«القضية 23» مش رمانة… قلوب مليانة

قضيّة زياد الدويري الفنية تتحوّل لقضية سياسية.

القضية ليست قضية طوني اللبناني القوتجي ( مناصر لحزب القوّات اللبنانية ) المسيحي اللبناني المتطرّف ، وياسر اللاجئ الفلسطيني المسلم ، إنها قضيّة شعبيّن خيضت معارك وحروب باسمهما ، استخدمت فيها الطائفية من عشرات السنوات بحرب أهليّة داميّة ، دامت لسنوات وانتهت في العام 1982 مع الخروج الفلسطيني من لبنان اثر الاجتياح الاسرائيلي لكن لايزال حقدها مزروع في قلوب الشعبين.

” قضية رقم 23 “ ليست اسم فيلم فقط، بل إنها قضيّة أثارت الجدل من جديد على الساحة اللبنانيّة وأحيّت الأموات من جديد ليست المرة الأولى التي يثار فيه الجدل من قبل الكاتب والمخرج زياد دويري ، وسبق أن أثار الفيلم السابق لدويري “الاعتداء” جدلاً في لبنان بسبب تصوير مقاطع منه في إسرائيل. لم يتم توقيف دويري في وقتها ومنع فقط عرض الفيلم. ولكن ما هو غير متوقع أن يحقق مع دويري قبل عرض فيلمه الجديد بتهمة التطبيع مع إسرائيل، وذلك حسب دويري لأسباب سياسية. أمّا الفيلم مقتبس عن قصّة واقعيّة عاشها زياد دويري وزوجته جويل توما في فترة الحرب الأهليّة بطريقة مختلفة.

يسلّط “قضية رقم 23” الضوء على خلاف بين طوني (الممثل اللبناني عادل كرم)، المسيحي المتطرف، وياسر (الممثل الفلسطيني كامل الباشا الذي نال جائزة أفضل ممثل في مهرجان البندقيّة عن دوره في الفيلم) ، اللاجئ الفلسطيني المسلم المقيم في أحد مخيمات لبنان. تجري أحداثه في أحد أحياء بيروت ، حيث تحصل مشادة بين طوني وياسر ، وتأخذ المشادّة أبعاداً أكبر من حجمها ، وتُرفع القضيّة إلى المحكمة على وقع تضخيم إعلاميّ يضع لبنان على شفير انفجار . ويتحول الخلاف الصغير بين الرجلين إلى مواجهة كبيرة في المحكمة تتطور إلى قضية وطنية تفتح ملفات الحرب الأهليّة المثيرة للجدل بلّغة سينمائيّة جميلة ومتماسكة ومشوّقة .
ويضم الفيلم الذي كتبه دويري مع زوجته جويل توما ، نخبة من الممثلين اللبنانيين ، في مقدمهم عادل كرم وريتا حايك وكميل سلامة وديامان أبو عبود وكريستين الشويري، إضافة إلى جوليا قصّار وطلال الجردي ورفعت طربيه، والممثل الفلسطيني كامل الباشا.

الخلاف الفلسطيني _ اللبناني المسيحي
لم تكن الحرب الأهليّة اللبنانيّة (1975 ـ 1990) وليدة لحظة بوسطة عين الرمانة. تلك الشرارة، مهّدت لها وقائع وأحداث، بعضها بنيوي مرتبط بتأسيس الكيان اللبناني ، ولا سيّما مرحلة ما بعد ولادة صيغة العام 1943 (الاستقلال اللبناني) ، وبعضها الآخر متصل بموقع لبنان الإقليمي وتحوّله إلى ساحة صراع وتبادل رسائل.
بعد حرب حزيران 1967 ( احتلال إسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربيه والجولان) ، أدّى تسلسل الأحداث في لبنان إلى خلق أزمة لبنانية ـ فلسطينية سرعان ما تحوّلت إلى توترات أمنية بين 1968 و1975. هذه التوترات، تحوّلت بدورها إلى صراع مسلح في 13 نيسان 1975 (بداية الحرب الاهلية اللبنانية ).

إقرأ أيضاً: المخرج زياد الدويري بين الإبداع والعمالة

تمحورت هذه الأزمة حول تزايد عدد اللاجئين الفلسطينيين وتكثيف النشاط المسلّح الفلسطيني على الأراضي اللبنانية. اشتعال المواجهة العسكرية مع إسرائيل وتزايد الاعتداءات الإسرائيلية ضد لبنان ساهما في تفاقم الأزمة. في هذا السياق، تمّ تأسيس ميليشيات تابعة للأحزاب المسيحية تحت شعار « مواجهة الخطر الفلسطيني وحماية الوجود المسيحي » . كذلك ، تسلّحت القوى القومية العربيّة واليساريّة اللبنانيّة وتحالفت مع المقاومة الفلسطينية. هكذا بدأت عملية خلق الميليشيات تأخذ مجراها من دون أن تتمكن الدولة اللبنانية من حماية سيادتها ووضع حد للتوترات الأمنية المتصاعدة داخلياً.

من هو زياد دويري ؟

مخرج عالمي من أصول لبنانية حاصل على الجنسية الفرنسية. ولد زياد دويري في بيروت عام 1963، ونشأ إبان الحرب الاهلية ، حيث صور أفلامه الشخصية بكاميرا 8 ملم. سافر وعمره عشرون عاماً للدراسة في الولايات المتحدّة الأمريكيّة، وتخرّج عام 1986 من جامعة سان دييغو بشهادة في السينما. عمل كمساعد تصوير وكمصور في لوس انجليس من عام 1987 وحتى 1997 على عديد من الأفلام لمخرجين منها ثلاثة أفلام للمخرج كونتنتارانتينو. في عام 1998 كتب زياد دويري وأخرج فيلمه الطويل الأول ” بيروت الغربيه “، والذي نال شهرة واسعة واعجاب النقاد وكثيرا من الجوائز في مهرجانات حول العالم، أتبعه فيلم “قالت ليلا” والذي عرض في مهرجان صن دانس وغيره. أخرج دويري العام 2013 فيلمه “الصدمة” الذي أثار جدلاً ومنع من العرض في لبنان ومعظم الدول العربيّة (باستثناء المغرب ودبي) لمشاهده التي صورها في تل أبيب وضواحيها . الفيلم مقتبس من قصة لياسمينة خضرا بنفس العنوان، وبلغت تكلفة انتاجه 1،5 مليون دولار بتمويل فرنسي ومصري ومركز الدوحة للأفلام.

إقرأ أيضاً: اعتقال المخرج زياد دويري: الشارع اللبناني ينقسم بين المقاومة والعمالة!

رشّح لبنان رسميا فيلم “ قضية رقم 23 ″ للمخرج زياد دويري، لجوائز أوسكار السينمائية لسنة 2018 عن فئة أفضل فيلم أجنبي. وإن قرار ترشيح الفيلم اتخذ بناءً على اقتراح لجنة خاصّة مكلّفة اختيار الفيلم الذي يمثل لبنان في هذه المسابقة التي تنظمها “ أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية ” في الولايات المتحدة.

السابق
خامنئي: خطاب ترامب جاء بأسلوب «الكاوبوي»
التالي
بالفيديو: تضارب وشتائم في لبنان والسبب.. موقف سيارة!