الاستفتاء الكردي مقدمة لتقسيم العراق وزعزعة أمن المنطقة

بإنتظار نتائج الإستفتاء الكردي، هل سيسمح هذا الإستفتاء فعلا بتحقيق حلم الأكراد الذي يمتد على مدى أجيال بإنشاء دولة لهم؟ وهل سينفصل الجنوب الشيعي ليتبعه الانبار ومحافظة مينى ونينوى؟ وهل ممكن أن نشهد حرب داخلية بين الجيش العراقي والقوات الكردية بسبب المناطق المتنازع عليها ومنها كركوك؟

رغم الإعتراضات الكثيرة حول الاستفتاء الكردي، أدلى الناخبون في إقليم كردستان أمس بأصواتهم حول انفصال الإقليم عن العراق وسط مخاوف جيرانهم من مخاطر وتداعيات هذا الإستفتاء سيما في حال أصبحت هواجس بناء الدولة الكردية حقيقة.

فيما يمهد الأكراد الطريق لإقامة دولة مستقلة لطالما حلموا بها منذ أكثر من قرن، وسط تحذيرات دولية وإجراءات إقليمية سيما من قبل العراق وتركيا. إذ أعلن الجيش العراقي بدء مناورات عسكرية مع القوات التركية على الحدود المشتركة بين البلدي فور انتهاء التصويت.

كما وقد أعلنت محافظة كركوك وهي من إحدى المناطق المتنازع عليها حظر تجول ليلا، مع تصاعد التوتر بسبب الاستفتاء.

إقرأ ايضًا: عاصفة رفض عربية ودولية لاستفتاء كردستان العراق

وعلى الرغم من أن الإستفتاء غير ملزم إلّا أنه تتخوف الحكومة العراقية من أن يحدث التصويت انقساما وفوضى في العراق، في الوقت الذي يكافح فيه من أجل إعادة الإعمار وعودة اللاجئين.  وقد قرّب هذا الإستفتاء بين العراق وتركيا إذ يتخوّف جيران العراق من انتقال عدوى الانفصال إلى سكانهم الأكراد. سيما أن تركيا تضم أكبر أقلية كردية، وهي تقاتل لإنهاء تمرد كردي في جنوبها الشرقي منذ عام 1984. وفي إيران يشبه الأكراد الإيرانيين ثقافيا أكراد العراق ويتحدثون اللغة الكردية ذاتها.وهو ما يثير مخاوف حول إنتقال لعدوى لهم. كما أن سوريا نحاول مواجهة مساعي الاكراد لإقامة حكم ذاتي.

هذه المخاوف والهواجس أصبحت واضحة  ومعروفة، لكن هل سيسمح هذا الإستفتاء فعلا بتحقيق حلم الأكراد الذي يمتد على مدى أجيال بإنشاء دولة لهم؟ وهل سينفصل الجنوب الشيعي ليتبعه الانبار ومحافظة مينى ونينوى؟ وهل ممكن أن نشهد حرب داخلية بين الجيش العراقي والقوات الكردية بسبب المناطق المتنازع عليها ومنها كركوك؟

في هذا السياق، كان لـ “جنوبية” حديث مع المحلل السياسي احمد زكي القيادي العراقي في حزب الدعوة، رأى بداية أنه من حيث الشرعية “فأي عملية سياسية من إنتخابات أو إستفتاء يجب أن تصدر عن جهة رسمية مخولة بذلك وهي البرلمان الإتحادي وليس برلمان الإقليم أو المحافظة لذلك هو يفتقد للشرعية من هذا الجانب فضلا عن أن برلمان الإقليم لم يقرّه. ناهيك عن أن المحكمة الإتحادية العليا والتي هي أعلى سلطة دستورية في العراق أصدرت أمرا بإيقاف الإستفتاء وهو أمر ملزم للجميع. كما أن الجهة التنفيذي المتمثلة بالعراق قررت أن هذا الإستفتاء مخالف للدستور والقوانين المرعية وهو ما يبين أن هذا المشروع فاقدا للشرعية “.

