نصرالله شَهَر السكين في لبنان لنجدة «الحرس» في إيران؟

احمد عياش

عاد الامين العام ل”حزب الله السيد حسن نصرالله بعد فترة من الانقطاع الى التهديد ب”قطع اليد التي ستمتد الى هذا البلد …أيا كانت هذه اليد” كما قال بالامس .وهذا الاطلاق في التهديد يشرّع الابواب عل كل الاحتمالات.فما هي الظروف التي إستدعت من السيد أن يعاود إستخدام هذه اللغة التي تقض مضاجع أهل هذا “البلد” الذي ينبري كما يقول للحفاظ عليه؟
في كلام نصرالله ما يرسم اولا الاطار العام للجواب على السؤال عندما قال ان “الاستراتيجية الاميركية الجديدة إذا كان فيها من جديد ستؤثر على كل وضع المنطقة” بما فيها لبنان التي يمثل فيها نفوذ “حزب الله” درّة التاج في مشروع الهلال الايراني الممتد من بحر قزوين الى شواطئ البحر الابيض المتوسط.ما يعني ان “حزب الله” سيكون خطا أماميا في مواجهة أي تطور قد يهدد هذا الهلال لاسيما وأن المعطيات الديبلوماسية تفيد ان العنوان الابرز للاستراتيجية الاميركية المنتظرة سيكون إنهاء نفوذ طهران في سوريا ما يعني قطع “حبل السرّة” في المشروع الذي يغذي النفوذ الايراني في لبنان أيضا.

اقرأ أيضاً: هل ينتهي «القتل المعنوي» للشيعة المستقلين؟

حديث نصرالله عما حصل في الايام القليلة الماضية من “تحديث أو إضافات الى قانون العقوبات المالية الاميركية على حزب الله”…” لايمكن إختزاله بقول الامين العام للحزب “لا يوجد مشكلة بالنسبة لنا نحن نتحمل هذا القانون” .فهو في واقع الامر مشكلة الى حد ما للحزب والى حد كبير للبنان إذا جرى النظر اليه من زاوية الهامش الواسع الذي تمتع به سابقا “حزب الله” وحلفاؤه من زاوية المرونة التي يتميّز بها النظام المصرفي اللبناني.أما إذا جرى النظر الى الامر من زاوية “الفوائد” التي سيجنيها البلد من القانون الاميركي فهي بحسب اوساط مصرفية تعني وقف هذه التدفقات من اموال جهات في الاغتراب في القارتيّن الافريقية والاميركية والذي بدأ فعلا منذ فترة بعدما أساء الى سمعة لبنان بسبب إرتباط هذه التدفقات بعمليات تبييض الاموال وتجارة المخدرات.وبالتالي فإن إستعادة لبنان سمعته الحسنة ستنعكس على الكثرة من المغتربين الذين يواصلون دعم وطنهم بإشكال مختلفة بما يقدر سنويا ببضعة مليارات من الدولارات.كما أن العقوبات الاميركية ستطال جهات داخلية أثرت في صورة مذهلة بطريقة غير مشروعة نتيجة التحالف أو التواطؤ مع الحزب بمن فيهم جهات في السلطة .
في المعلومات المتوافرة ل”النهار” ان وزير المال علي حسن خليل الذي كان من المفترض ان يكون في عداد الوفد اللبناني الذي غادر الى واشنطن للمشاركة في الاجتماعات السنوية للبنك الدولي تفادى هذه المشاركة كي لا تكون متزامنة مع إقرار قانون العقوبات الاميركية التي ستمضي الى التنفيذ من دون أيتكون للبنان أية قدرة على تعديله.وتردد ان لبنان عانى في الاونة الاخيرة تجاهلا أميركيا رسميا غير مسبوق.فبعد الابتعاد الاميركي عن عقد أي لقاء رفيع المستوى مع رئيس الجمهورية ميشال عون في زيارته الشهر الماضي للامم المتحدة فأقتصر الامر على لقاء عقده وزير الخارجية جبران باسيل مع مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد ساترفيلد تردد أيضا ان موعدا لم يحدد لوزير بارز لكي يلتقي رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم خلال الاجتماعات التي ستنطلق في العاصمة الاميركية ما جعل هذا الوزير يصرف النظر عن السفر الى هناك.
ما يعزز الخشية من نتائج العقوبات الاميركي المقبل هو سرعة قيام مجلس الشيوخ بالمصادقة عليه بعد أيام قليلة من إنجاز اللجان المختصة له تمهيدا لإقراره في مجلسيّ الشيوخ والنواب معا ليصبح على جدول أعمال البيت الابيض كي يمهره بتوقيعه ويرسله الى التنفيذ.لكن ما هو أخطر بالنسبة لطهران ليس محاصرة “حزب الله” بعقوبات جديدة وإنما بتوجه واشنطن الى إدراج الحرس الثوري على لائحة الارهاب الاميركي ما يعني عمليا شلّ تعاملات النظام الايراني مع الخارج بما يطيح بكل الفوائد التي تطلعت طهران الى جنيّها بعد إبرامها الاتفاق النووي .وهذا ما دفع القائد العام للحرس الايراني اللواء محمد علي جعفري الى التهديد في حال تنفيذ واشنطن هذا التدبير بإعتبار “القوات الاميركية في العالم وبخاصة في منطفتنا كداعش”.فيما أفادت وكالة تسنيم الدولية الايرانية للأنباء أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي قال، فيما يخص احتمال اعتبار أميركا حرس الثورة الاسلامية تنظيماً ارهابياً، إنه يأمل بأن لا تستمر الولايات المتحدة في أخطائها الاستراتيجية، مضيفا: “إذا أقدمت الولايات المتحدة على هذا العمل فسيكون رد إيران شديدا، حاسما وقاطعا وعلى الولايات المتحدة أن تتحمل تبعاته. آمل أن يكون هناك دور للعقلاء في أميركا من أجل تجنّب هذا الأمر”.لكن أصرح كلام إيراني ما ورد في مقال لصحيفة “كيهان” الذي حمل عنوان “طهران ستصيب من ترامب مقتلا” فأبرزت تهديد اللواء جعفري انه ” في حال تنفيذ قانون اجراءات الحظر الجديدة من قبل اميركا فعليها نقل قواعدها الاقليمية الى ابعد من مدى الصواريخ الايرانية البالغ الفي كيلومتر”.
في ظل هذا الاستنفار الايراني لا يمكن فهم تهديد نصرالله مجددا بقطع الايدي سوى وجه من وجوه التهديد الايراني في دولة تعتبرها إيران من الولايات التابعة للحرس الثوري.ان سكين نصرالله في لبنان وقلبه في طهران!

السابق
تقرير المصير في كردستان العراق يتبلور بعد وضوح اتفاق بوتين – ترامب
التالي
ايران تتهم بريطانية بالتآمر للإطاحة بحكومة طهران وتحكم عليها بالسجن 21 عاما