مئات الملايين يدفعها الفقراء ثمنا للمياه في الضاحية الجنوبية

صهاريج
"منذ شهر حزيران اختفت المياه عن ضاحية بيروت الجنوبية، تأتي المياهّ مرة بالنهار لمدة ساعتين، وأحيانا لا تأتي المياه ابداً.

معدل الدخل الفردي بالضاحية لا يتجاوز الـ600 دولار. يضطر المواطن بالضاحية ان يشتري كل يومين عشر براميل مياه، ويتراوح ثمن كل برميل 2000 ليرة او 3000 ليرة، على حسب مزاج صاحب «صهريج المياه».

المناطق التي شهدت انقطاع كامل للمياه، في الضاحية واحزمة البؤس المحيطة بها هي: حي السلم، برج البراجنة، الاوزاعي، الليلكي، حارة حريك، بئر العبد، المريجة، الغبيري، الشياح، الرويس، المناطق على اوتستراد السيد هادي نصرالله، الحرش، طريق المطار، الجناح.

عدد المافيات، اي اصحاب خزانات المياه، فقط في حارة حريك 4، وكل مافيا لديها عدد من الكاميونات لبيع المياه. وتعمل مافيات المياه بوصاية الأحزاب المهيمنة على المنطقة.

اقرأ أيضاً: الضاحية الجنوبية بلا مياه… و«مافيات السيترنات» هي الحاكمة

اذا قمنا بعملية حسابية بسيطة تفترض معالجة الأسعار التقريبية التي يدفعها المواطنين لأصحاب صهاريج المياه، يمكن تكوين صورة مأساوية عن هدر أموال المواطنين في الضاحية اللبنانية المهمشة.

لقد شهد شارع دكاش في حارة حريك انقطاعا تاما للمياه منذ مدة اسبوعين.

في هذا الحي يوجد 11 مبنى، وتتراوح عدد الوحدات السكنية لمجموع الابنية السكنية الـ ما يقارب 220 وحدة سكنية، اي «شقق مأهولة بالسكان».

لنفترض ان 150 منهم يشترون براميل مياه كل يومين، في حين ان الاخرين يكتفون بمياه الابار الارتوازية المالحة.

لنفترض ان كل وحدة سكنية تشتري 10 براميل كل يومين، اي بمعدل 30 برميلا كل اسبوع «7 ايام».
تقوم مافيات المياه بمنح المواطنين حسومات، اي عشر براميل بـ15 الف ليرة لبنانية.

15 الف × 3 = 45 الف ليرة
45 الف × 4 اسابيع = 180 الف ليرة
180 الف ليرة تدفعا كل وحدة سكنية للمافيات.
اذا ضربنا هذا المبلغ بعدد الوحدات.
180 الف × 150 وحدة سكنية = 27 مليون ليرة لبنانية.
هذا الرقم محصور فقط بحي من حارة حريك.
27 مليون ليرة حجم ارباح المافيات التي تعبئ المياه في حي واحد بالحارة
لنفترض ان حارة حريك بداخلها 9 احياء سكنية.
27 مليون ليرة × 9 حي سكني = 243 مليون ليرة.

حارة حريك هي جزء من الضاحية:

243 مليون ليرة رقم تقريبي بني على تصور واقعي لحال المنطقة .

243 مليون ليرة ارباح المافيات فقط بجزء بسيط من منطقة الحارة ولمدة شهر.

243 مليون هدر لحقوق واتعاب وشقاء الناس البسطاء.

هذا اذا استثنينا مياه الشفة التي تباع بالغالونات وليس بالخزانات بكلفة 2000 ليرة كل 20 ليتر ماء مكرر صالح للشرب.

اقرأ أيضاً: المافيات تحرق البنايات في «تكساس» الضاحية

للذين يسألون لماذا لا توجد مشاريع حقيقية لضخ مياه الدولة الى الضاحية، الارقام تتكلم!

والتواطؤ بين المسؤولين الرسمين والمسؤولين الحزبين والمافيات وما بينهم واضح وجلي. الضاحية الضحية، وسكانها الذين اشتكوا مؤخرا من حصولهم على مياه ملوثة لونها اصفر، في وقت تعاني البنى التحتية لمياه الدولة من اهتراء فتختلط المياه الإرتوازية مع مياه المجارير.

الانتصار الحقيقي هو بنهوض ابناء المنطقة لقلب الطاولة على رؤوس من لا تعنيهم فظاظة الواقع الذي غمر به أبناء الضاحية المهمشين.

السابق
من لم يمت أُعطيَ إذناً بالإنتحار!
التالي
من وراء إطلاق سراح موقوفي الرشاوى الحربية؟