نظرة «الشيخ نعيم» وأحلام الجميلات

"المرأة" بين نعيم قاسم ومسابقة ملكة جمال لبنان.

تراجعت الحملة التي شنّت على نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، وذلك بعد إهانته للمرأة المطلقة وتشكيكه في أهليتها ليتصدر المشهد حدث آخر وهو انتخاب ملكة جمال لبنان للعام 2017.
هذا الحدث كان من الممكن أن يمرّ عادياً قبل مواقع التواصل الاجتماعي، وقبل أن ينشط اللبناني على فيسبوك وتويتر، ففي السابق كان محور الانتقادات “صبحية نسوية”، أو “سهرة عائلية”، أو على هامش جلسة للأصدقاء. أما حالياً فبات النقد في حينه دون أن يغفل المتابع أي تفصيل فتترنح التعليقات بين الهضامة واللذاعة وصولاً إلى التجريح.
المتباريات في حدث ملكة الجمال سرقن الضوء من نعيم قاسم، وسحبن بساط المطلقة فأصبحن هن الحالة والحدث.
فتيات لا تتخطى أعمارهن الـ24 عاماً، خريجات أهم الجامعات اللبنانية، إلا أنّ عيبهن الوحيد هو قدومهن من كوكب بعيد عن كوكبنا، ذاك الكوكب الذي لا يرى إلا القضايا المثالية وهذا ما وصلنا من الأفكار التي طرحت في فقرة قضية العام، والتي تشمل الهدف التي ستعمل لأجله كل متسابقة في حال فوزها.

الإجابات المعلبة نفسها تكررت لدى المتقدمات كما تتكرر كل عام، “السرطان”، “التوحد”، “الإدمان”.. وما إلى ذلك.
لم تتوقف أيّ منهن عند القضايا التي تحتاج إلى مواكبة لبنانياً، وما نقوله هنا ليس تقليلاً من أهمية القضايا التي طرحت وإنّما تأكيداً على صورة نمطية بعيدة عن الواقع.

إقرأ أيضاً: انتخابات الجمال تستنسخ انتخابات الرئاسة و«الملكة» من خارج المسابقة

فماذا عن قضية المرأة والحضانة، في العام الماضي أكثر من امرأة رفعت الصوت في وجه المحاكم مطالبة بحقوقها وبعدم حرمانها من أمومتها، لماذا لم تستحوذ هذه القضية اهتمام المشتركات؟
ماذا عن المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني والتعديل المنقوص لها، وزواج القاصر؟ هي قضية أخرى شغلت الرأي العام اللبناني وما زالت ولكنها أيضاً لم تجد مساحة بين ما طرحته المتقدمات.
وماذا أيضاً عن الرصاص الطائش وضحاياه وعدم الوعي، أسبوعياً في لبنان يسجل على الأقل ضحية واحدة تسقط بسبب رصاصة أطلقها “طاشش”، ولكن يبدو أن كوكب المتقدمات لم تصله أيّ من هذه الأنباء.

إقرأ أيضاً: ملكة جمال لبنان على مشرحة مواقع التواصل الاجتماعي: واسطة أم عونية؟

الحديث عن القضايا التي يغوص فيها المجتمع اللبناني يطول، هي قضايا لم يلتفت إليها الحدث الجمالي وكأنّ “الجميلة” لا يليق بها أن تكون “مناضلة”.
في سياق هذه الصورة النمطية ليس من المستغرب أن يسمح الشيخ نعيم قاسم لنفسه أن يهمش المطلقة، فهي أغضبت المجتمع الذي لا يعترف لا بحقها في الحرية ولا في الحضانة وبالتالي لا بد أن تسقط عنها الأهلية.
من هنا وقبل أن نعيب على “قاسم” تشكيكه بالمطلقة، لنسأل “الجميلات” لماذا قضيتها وقضية حقوقها سقطت من سلّم الأولويات؟!

السابق
ياسين الحاج صالح يوثّق «16 عاماً في السجون السورية»!
التالي
بالصور: هذه هي بطلة فيلم الاستعباد الجنسي بين جونية وضبية!