من سيقف مع «حزب الله» ومن سيقف ضده إذا وقعت الحرب على لبنان؟

يدور في أروقة شيعية داخلية متعددة الاتجاهات نقاش بعيدا عن الاضواء حول إحتمالات ان يكون لبنان  مجددا كما كان الحال عام 2006 ساحة مواجهة إقليمية على خلفية, ليس للاجهاز على الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن الذي وصل الى خواتيمه عام 2015, بل لإنهاء النفوذ الايراني في  عدد من أقطار المنطقة بما فيها لبنان.وفي هذا النقاش يطل سؤال لا جواب عليه حاليا عن الكلفة التي سيتحمّلها لبنان إذا ما تولت إسرائيل تنفيذ التهديد الاميركي بإنهاء نفوذ طهران بشقه اللبناني؟

يقول وزير شيعي سابق حرص على إبقاء النقاش قي إطار التلميح ان الجانب المقلق في قضية الحرب الاسرائيلية إذا ما وقعت ان لبنان سيجد نفسه وحيدا في مواجهة النتائج خلافا لما كان عليه في حرب تموز 2006 ,حتى أن أقرب حلفاء “حزب الله” لاسيما على الصعيد المسيحي لن يقدم على أية خطوة مساندة لحليفه كي تبقى مناطقه  في وسط البلاد بعيدة عن تلقي أضرار الحرب ولذلك سيختار موقف المتفرج كي تنجو هذه المناطق من قطوع الدمار الذي لم تطو نتائجه  حتى اليوم بعد مرور 11 عاما على آخر حرب مرّت على الوطن.فيما تقول شخصيات شيعية إلتقت أخيرا بعيدا عن الاضواء ان الصعوبات المادية التي يعانيها لبنان وسائر المنطقة لن تسمح بتكرار ظاهرة الاستنفار الوطني العام الذي رافق الحرب الاسرائيلية الاخيرة وجعلت من كل منطقة في لبنان ملاذا لمئات الالاف الذين إجبروا على النزوح من الجنوب والبقاع الغربي والضاحية الجنوبية لبيروت.وفي تعبير أحد هذه الشخصيات:”يا أخوان لن تتوقعوا بعد اليوم وجبات ساخنة ستصل الى أفواه أهلنا إذا ما تكرر نزوحهم هذه المرّة!”

إقرأ أيضاً: بعد تفجيرات القاع: كيف حمى حزب الله لبنان من الإرهاب؟!

ويسأل المراقبون الذين تتبعوا اللقاء الثلاثي والذي إنعقد وللمرة الاولى منذ فترة طويلة وضم قبل أيام الرئيسيّن نبيه بري وسعد الحريري والنائب وليد جنبلاط عما إذا كانوا قد  نسّقوا  التضامن فيما بينهم في مواجهة إحتمال الحرب إذا ما وقعت لاسيما ان المناطق التي للزعماء الثلاثة  نفوذ فيها على إمتداد لبنان ستكون مسرحا محتملا لحالة نزوح هائلة.لكن من المؤكد بحسب هؤلاء المراقبين ان الوضع الضاغط  سيقتحم جدول أعمال كبار المسؤولين الى حد ان اوساط شيعية بارزة قالت ان “حزب الله” قد يضطر الى إعتماد مناطق سورية متاخمة للبنان مثل منطقة القصير في حمص والتي أخضعها لنفوذه مع حليفه النظام السوري عام 2013 كي توؤي النازحين .

وأيا تكن التطورات المرتقبة فإنها تفترض في الحد الادنى سلوكا آخر غير الصمت الذي يلوذ به المسؤولون فيبادر رئيس مجلس النواب الى حث رئيس الجمهورية العماد ميثال عون على تنظيم طاولة حوار عاجلة كي يطرح عليها زعماء لبنان تصورّهم لكيفية إتخاذ إجراءات إستباقية تقيم مظلة آمان بالقدر المتاح من الامكانات المتوافرة فلا تدهمنا  حرب جديدة فتخرجنا الى العراء من دون أي سقف يحمينا.

