هكذا تنتصر الممانعة وثقافتها

علي الأمين
فقرة الصحافي علي الأمين في برنامج "على مسؤوليتي" على صوت لبنان.

يريد البعض في لبنان ان يقنعنا بانتصارات هي في عمقها هزائم، بل كوارث استراتيجية للدولة الوطنية وللنظام الاقليمي العربي وهزيمة للاسلام السياسي بكل فروعه المذهبية وتشعباته السلفية والجهادية.

اولا، في الحديث عن الانتصار على الارهاب او ما يسميه هذا البعض انهم تكفيريون في سوريا والعراق فضلا عن لبنان، هو وهم انتصار. ذلك أن جذر الارهاب والتكفير ينتمي الى ثقافة الغاء التنوع والتعدد لحساب نمط احادي في التفكير والسلوك… وهذا ما نعيشه اليوم. فهذه الثقافة تترسخ كلما تراجعت شروط العقد الاجتماعي وتصدعت داخل الدولة الوطنية، لصالح مفهوم الغلبة. فالدولة اليوم هي الهامش، والمتن هو الاصطفاف والاحتراب المذهبي والطائفي والاثني.

إقرأ أيضاً: هل يستطيع ترامب ان يتملّص من الاتفاق النووي مع إيران؟

ثانيا، في التبجح عبر ادعاء الانتصار على المشروع الصهيوني الاميركي الغربي والى اخر المعزوفة، من سوريا الى العراق الى اليمن ولبنان، ثمة انتصار فعلا وغير مسبوق ايضا، لكن لفكرة الحروب الاهلية وللمتاريس المذهبية وللقتل المباح والرخيص للانسان العربي، ايا كانت جنسيته، فيما تزداد سطوة الدول الكبرى وتترسخ مرجعيتها لكل انظمة المنطقة ودولها وتبقى اسرائيل الدولة المدللة والمهابة من الجميع دون استثناء…فقتل المواطن السوري او العربي عموما مباح ورخيص اما الاسرائيلي فثمة الف حساب لمن يفكر، مهما صدع رؤوسنا جهابذة الممانعة بالحديث عن التكفيريين والصهاينة. فحبل الكذب قصير، يفضحه ضوء الحقائق القاتلة في مرارتها.

إقرأ أيضاً: علي الأمين: لو لم يدعم كل من الأمريكي والاسرائيلي الأسد لسقط منذ زمن

ثالثا، في فضيحة الاسلام السياسي الذي شوه الاسلام وزوره الاسلام الذي بشرنا به الانبياء الجدد وهو ليس الا خدعة قاتلة، لم يثبت الا ادامة التخلف وضرب الدولة الوطنية والهوية العربية، لحساب مشاريع مذهبية لم تنتج الا عصبية جاهلية وخواء حضاري.
رابعا، واخيرا وليس آخرا اذا صدقنا شعارات الانتصار والقضاء على الارهاب والتكفير، فاننا بذلك نساهم بتأبيد الاستبداد، ذلك لانه هو المرض الخبيث الذي ينخر جسدنا الوطني والعربي، وهو منبع الارهاب والتخلف، والتكفير.

فالمستبد سواء كان نظاما او حزبا او حاكما، هو الذي يسهل عليه ان يبذخ من كرامته ومن كرامة بلده ومن حقوق شعبه لكل طامع خارجي، ويصعب عليه ان يعيد لشعبه ما له من حقوق عليه، هذا ما نعانيه من حكاما واحزابنا وانظمة الحكم في بلادنا تلك التي ترفع رايات الانتصار فوق جثث شعبها، وركام اوطانها ودولها…انتصار نعم لكن على الانسان على المواطن على التنوع على الديمقراطية على الهوية الوطنية.

 

 

السابق
بعد الضربة الأخيرة.. إسرائيل تهدد سوريا بضربات أقوى
التالي
قميص «النازحين السوريين» بين إعادتهم والتطبيع مع النظام السوري