حقك بتاخدو عبر الحركة ولو معك قرار من «التربية»

“بنتنفس بواسطة“هذا ما رددّته أم حسين بإنفعال و حسرة بعدما راقبت خلال أيام إبنها يدور بين مباني المدارس واداراتها في مدينة النبطية سعيا لتنسيب شقيقه الصغير الى مدرسة رسمية.
فحسين هذا ابن هذه الأسرة الفقيرة قرر الهروب وعائلته من زحمة الضاحية الجنوبية وومن ارتفاع كلفة المعيشة فيها، وانتقل إلى إحدى ضواحي مدينة النبطية.

بدأت قصة المدرسة عندما ذهبت أم حسين و إبنها إلى أقرب المدارس الموجودة في محيط سكناهم الجديد و كان الجواب فور وصلوهم (ما بقى في مطارح) من ثم إستمر البحث عن مدرسة رسمية تستقبل الطّفل الصّغير و الجواب كان نفسه الذي سمعه من ادارة أول مدرسة، كان حسين قد بدأ يتمالكه اليأس بعد المدرسة الخامسة أو السادسة بحسب ما ذكر ل “جنوبية” بعدما ذهب الى دائرة التربية في المحافظة وحصل على ورقة تفيدً أنه من سكّان المنطقة ويحق له تسجيل أخيه لكن عندما سمع هذا الجواب خرج من مكتب ناظر المدرسة غاضباً يشتم الساعة التي قرر فيها الإنتقال إلى الجنوب و أشعل سيجارة و بدأ يفكر في البحث عن مدرسةٍ خاصة و تحمل تكاليفها الباهضة خوفاً على مستقبل أخيه التعليمي،خلال فترة وقوف حسين على حائط المدرسة خارجاً ينفث دخان لفافة التبغ، اقترب منه رجل كبير السّن كان في الدّاخل وسمع الحديث الذي دار بينه و بين الناظر،تقّدم إليه و قال له بصوت منخفض “روح جيب واسطة من الحركة بيمشي حالك” وأنصرف العجوز مبتسماً.

إقرأ أيضاً: حركة أمل: «يا ويلنا من بعدك يا دولة الرئيس»…

لوهلةٍ ظنّ حسين أن الرّجل قال كلمته بهدف المزاح لكنه عندما بدأ يدير وجهه يميناً و يساراً إستدرك أنّها مدرسةٌ رسمية لكنّها بأمر حركة أمل و أنّ العجوز يتكلم بكلّ جدّية.
بدأ حسين إتّصالته بمعارفه الذين يعرفون “واسطة” بحركة أمل و أستمر الأمر لأيام لأنه لم يكن لديه هذه المعارف مسبقاً كونه شاب غير محزّب في بلدٍ مليىء بالمحزبين او انصار الاحزاب ،بدت الأمور صعبة نوعاً ما في البداية قبل أن تعرف زوجة خاله بالصّدفة قصته التي ترسلت له رقم هاتف لقريب لها له علاقةٌ متينة بشخصٍ نافذٍ في حركة أمل، إتّصل به حسين ليخبره عن القصّة بالتّفصيل لأنّه ظنّ أنّ الأمر معقّد بعد ما واجهه من صعوبات،بدأ حسين حديثه مع هذا الشخص بعدما عرّفه بنفسه بالحديث عن مشكلته ليقاطعه و يقول له “بتروح على مدرسة الكذا بتسأل عن الشخص الكذا بتقلوا أنا من طرف الكذا وبتخبرني شو بصير معك” و أقفل هذا الشخص النافذ الخط.

تردّد حسين لأنّه ظنّ أنّ كل هذه الصعوبات التي واجهها لا يمكن أن يكون حلهّا بهذه البساطة لكنه مضى في صبيحة اليوم التالي مع أمّه إلى المدرسة التي أخبره عنها و سأل عن الشخص الذي أرسله إليه، دخل حسين و أمّه مكتب المدير و قال له أنا من طرف الشّخص الفلاني و أريد أن أسجّل أخي ليرد المدير بابتهاج : إذا ما في محلّات منفتح صف لعيون الحج !

إقرأ أيضاً: المدارس الخاصة في لبنان: للأغنياء فقط!
علماً أنّه كان قد سبق له أن حاول مرّتين إقناع ناظر هذه المدرسة بتسجيل أخيه بورقةٍ من مكتب التربية أيضاً، و بدقيقتين و كلمتين و ناظرة ساعدت أخيه الصّغير في حلّ إمتحان الدخول إنتهت معاناة حسين لأسابيع بكلمة مسؤول حزب في مدرسةٍ رسمية.
غادر حسين و أمّه المدرسة بفرحةٍ من التخلّص من هذا الهم ممتزجة بمشاعر غريبة من الأسى و الخيبة و الشّعور بالذّل ! لتقول أمّ حسين لإبنها محاولةً التخفيف عنه “ما تزعل يا إمّي هيدا بلدنا صرنا إذا بدنا نتنفّس بدنا واسطة”.
يبقى السؤال الذي يتردد في بالي كثيراً،ماذا لو لم يأت هذا العجوز و عزم حسين على تسجيل أخيه في مدرسةٍ خاصة؟!
ماذا بعد هذا الوضع المخجل و المعيب ! هل إستسلمت الناس لسلطة الأحزاب بكافة ألوانها و أصبحت ممارستها أمراً عادياً؟هل يعقل أن نصل إلى يوم نسمع فيه على حواجز قوى الأمن “عطيني واسطتك” ؟!

السابق
المياومون في شركة «دبّاس» ينصبون الخيم من جديد
التالي
الرئيس عون يرفض التوطين من على منبر الاليزيه