بالطبع لا يمكن الاتكال على “حزب الله” للقيام بأية مبادرة إنقاذية إستباقية كي لا يتم تفسير الخطوة بإنها تنم عن ضعف .فهو معني برفع مستوى الاستنفار كي تتم مواجهة الخطر الاسرائيلي إذا وقع.وفي أحد المقالات التي أوردها موقع “العهد” الالكتروني جاء فيه:”…أن ما يخطط له الإسرائيلي مبني على تقديرات خاطئة، كما أكد السيد نصر الله، ويتوقع أن يكون للمواقف التي أطلقها حضورها لدى صناع القرار، انطلاقا من مسلمتين، الأولى أن نصر الله لا يهدد بقدرات غير موجودة ـ وليس للأمر علاقة بالمصداقية التي يتمتع بها فقط، بل ايضا لأسباب استراتيجية. ولا حاجة للتأكيد على امتلاك قيادة حزب الله ارادة تفعيل هذه القدرات. لكن في المقابل، يبقى على “اسرائيل” مهمة واحدة أن تستخلص العبر الصحيحة مما كشفه سماحة السيد، ولا تورط نفسها والمنطقة، عبر المبادرة الى ما يدفع حزب الله لتنفيذ ما تعهد به.”

بالطبع تسعى إيران الى تحضير الاجواء لتحميل السعودية  خصمها  اللدود تبعات أي إنهيار يطال “حزب الله”.فقد أوردت وكالة أنباء فارس مقالا حمل العنوان الاتي:”إعتراف السعودية بالهزيمة دليل آخر على قوة حزب الله” .ومما جاء في المقال :”… بعد مشروع القرار الذي تبناه مجلس الشيوخ الأميركي مؤخراً بتشديد الحظر على حزب الله لبنان بهدف إضعاف محور المقاومة، رحّبت السعودية بهذا القرار كونه ينسجم مع توجهاتها ومواقفها تجاه قضايا المنطقة .

احمد عياش

وعقب صدور هذا القرار دعا الوزير السعودي لشؤون الدول العربية “ثامر السبهان” في تغريدة نشرها على حسابه في موقع “تويتر” إلى تشكيل تحالف دولي ضد “حزب الله”…وردّ الأمين العام لـحزب الله السيد حسن نصر الله على تصريحات السبهان، متهماً السعودية بتنفيذ سياسة تهدف إلى تدمير المنطقة   .والتساؤل المطروح: لماذا تسعى السعودية إلى إضعاف حزب الله وتصرّ على التآمر مع أميركا والكيان الصهيوني لتحقيق هذا الهدف؟يمكن تلخيص الإجابة عن هذا التساؤل بما يلي:يعتبر لبنان من الدول المهمة في المنطقة لعدّة أسباب منها قربه من فلسطين المحتلة، وبالتالي فإن أميركا وحليفتها السعودية تخشى من قوة هذا البلد لتأثيره المباشر على تغيير معادلة الصراع ضد الكيان الصهيوني والتي يمثل حزب الله قطب الرحى في هذه المعادلة.وتبلورت هذه الحقيقة بشكل واضح بعد الانتصار الكبير الذي حققه حزب الله على الكيان الصهيوني في تموز 2006.

إقرأ أيضاً: العقوبات الأميركية على «حزب الله» ستدمّر الاقتصاد اللبناني!

وقد ساهم هذا الانتصار في رفع مستوى الدعم الشعبي للمقاومة ولشخص السيد حسن نصر الله في داخل لبنان وفي عموم المنطقة.كما لعب حزب الله دوراً مهماً في حسم موضوع انتخاب الرئيس اللبناني “العماد ميشال عون”، وساهم أيضاً بشكل فعّال بتشكيل الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة “سعد الحريري” بعد أزمة سياسية استمرت أكثر من عامين، وهذا يعكس بوضوح مدى التأثير الإيجابي والبنّاء لحزب الله على مجمل الأوضاع في الساحة اللبنانية…”

لا جدال في إن طهران لن تسلّم بحل يحيّد لبنان عن الخطر المحدق به.وتبعا لكل المعطيات المتوافرة لا يبدو ان “حزب الله” سيلقى من يقف معه في حرب جديدة قد تهدد  هذه البلاد.إذ ليس من المعقول أن يقف أي طرف لبناني مؤيدا التوظيف الايراني الجديد الذي سيزج  الشعب اللبناني في أتون المواجهة بين إيران والولايات المتحدة الاميركية والتي تتصاعد يوما بعد يوم .

السابق
المرجعيات والميليشيات الشيعية مسؤولة عن تقسيم العراق
التالي
مكيسم خليل: لم أتمنَ الفرح لسوريين تمنوا الموت لسوريين آخرين