الصراع السياسي في لبنان يستهدف حضور ودور المكون السني……؟؟

مع اندلاع الثورة السورية ساد خوف كبير بعض الاوساط السياسية في لبنان تخوفاً من ان ينتصر المكون السني في سوريا، لما قد يتركه من تاثير على الواقع اللبناني ومحيطه الاقليمي… ولكن مع تقدم الصراع وتزايد حالات التدخل الدولي في المنطقة بدا يسود هذ الاوساط نفسها خوف اكبر من نتائج وتداعيات احتمال هزيمة المكون السني في سوريا، لما قد يؤدي اليه من تفاقم حالة التطرف لدى بيئته…وتنامي وانتشار مجموعات مسلحة او على الاقل قوى تحمل فكراً جهادياً تتحين الفرصة للانتفاض والانقضاض للإنتقام، اولاً ممن كان له دور في هزيمتها او على الاقل منعها من الانتصار، ومن ثم العمل على تحصيل الحقوق المغبونة والمسلوبة ثانياً…؟؟؟ وما ينطبق على الواقع السوري وغيره لما لا ينطبق على واقع لبنان…؟؟؟

هذا هو الواقع والتوصيف الحقيقي المجرد ودون تلطيف او تجميل.. لما نعيشه اليوم على الساحة اللبنانية والسورية…إذ تتضافر جهود دولية واقليمية لضبط التغيير السياسي في منظومات دول المنطقة لصالح ابقاء القدرة على التغيير او قرار تبديل القيادات او الانظمة السياسية في يد الدول الكبرى حصراً كما كان دائماً… وما يجري في سوريا اليوم شاهد على هذا الواقع… فلا المعارضة الحقيقية مسموح لها ان تنتصر..؟؟؟ ولا النظام الحالي سوف يستمر بعد ان اثبت فشله في احتواء الانتفاضة الشعبية ضده… والتدخل الدولي والاقليمي الواسع بوحشيته ودمويته ولا انسانيته على الساحة السورية يؤكد ان التغيير قادم دون شك… ومن يراهن على بقاء الاسد في السلطة او حتى منظومته الطائفية هو واهم…

هذا الواقع العربي المؤلم والسلوك الدولي العنيف، ضرب المدن والقرى السنية في دول المنطقة، وما لحقها من تدمير وتهجير واذلال واعتقالات وافقار وعنف …قرأه البعض في الداخل اللبناني بفرح واعتبره مؤشر ايجابي لصالحه، او ربما تبناه، وراى ان بإمكانه الانخراط فيه ليكون جزءاً منه، لعله ينال جائزة ترضيه على دوره.. ومساعدته ومساندته…فيكون له الكلمة العليا على الساحة اللبنانية… سياسياً وامنياً..على حساب المكون السني في لبنان، ومؤخراً برز ما يمكن ان يطلق عليه السعي للهيمنة على الادارة…والسياسة الخارجية..؟؟ وانطلق بعضهم للتحذير من غضب اهل السنة مما يصيبهم ويستهدفهم، ولكن بطريقة فيها تحريض على اهل السنة اكثر مما هي تتضمن حرصاً على مصالح اهل السنة..؟؟ وكأن بعضهم يقدم اوراق اعتماده للاعبين الكبار وبعض التابعين المحليين..؟؟

لذلك نحن نعيش في لبنان منذ انطلاق الثورة السورية، حالة انفصام في اداء السلطة السياسية، والاجهزة الامنية.. مع اختلاف شكل وسماء وادوار الحكومات المتعاقبة…!!

فهي تناى بنفسها عن الازمة السورية، ولكن الميليشيات الطائفية المذهبية تعبر الحدود لتقاتل في سوريا تحت شعارات دينية ورايات مذهبية ولخدمة مشروع اقليمي مقدس وخدمةً لوليها الفقيه… دون اعتراض او معارضة حقيقية لا محلية ولا حتى اقليمية ودولية..؟؟ ولكن كل من يؤيد الثورة السورية من اهل السنة او غيرهم قد يكون داعشياً او متطرفاً او ربما يفكر في القيام بعمل ارهابي..فيتعرض للاتهام ولضربة استباقية احترازية نوعية وكافة ما هنالك من عبارات التنميق والتلميع للظلم والقهر..؟؟

حالة التفتيت التي تعيشها المنطقة ليس جغرافياً فقط ولكن اجتماعياً ونفسياً واقتصادياً، والرعاية الدولية التي تغطي هذا الواقع، قد شجعت بعض المكونات اللبنانية على اطلاق كل ما اختزنته من مفاهيم التطرف والسعي لقضم ما يمكن من ابتلاعه من السلطة لتكون بيدها ظناً منها ان الرعاية الدولية قد تشملها وترعاها في مسعاها…استلحاقاً بما يجري في العراق وسوريا..؟؟ من اطلاق الاتهامات الى السعي لتأليب المغتربين واحياء عبارات ومصطلحات عاشها لبنان واللبنانيين ابان الحرب الاهلية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي…؟؟

