكثرملاءمة لتطويرالإجراءات العلاجية في جميع أنحاءالعالم.
– تطوير نصوص أكثر تفهما تعكس الواقع الحقيقي للإدمان: ومن ثم تعدي لعدة مفاهيم في القانون مثل “العلاج الكامل” و”التوقف عن العلاج”.
– تعزيزالثقة بين الفرد ومقدمي الرعاية الصحية. على سبيل المثال عبر إلغاء النص الذي يفرض حراسة آمنة على مراكز معالجة الإدمان. وبالإضافة إلى ذلك، فإن وجود الحراسة في مراكز المعالجة يلغي الاختيار الطوعي للعلاج كما هو منصوص في القانون.
– تشجيع العلاج الطوعي، وتوسيع الحالات، ولاسيما التي يمكن فيها أن يأخذ الأهل أو الزوجان زمام المبادرة.

مجلة شؤون جنوبية 165
2 – مراجعة الإطارالمؤسسي لتطبيق مبدأ “المعاملة كبديل للملاحقة القضائية”:
يهدف هذا البند بشكل خاص إلى إعادةالنظرالى عمل لجنةالإدمان،لجعلها أكثركفاءة وإنتاجية. وبالتالي،فإن التعديلات هي التالية:
– إضفاء الطابع اللامركزي على اللجنة وإنشاءلجنة في كل محافظة.
– إعادة النظر في تكوين اللجنة، بحيث تشمل عالماً نفسياً وأخصائياً اجتماعياً، فضلاً عن ممثل للمجتمع المدني. وفي المقابل، ليس من المناسب الإحتفاظ بممثل لمكتب مكافحة المخدرات في لجنة متخصصة في العلاج والرعاية الصحية.
3. إعادة النظرفي العقوبات والجزاءات وفقًا لمبدأ “تَنَاسُبُ العقوبة مع الجريمة”:
ينص القانون الحالي على عقوبات شديدة القسوة على تعاطي المخدرات، بما في ذلك استخدامها للترفيه ودون تبعية أو في حالات الترويج للمخدرات دون نية لتحقيق الربح. وفي الواقع، يبدو أن هذه العقوبات تتنافى مع مبدأ تَنَاسُبِ العقوبة مع حدّة خطورة الجريمة التي تتطلب إعادة النظرمن زوايا عديدة، أبرزها ما يلي:
– إعادة النظرفي العقوبة التي تنظر في استخدام الموادالمخدرة دون تبعية.
– فتح الباب أمام النيابات العامة لاتخاذ تدابيربديلة بشأن الملاحقة القضائية
– إنشاء صندوق مخصص للغرامات لاستخدامه في تعزيز فرص الحصول على العلاج.
4. منع حصول وصمة عار من أجل تسهيل إعادة الإندماج الإجتماعي ومن أبرز القضايا التي يجب إعادة النظر فيها ما يلي:
– ضمان الحق في الخصوصية في حالة اللجوء الفردي طوعا إلي عيادات العلاج.
– عدم إدراج الأحكام / القرارات في حالات تعاطي المخدرات في السجل الجنائي للشخص.
– منع نشر أسماء الأشخاص المُدانَين في جرائم تتعلق بالمخدرات.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 165 خريف 2017)

 

السابق
جنبلاط: ​البطاقة البيومترية​ هدر إضافي للمال
التالي
مجلس الأمن يسلّط «الفصل السابع» على نظام الأسد