السيد حسن نصرالله الآمر الناهي

لم يعد هناك أيّ التباس حيال التأكد من إجراء الانتخابات النيابية في أيار 2018. السيد حسن نصرالله أعطى الضوء الأخضر بالفم الملآن، وباللهجة الواثقة، وبالنبرة التي لا تترك أيّ مجال للشكّ. في أيار 2018 يعني في أيار 2018. فمَن يستطيع أن يقول لا؟!
لو أكّد أجراء هذه الانتخابات أيّ وزير، أيّ نائب، أيّ مسؤول، مهما كانت رتبته عالية، ما كنتُ إلاّ لأرمي ظلالاً من الشكّ حول ذلك التأكيد. لماذا؟ لأن هؤلاء المسؤولين لا يحكمون بأمرهم. بل يُملى عليهم الحكم.
اللبنانيون ما عادوا يثقون بالمسؤولين. لأنهم في رأيهم لا يملكون قرارهم بأيديهم، وهم يعِدون ولا يفون، ويؤكدون ما لا قدرة لهم على تأكيده، ولأنهم في الأحوال كلّها، لا يمتلكون أيّ ذرّة من الصدقية. ولو صدف أن أكّد أحد هؤلاء أمراً، أو استحقاقاً، من مثل إجراء الانتخابات، لكان ينبغي للواحد منا أن يفتّش عمّا إذا كان السيد حسن قد أعطى موافقته المسبقة، الضمنية أو العلنية، على ذلك.
طبعاً، أنا لا أوافق على هذه المعادلة غير السيادية، لكنها تختصر في رأيي المتواضع لبّ ما يجري على مستوى القرار السياسي الوطني السيادي.
هذا جانب من المشكلة. أما الجانب الآخر، فيتمثّل في كيفية مواجهة هذه المعادلة ديموقراطياً.

اقرأ أيضاً: سياسةُ هزِّ الشجرة وعدمِ قَطفِ الثمَرة

هل يجب أن يقع اللبنانيون مرةً ثانية، أو ثالثة، أو رابعة، في خيار المفاضلة بين 8 آذار و14 آذار؟ أم يجب أن يحظوا بفرصة مضيئة، فرصة من خارج السياق، تمكّنهم من اختراق هذا الانسداد المهول في العمل السياسي، وتقود لبنان إلى ممارسة الحياة الديموقراطية الحقيقية؟
أنا شخصياً أدعو إلى صناعة هذه الفرصة، التي لا تنصنع بالبهورة، ولا بالشعارات، ولا بالخطب، ولا بـ”أنا أو لا أحد”.
لم يقدّم المدنيون، هيئات المجتمع المدني، المستقلون، الرافضون، اليساريون، الثالثون، حتى هذه اللحظة أيّ صورة متماسكة، “إيجابية”، تعكس رؤية خلاّقة، طليعية، لسبل المواجهة السياسية مع أطراف السلطة، ومكوّنات الطبقة السياسية برمّتها.
هؤلاء مدعوون على الفور إلى إنتاج آليةٍ تقنية، تتيح لهم توحيد قواهم وحركاتهم وجهودهم، واختيار مرشّحين مشترَكين، في دوائر ومناطق محددة، حيث يمكن موضوعياً إحداث خرقٍ نوعي فيها.
في المقابل، عبثاً، كلّ المحاولات الرامية إلى إعادة إنتاج الطبقة السياسية نفسها، 8 و14، وإن بوجوه مختلفة، الورثة مثلاً، أو سواهم من المقرّبين.
عبثاً، ينتفخ المدنيون بذواتهم. عبثاً، إذا لم يتواضعوا.
المعركة ليست في ما بين المدنيين. بل بينهم وبين الطبقة السياسية.
هذا إذا كانوا يريدون فعلاً أن يصيروا أصحاب القرار السيادي اللبناني، لا أن يظلّ يُملى علينا القرار.

السابق
مشجعو النجمة يدافعون عن فريقهم: خففوا فلسفة وأكل هوا
التالي
زيارة الملك سلمان الى روسيا: من تطبيع الى تحالف استراتيجي