إقرأ أيضاً: المزاج السنِّي: إحتقانٌ وليس إحباطاً

ولكن ما يعتري هذه القوى اللبنانية وقادتها هو ضعف وقصور في الادراك، والقدرة على فهم حقيقة تطورات المنطقة، ومعرفة ان مصالح الدول الكبرى هي اكثر اهمية من طموحات مكون ديني او عرقي مهما كان حجمه او دوره، او رغبات بعض القادة في ان يتبوأ احدهم موقعاً او سلطة او كرسي…سواء في لبنان او فياي بلدٍ اخر..؟؟ فالتباين الروسي – الاميركي حول ازمة اوكرانيا…؟؟ قابله تقارب وتفاهم حول ملفات المنطقة واولها اليمن وسوريا والعراق ولبنان…؟؟ والرغبات الاسرائيلية، هي مجرد اوامر لدى روسيا والولايات المتحدة وهذا ما نشهده من تعاون روسيا مع اسرائيل..قبل كل غارة جوية على قوافل حزب الله او بعدها مباشرةً…؟؟ والتقارب العراقي مع المملكة العربية السعودية، جاوز كل التوقعات وفاجأ الجميع…؟؟واندفاعة نظام العراق المرتبط عقائدياً بطهران انطلقت نحو العرب مجدداً باحثاً او طالباً احتضاناً عربياً… ورعايةً عربية تعيده الى محيطه الطبيعي..؟؟؟ وهذا السلوك العراقي المستجد ليس وليد الصدفة بل نتيجة اشارات دولية وتوجيهات واضحة بضرورة اعادة انتاج عراقٍ جديد بعيداً عن المفاهيم الطائفية والمذهبية التي ساهمت في تدميره بدل اعادة بنائه…؟؟ وترجمها مؤخراً وزير خارجية الولايات المتحدة حين طالب متاخراً الميليشيات الايرانية ومن معها بمغادرة العراق..!!

الدعم الكبير والرعاية الاميركية للجيش اللبناني التي تواكبها رعاية اوروبية وعربية ايضاً..تشير الى ان لبنان لا زال على خارطة الاهتمام الدولي، وان المجتمع الدولي والعربي غير مرتاح للواقع الحالي ويرى ان الامور غير مستقرة بل غير مقبولة مع استمرار الفلتان الامني والتعطيل السياسي والمواقف ذات النبرة العالية التي تثير الفتنة او ترفع من منسوب التطرف في اي بيئةٍ كانت..

كل هذه المؤشرات تدل على ان المجتمع الدولي قد ادرك ان التفاهم مع المكون السني في المنطقة هو اقصر الطرق لتثبيت الاستقرار ووقف موجة التطرف والحد من الهجمات المسلحة والعشوائية.. سواء في عالمنا العربي او دول الغرب عموماً..

إقرأ أيضاً: لماذا يخاف المسيحيون من السنة أكثر من الشيعة؟

ومع ذلك لا زال في لبنان من يحاول اثبات ان المكون السني غير جدير بان يكون شريكاً حقيقياً في تثبيت الاستقرار، واعاد بناء الدولة…تارة باشاعة ان الاحباط السني قد يقوده نحو التطرف وطوراً باطلاق الاتهامات الخطيرة بغزارة بحق كل مكون سني سواء كان لبناني او عربي، دون الالتفات الى ما قد يتسبب به هذا السلوك من عواقب وخيمة وتداعيات خطيرة….؟؟

لقد قام لبنان على تفاهم وطني مسيحي – مسلم، وبعبارة اوضح ماروني – سني عروبي، الى جانب كافة المكونات اللبنانية الاخرى مهما كانت تسميتها وحجمها ودورها..

فهل يدرك من يتلاعب بهذه الصيغة انه يراهن على مصير الوطن… وهل يفهم البعض ان الصراع في المنطقة قد بدا يتحول من صراعٍ مع السنة الى محاولة التفاهم مع المكون السني في العالم العربي واحترام دوره وحضوره واستقراره…؟؟

السابق
ابن شهيد في المقاومة يهاجم وزير حزب الله: لا نجدك إلا على موائد الفاسدين وتجّار المخدرات
التالي
بعد رقصه على قبر «نعيم قاسم» القوات تعلّق مهام شربل عيد والأخير لـ«جنوبية»: أثق بالحكيم!