وأشار  إلى أن ” رئيس إقليم كردستان ، مسعود بارزاني يعتبر نفسه مستقل والحاكم بأمر الأمر الذي يصدره يعتبر دستوريا دون الرجوع إلى دستور وبرلمان. وتساءل طالما يعتبر بارزاني نفسه مستقل وغير معني بالقوانين العراق على ماذا يجري هذا الإستفتاء في وقت يعتبر نفسه مستقل بشكل كامل”.

وإعتبر أن حق تقرير المصير هو حق مقدس تقرّه الامم المتحدة، لكن الموضوع أن هذا الحق ترجم عبر الإستفتاء الذي صوت عليه عام 2005 الشعب العراقي بأكمله حيث قرر العرب والسنة والأكرد والتركمان والايزيدنيين العيش بوطن واحد نهائي وأقسموا المحافظة عى وحدته وإسقتلاليته فإذا كان الهدف من هذا الإستفتاء تقرير المصير فهذ الحق أقرّ. كما وضعت آليات محددة في حال الرغبة بالتغيير أو بنقده  يمكن العودة إليها لتعديل القانون وذلك ضمن القوانين المرعية ووفقا لما ينصّ عليه الدستور لذا هذه نقطة ايضًا تفقد هذا الإستفتاء شرعيته”.

وفيما يتعلّق حول تداعيات هذا الإستفتاء على العراق بشكل خاص وعلى الإقليم بشكل عام. رأى  ذكي انه “خطوة إستفزازية تقف خلفها إيرادات دولية وإقليمية فهناك إرادة وتأييد إسرائيلي واضح، كما أنه هناك أنباء عن أن هناك بعض الدول الخليجية موّلت هذا الإستفتاء وهي تؤيده. مشيرا إلى هناك جهات إقليمية وحتى داخلية لا يروق لها إستقرار الوضع الامني والسياسي  وتحاول بشتى الطرق لزعزعة الوضع الأمني الذي أساسا غير مستقر”.

إقرأ ايضًا: الأكراد.. يقسّمون العراق وإيران وتركيا وسورية

كما لفت إلى أن الملاحظ صعود صيحات بدأت ترتفع بضرورة تأسيس إقليم سني أو إلحاق المنطق السنية بإقليم كردستان كما أنه دعوات لإنفصال البصرة وتأسيس فيها فدرالية وغيرها من الدعوات. فمن الممكن أن يكون هذا الإستفتاء يحرّض على هذا الوضع وتشجع على مثل هذه الدعوات المشبوهة”. وأضاف “كذلك على المستوى الإقليمي ممكن أن يهدد الوضع الكردي الموجود جنوب تركيا وغرب إيران ما يؤدي إلى إرباك الأوضاع السياسية والأمنية في هذه المناطق. لذلك إعتبرت تركيا تهديدا لأمنها القومي ولوحت بأنها ممكن أن تلجأ إلى أسليب عسكرية لرفضه”.

وفيما يتعلّق بالمناطق المتنازع عليها أكّد أن “هناك تخوّفا كبيرا من أن تحدث حرب محلية في هذه المحافظات، مشيرا إلى عمليات التزوير التي  مورست في عهد الرئيس صدام حسين عبر إدخال قوميات من الخارج لهذه المنطقة، والآن قام الكرد بعمليات مماثلة وزوروا الكثير في السجلات مما يشكل خرقا ويؤدي إلى  وقوع إشكالات في هذه المنطقة سيما في كركوك عبر المساهمة في تأجيج الخلاف بين الأكراد والأيزيدنيين والمسيحيين والشبك في محافظة الموصل”. كما حذّر من” تداعيات هذا الإستفتاء الذي ينذر بخطر داهم في هذه المناطق وهو خطر يهدد العراق بأكمله من حيث وحدته وإقتصاده وأمنه وهو أمرا ليس بهذه السهولة”.

وخلص زكي بالتمني أن “لا يكون الغاية من هذا الإستفتاء زعزة الإستقرار والوضع  الأمني والسياسي في المنطقة وأن تتفاهم كافة الجهات على صيغة تستطيع أن ترضي الجميع”.

السابق
الشيخ نعيم قاسم يوضح موقفه من المرأة: الإسلام كرمها وأعزها!
التالي
الإصرار على اصدار حكم بحق الشيخ احمد الاسير يؤكد غياب العدالة