كلام «قاسم» يعيد بشير الجميل للحياة ويشعل سجالا حادا بين حزب الله والقوات اللبنانية

بقيَت الأجواء الداخلية محكومة بعنوان التبريد السياسي على المستويات الرفيعة المستوى، إلّا أنّ هذا الامر لم يمنع ان تلفحَها سخونة شديدة سبّبتها عودة قضية بشير الجميل الى الحياة بعد الحكم القضائي باعدام قاتله حبيب الشرتوني، وذلك عبر اتهام الشيخ نعيم قاسم لـ"الجميّل" دون أن يسميه بالعمالة لإسرائيل، مما استدعى ردود فعل غاضبة من جانب القوات اللبنانية و وتلويح بالإستقالة.

بدا أنّ الدافعَ الى الهجوم “القواتي” كلامٌ لنائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، اعتبَر فيه “أنّ تبرير التعامل مع العدوّ في حقبةٍ زمنية معيّنة لا يُبرّئ العميلَ، وأنّ كلَّ من يُبرّر التعامل معه يُنعَت بشيء من العمالة، لأنّ العدوّ الإسرائيلي لا يمكن أن يكون في لحظة من اللحظات مشروع تبرير للعلاقة معه”.

هذا الكلام اعتبرَته “القوات” مستفِزّاً، فردّت عبر رئيس جهاز التنشئة السياسية في الحزب شربل عيد، الذي أطلقَ سلسلة تغريدات تضمَّنت كلاماً هجومياً عنيفاً على قاسم، وتوجَّه إليه قائلاً: “نعيم قاسم أنتَ تتّهِم بشير بالعمالة وكأنّك ترقص على قبرِه”، وأضاف: “وها أنا أتمنّى لك الموتَ قتلاً لأرقصَ على قبرك”. وأضاف: “إنْ عدتُم عُدنا”، ودعا إلى “الكفّ عن الإساءة لقائدِنا البشير وإلّا فلن نتهاونَ بأيّ مسٍّ به وبذِكراه”.

إقرأ ايضًا: الكتائب تحتفل بحكم الإعدام على حبيب الشرتوني والقومي السوري عاتب على الحلفاء

 

وقال: “بالنسبة إلينا بشير وقدسيتُه ورمزيتُه يأتي بعد الله والمسيح ومار شربل والقدّيسين، الاعتداء عليه هو اعتداء على مقدّساتِنا”. واعتبَر “أنّ الاعتداء على مقاومتِنا ورموزِها إذا استمرّ سيؤدّي يوماً ما إلى إعادة النظر في الشراكة الوطنية! لن نتشاركَ مرغَمين ولا متّهَمين ولا ذِمِّيين”.

وكانت مصادر “القوات” قد قالت لـ”الجمهورية” إنّ “استقالتها من الحكومة مرتبطة في حالتين: ـ الحالة الأولى في حال انهيار التوازن الوطني داخلها ونجاح “حزب الله” في جعلِ الموقف الرسمي متطابقاً مع موقفِه، الأمرُ غير القائم اليوم بدليل إسقاطِ كلّ محاولات الحزب للتطبيعِ مع سوريا، وبالتالي وجود توازنٍ وطني فعلي.

الحالة الثانية في حالِ شعور “القوات” بأنّ وجودها داخلَ الحكومة لم يعُد قيمةً مضافة ويتعذّر عليها التأثير في التوجّهات الحكومية العامة، فيما لم تصِل “القوات” بعد إلى هذا الشعور، علماً أنّ الآمال التي كانت معقودةً على التغيير مع انطلاق الحكومة تراجعَت ولم تعُد نفسها، ولكنّ هذا لا يستدعي الاستقالة اليوم، بل يستدعي مزيداً من المحاولات لتحقيقِ الاختراقات المطلوبة”.

وقد إستبعدت أوساطاً وزارية وسياسية مطلعة عبر “النهار” ان تكون هناك اتجاهات سريعة مطروحة الى أي تغيير في الواقع الحكومي الحالي الذي ليس مفترضاً ان يطرأ عليه أي تغيير قبل موعد الانتخابات النيابية في ايار المقبل . واشارت الاوساط الى ان ما يثار حول استقالة وزراء “القوات اللبنانية ” اعلامياً وسياسياً يكتسب طابعاً مضخماً لا يستند الى وقائع جدية وثابتة بمعنى ان المواقف التي تتخذها “القوات” من بعض الملفات داخل الحكومة تثير مسألة الاستقالة كمبدأ، لكنها ليست اتجاهاً عملياً مطروحاً. ونفى النائب جورج عدوان كلاماً نقل عن رئيس الحزب سمير جعجع لوزراء الحزب يحضهم فيه على الاستعداد للاستقالة، لكنه اعتبر ان بقاء الحزب رهن بأداء الحكومة.

