الديكتاتور ضد الفساد.. والقضاة يستدعيهم الرئيس بالقوة

فقرة الصحافي علي الأمين في برنامج "على مسؤوليتي" على صوت لبنان.

أن يخرج على اللبنانيين أحد ابرز اقطاب السلطة الحاكمة في لبنان منذ اكثر من ثلاثة عقود ليعلن أنه سيبدأ اليوم الحرب على الفساد في مؤسسات الدولة، لهو اكثر ما يمكن ان يتعرض له اللبناني من اهانة. فهذا التصريح من مسؤول ثابت في موقعه الرسمي، ومشارك فعلي في كل القرارات طيلة هذه العقود، ينطبق تماما على سلطة الطغيان، ذلك انه كلام ينطوي على أن المُخاطَب، اي اللبنانيين، هم كائنات غير عاقلة، وبلا ذاكرة، بل يكاد يعبر عن حال اللبنانيين اليوم قول المتنبي الشهير:
“من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت ايلام”.
ومعناه لا يخفى عليكم، فمن يقبل الذلّ والمهانة يصبح الذلّ والمهانة امرا معتادا عليه مع الزمن.
هكذا يرانا حكامنا ولا فرق بين لبناني وآخر فحتى السلطة القضائية، تلك التي يفترض انها سلطة حماية ميزان العدل وسلطة لجم جنوح المجتمعات البشرية نحو شريعة الغاب، وسلطة حماية حقوق الانسان، هي نفسها في هذا الزمن تحول جسمها القضائي الى التعامل معه بما لا يليق باستقلالية القضاء. وما هو الا اثبات ردّ القاضية اماني سلامة على مضمون واسلوب دعوة القضاة للمشاركة في حفل افتتاح السنة القضائية الذي سيرعاه رئيس الجمهورية حضورا وخطابا، بتنبيه الغائبين عبر الزامهم بتسجيل اسمائهم وتقديم عذر الغياب.

إقرأ أيضاً: هكذا تنتصر الممانعة وثقافتها
هذا بعض من الطغيان الذي تمارسه السلطة على اللبنانيين، وهذا ان دل على شيء فهو يكشف كيف أن المحاسبة وسلطة النقد غائبتان، بل ان الشعب استسلم وبالغ في استسلامه حتى هانت على افراده، مواطنيتهم وكرامتهم الانسانية، وتنازل عن واجباته، بل عن حقه في ان يكون شعبا يتمتع مواطنيه بالحد الأدنى من الاحترام لعقولهم حتى لا نقول احترام ذكائهم.
وطغيان آخر يتناسل مما تقدم، هو ذلك الذي يتأتى من غياب المسؤولية، اذ لا سلطة بدون مسؤولية، لكننا في لبنان يراد لنا كشعب ان نصدق ما يكذبون، ثمة من يتحكم ويفرض ما يشاء في انتخاب رئيس الجمهورية او تعطيله، في ضم لبنان الى هذا المحور الاقليمي او ذاك، في تعيين من يشاء ورفض تعيين من يشاء في مفاصل الادارة ومؤسسات الدولة، في ان يكون حيث يجب أن يكون.
وازاء كل هذه القوة والسلطة، يوغل في الطغيان، بالقول انه ليس مسؤولا عما آلت اليه اوضاع البلاد الدستورية والقانونية والاقتصادية والمالية من تصدع وانهيار.

إقرأ أيضاً: صرخة للتحرر من سلطة الاستعباد

ثم يقول الدولة هي المسؤولة عن بلائكم؟ لكن من هي الدولة؟ ولسان حاله هي كل ما عداي في الغرم او المسؤوليه، وهي انا في الغنم والمكاسب. هذا هو الاستحمار والطغيان للبنانيين وفي اعلى درجاته. هكذا نحن في نظرهم وفي برامجهم مجرد كائنات، لا عاقلة تساق بالغريزة والاستغباء وبالفتات.
ثمة نبض عبر عنه اعتراض القاضية أماني سلامة برفضها الدعوة الاقرب الى الاستدعاء للجسم القضائي الى حفل افتتاح السنة القضائية. وهو مثال من امثلة ليست كثيرة في زوايا الوطن تعطي اشارة بأن الجسد اللبناني لايزال ينبض. امثلة القاسم المشترك بينها الانسان الذي يحاول ان يحمي هويته الانسانية، في زمن يراد لنا فيه الا نكون اكثر من قطعان، تساق بلا روح ولا عقل وبلا احترام لكينونة الانسان ولحق المواطن.

السابق
خلاف في لجنة قانون الانتخاب حول التسجيل المسبق.. ومناكفات بين المشنوق وباسيل
التالي
ألحان الكراهية والخراب في الردح العنصري