الكاتالنيون نحو الانفصال… شاءت إسبانيا أم أبت

عدوى الإنفصال وصلت إلى إقليم كاتالونيال التي شهدت أمس صراع حاد مع الشرطة الإسبانية وقع إثره نحو 844 جريح في إستفتاء أن يحدث تأثيرات على الحياة السياسية والمجتمع الإسباني، وقد يتردَّد أصداؤه في مختلف أنحاء أوروبا.

دعوات الإنفصال ليس جديدة فحلم الكاتالونيين الحصول على دولة مستقلة عمره أكثر من 500 عام، بعد أن أصبحت كتالونيا جزءًا من المملكة الإسبانية، بزواج الملكين الكاثوليكيين إيزابيل ملكة قشتالة، وفرديناند ملك أراغون.
وعلى الرغم من تمتع كاتالونيا بشبه إستقلالية إذ تمتلك نشيد وطني خاص بها ولغة خاصة بها، إضافة إلى تمتعها بأوسع تدابير للحكم الذاتي بين أقاليم إسبانيا، وتأتي في الترتيب السابع بين 17 إقليما تتمتع بحكم ذاتي في البلاد. إلا أن مطالب مواطنيها تطمع للإنفصال وتشكيل دولة خاصة بهم سيما أن عدد سكانها يبلغ 7.5 مليون نسمة.
وعلى هذا الأساس أقام الإقليم على مدة عقود عدد من الاستفتاءات لم تنجح في تحقيق حلم الكتالونيين، على الرغم من التأييد المطلق لمواطنيه للانفصال، بسبب الرفض الذي تواجه به مدريد تلك الإجراءات.

اقرأ أيضاً: برشلونة يسدد فاتورة سياسية

وفيما يتعلّق بإستفتاء أمس، بدأ الإشكال مع إجراء كاتالونيا استفتاء أمس (الأحد) بهدف ان تحظى بتفويضٍ للانفصال عن إسبانيا وهو ما ا يتماشى مع رغبة المحاكم والحكومة الإسبانية، التي أخذت على نفسها تعهّد بإيقافه بإستخدام القوة بواسطة الشرطة المسلحة، وذلك بحسب ما ذكر تقرير لصحيفة فايننشيال تايمز البريطانية.
وبحسب ما نقلت وكالة “أ ف ب” عن حكومة كتالونيا فإن النتائج أظهرت أن 90% من الذين أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء كان خيارهم الانفصال عن إسبانيا، إلا أن رفض رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي هذه النتيجة معتبرا أنه لم يحصل.
أما رئيس إقليم كاتالونيا كارلس بيغديمونت أعلن في خطابه أمس أن نتائج الإستفتاء أعطت الكاتالونيين حق بأن يحظوا بدولة مستقلة عبر عملية الإقتراع التي قمعتها الحكومة المركزية الإسبانية. داعيا الإتحاد الأوروبي التدخل في النزاع القائم بينهم وبين اسبانيا نظرا لعمليات القمع والتعدي على حريات الكاتالونيين”.


ويبدو واضحا مدى قلق الحكومة الأسبانية من هذا لإستفتاء، سيما أنها واجهته بالقوة، إذ كشفت حكومة إقليم كاتالونيا الإسباني أن نحو 844 شخصا أصيبوا في أعمال شغب بمختلف أنحاء الإقليم اليوم (الأحد).
حيث اشتبكت شرطة مكافحة الشغب مع المقترعين مع الكاتالونيين. وقد تبادلت حكومتا إقليم كاتالونيا والحكومة الإسبانية المركزية الاتهامات بالمسؤولية عن العنف في الإقليم عندما استخدمت الشرطة الإسبانية الهراوات والرصاص المطاطي الأحد لمحاولة منع إجراء استفتاء حول استقلال كاتالونيا، إذ أعلنت وزارة الداخلية الإسبانية عن إصابة 11 عنصرا في قوات الأمن خلال تنفيذهم أوامر” القضاء، مضيفة أن عناصر أمنيين تعرضوا للرشق بالحجارة بحسب ما أعلنت.
وفي هذا السياق، إعتبرت صحيفة ” هاف بوست عربي” ان الإستفتاء الكتالوني أبعد من ذلك إذ يضع وحدة إسبانيا على المحك، وذلك في ظل تهديد أغنى أقاليم البلاد. خصوصا أن ٢٠٪ من الناتج القومي الإجمالي يأتي من إقليم كاتالونيا، وهذه إحدى أسباب الخلاف بينها وبين وإسبانيا، التي تحصّل ما يفوق الـ ٢٠ مليار يورو سنويًا، قيمة لضرائب التي تفرضها الحكومة الإسبانية على الإقليم والمقدرة بـ 10% من الناتج المحلي، وفي المقابل، لا يوجد مردود من ناحية الخدمات.

اقرأ أيضاً: ملك إسبانيا الجديد.. عصري ومتواضع وقريب من الشعب

وأشارت أنه في حال التصدي لهذا الإستفتاء بالقوّة، سيؤي هذا الأمر إلى إقالة رئيس الوزراء الإسباني من منصبه. لأنه بالتأكيد سيحمَّل مسؤولية القمع وما نتج عنه من إصابات بصفوف الكاتالونيين.
ودستوريا تقول الصحيفة أن الفرصة التي تحظى بها كاتالونيا لتحقيق حلمه هي صفر بالرغم من نتائج الإستفتاء الذي لن يحظى بشرعية رسمية بحسب رأي الحكومة والمحاكم الإسبانية، أو المجتمع الدولي.
كما أشارت إلى إحتمالين ففي حال أعلنت الحكومة الكاتالونية الاستقلال من جانبها فقط، قد تضطر مدريد إلى السيطرة على إدارة الإقليم باستخدام مادة 155 من الدستور.
وهو ما ينعكس بالتالي إلى نشوء إضطرابات وصراعات في كاتالونيا من جهة وبكافة ارجاء إسبانيا من جهة ثانية. والإحتمال الثاني قد تختار الحكومة الكاتالونية قد تدعو لانتخاباتٍ في الإقليم لإبقاء النقاش حياً.
إلى ذلك يرفض الكاتالونيين القول بأنهم مواطنون أسبان، حتى أنهم يرفضون التكلم باللغة الإسبانية كما أنهم يضعون المواطنون علم كتالونيا ذو الشارة الزرقاء ، على شرفات منازلهم، للتأكيد على حقهم بالاستقلالية. إذ يرى الكتالونيين أنهم محتلون من طرف إسبانيا بعد صلح البرانس التي وقعته إسبانيا مع فرنسا في أعقاب حربهم التي استمرت منذ عام ١٦٣٥ وحتى عام ١٦٥٩.

السابق
متشددون يعتدون على السائقات السعوديات.. والملك يتّخذ قرارات ردع حاسمة
التالي
أزمة النازحين السوريين: من رجال السياسة الى رجال الدين