وتعليقاً على الامر ، قال مرجع سياسي” إن وزراء القوات أثبتوا في ادارتهم وزاراتهم انهم يتعاطون ويعملون بشفافية. وأظهروا حرصاً في الحفاظ على مالية الدولة وعدم مساهمتهم في تمرير المشاريع المشبوهة وتطبيقهم للقانون وهذا ما تبين في الكهرباء وملفات أخرى. اما في موضوع تلويحهم بالاستقالة، فمن الأفضل لهم ان يحسموا أمرهم بالبقاء في الحكومة أو الخروج منها”.

وأضاف المرجع:” يعترض وزراء القوات على مسألة التعيينات وعدم الوقوف على رأيهم في هذا الملف. وإذا استقالوا من الحكومة ، فثمة من ينتظر الدخول إليها وهي باقية”. ويلمح المرجع هنا إلى حزب الكتائب” واذا كانت القوات تريد خوض الانتخابات من ملعب المعارضة، فهذا كلام آخر، خصوصاً أن حزب الكتائب يحصل نقاطا في الشارع المسيحي يعمل على استثمارها في استحقاق الانتخابات”.

وتساءلت مصادر سياسية لـ” البناء”  عن أسباب التصعيد “القواتي” المفاجئ في الحكومة، وهل هي حكومية بحتة أم خارجية تتعلّق بالضغط على العهد والرئيس ميشال عون وعلى الحكومة في ما يتعلق بملف النزوح والعلاقات مع سورية وقرار العقوبات الأميركي على حزب الله الذي سيصدر الأسبوع المقبل بحسب المعلومات المتوفرة، لا سيما بعد استدعاء رئيس “القوات” سمير جعجع ورئيس “الكتائب” سامي الجميل الى السعودية والحديث عن تجميع القوى المسيحية لمحاصرة عون والتيار في الحكومة لدفعهم إلى حصار حزب الله؟ وتضيف المصادر: هل تحوّلت “القوات” رأس حربة الهجوم على العهد؟

اقرأ ايضًا: النائب مروان فارس لحلفاء «القومي»: لولا حبيب الشرتوني ما كان لكم وجود!

في المقابل، مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر نفت لـ “البناء” تبلّغها من “القوات” قراراً بالاستقالة من الحكومة، واضعة ذلك في إطار التسريبات الإعلامية المقصودة والتي تهدف إلى الضغط على الحكومة لانتزاع مكاسب وحصص في التعيينات والخدمات وغيرها لاستثمارها في الانتخابات النيابية المقبلة. وأبدت استغرابها للموقف “القواتي” الذي لا تفسير له، وما الاتهامات التي تُساق عن صفقات وغيرها الا في إطار المزايدات، “فليس هناك أي قرارات اتخذت في مجلس الوزراء مخالفة للقوانين، بل تمّ تحقيق إنجازات متعددة ملحة للمواطنين والبلد لا سيما الموازنة التي أقرّت من دون قطع الحساب بهدف اعادة الانتظام الى المال العام، وبعد وعد وزارة المال بإنجاز الحسابات كافة بمهلة لا تتعدّى السنة، والتيار الحر أول من ساءل الحكومات عن المال العام المهدور، لكن كيف نقرّ الموازنة؟

ووضعت المصادر علامات استفهام حول التهديد بالاستقالة، وهل هي فعلاً اعتراض على سلوك حكومي معين أم تتعلق بمصالح سياسية انتخابية شعبوية خدمية؟

وتؤكد المصادر العونية نفسها أن “ما يجري في مجلس الوزراء خاضع للاصول الديموقراطية في اتخاذ القرار الذي يتمّ أحياناً بالتوافق أو عبر التصويت ووزراء القوات يمارسون كغيرهم دورهم في الاعتراض والتحفظ أو الموافقة على قرارات حكومية”.

السابق
نديم قطيش الى النيابية؟
التالي
خذوا العبرة من التاريخ الفرنسي