المعارضة الشيعية: ضرورة وتحديات

بالرغم من الشوشرة والفلتات التي تصدر من هنا وهنالك حول التشكيك وإمكانية حصول الإنتخابات النيابية القادمة قبل موعد إنتهاء مدة الولاية المددة للمجلس الحالي في 21 آيار 2018، الا أن هناك إقرار ضمني عند جميع الأطراف بإستحالة أو صعوبة التفلت من إجراء هذه الإنتخابات.
ويتصرف الجميع على هذا الأساس، إن من خلال المواقف السياسية “الانتخابية”، أو بتحريك الماكينات الإنتخابية وصولًا حتى تسمية بعض الأحزاب لمرشحيها في أكثر من دائرة.
إذا فكل المؤشرات تنبئ بأننا دخلنا عمليًا في أجواء التنافس الإنتخابي الحقيقي، ومن نافل القول أن هذه الإنتخابات سوف تجري فوق فالق سياسي إقليمي ضخم (سعودي – إيراني)، مما سيسهم حتمًا تدخلًا لهذه الدول تجعل من الإنتخابات القادمة واحدة من أدوات تصفية الحسابات بينهاعلى كل الساحات الإنتخابية.

اقرأ أيضاً: التهافُت اللبناني على دخول المحور الإيراني!

واحدة من هذه الساحات هي الساحة الشيعية، حتى وإن سلمنا مسبقًا بأن الثنائية الشيعية، الممسكة بتلابيب التمثيل النيابي الشيعي منذ ربع قرن أو يزيد، الا أن هذا لا يلغي وجود إعتراض شيعي حقيقي رافض ومتضرر من الأداء السياسي والإنمائي لهذه الثنائية ولو بتفاوت ملحوظ بين الدوائر المختلفة، (مع اللحاظ هنا أن تقسيم الدوائر الـ 15 جاء ليخدم هذاالإستئثار).
قدم هذا الثنائي الشيعي الكثير من الأوراق والمواد التي تساهم في بلورة إعتراض حقيقي داخل الطائفة ليس أقلها الفشل الذريع بالإنماء وتحسين ظروف الحياة، فضلًا عن أخذ البلاد إلى سياسات الإرتهان للمحور الإيراني والذي كلف الطائفة ولبنان أثمان باهظة جدًا كنا بالغنى عنها، وإنتصارات شعاراتية لم تجر المياه إلى حنفيات الشيعة ولم تبني جامعة في أقاصي الجنوب ولا تزفت طريق في الهرمل مما زاد لدى الشيعي الشعور ببهاتت وتهافت أي إنجاز (عسكري) لا يسيّل مساهمة حقيقية في تحسين التدهور الحاصل على مستوى مدنهم وقراهم وبيوتهم.
هذه الحالة من الإنفصام الواسع بين الواقع والخطاب، جعلت من صديقي الحزباللهي أن يتمنى صادقًاهذه المرة، خرقًا ما في لوائح الثنائية الشيعية، علّ هذا الخرق إن حصل سيشكل حافزًا حقيقيًا عند نواب الحزب والحركة ليستفيقوا من سكرتهم وسباتهم العميق كما وصفه!

تكونت قناعة كبيرة عند شريحة واسعة جدًا من الطائفة الشيعية بضرورة وجود معارضة حقيقية ولو بسيطة من أجل تحريك هذا الركود المزمن وإحداث نقلة نوعية تسهم في خلق أجواء تنافسية حقيقية لم تغب عن المشهد الداخلي في الطائفة حتى في ظل ما كان يسمى بمرحلة الإقطاع السياسي.
وإن كان لا بد هنا من الإشارة أيضًا، ان حصر التمثيل الشيعي بين الثنائية وما يربط بينهما من تفاهمات سياسية لا يمكن فكها لإعتبارات خارجية سيشكل خطرًا حقيقيًا على أبناء الطائفة المنتشرين في أقاصي الأرض بالخصوص بعد القانون الأخير للكونغرس الأميركي بفقرته المتضمنة عقوبات على حزب الله وشمل أيضًا الداعمين سياسيًا له، مما يعني بأن حركة أمل لن تكون بعيدة عن العقوبات وهذا يحتم ضرورة خلق أطراف شيعية أخرى تشكل نوع من الحماية في القادم من الأيام.
يبقى القول بأن مسؤولية كبيرة تقع على أكتاف المعارضين الشيعة أنفسهم (أشخاصًا ومجموعات وأصحاب رأي ومعممين)، بأن ينجحوا بتشكيل جسم إنتخابي موحد، وأن يتفقوا على خطاب سياسي جامع ينجح بالوصول إلى الوجدان الشيعي ليس بوصفهم أعداء للثنائية بل بوصفهم خصوم مختلفون تحتاجهم الطائفة وحتى أحزابها أيضًا وتشكيل اوسع مروحة تحالفات إنتخابية، والأهم من ذلك بأن لا ينزلقوا إلى لعبة المحاور الإقليمية ويتحولوا من معارضين يحملون هم الطائفة والبلد إلى مجرد أدوات يُستعملون لخوض معارك لا علاقة لهم بها، وهذا هو التحدي الأكبر.

السابق
اشتباك «داعشي – كردي» لإعادة رسم الخارطة السورية
التالي
اسرار الصحف الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 30 ايلول 2017