ما علاقة تحذير السفارات بالغاء احتفال النصر؟

منير الربيع

اعتاد اللبنانيون طوال السنوات الماضية على بيانات تصدر عن السفارات الأجنبية، خصوصاً الأميركية، تحذّر مواطنيها من التنقل في بعض المناطق في لبنان، أو تحذرهم من حصول عمليات إرهابية. هذه البيانات التحذيرية وصلت في مرحلة من المراحل إلى حد البيانات الروتينية والدورية التي تصدر كل ستة أشهر، وتعتبرها السفارة الأميركية تحذيرات وقائية لمواطنيها.

لكن، لم يسبق أن تضمّن أي بيان تحذيري، تحديد منطقة بحد ذاتها، أو تسمية مكان معين، بخلاف التحذير الذي صدر الخميس، في 14 أيلول، وحذّرت فيه السفارة الأميركية مواطنيها وموظفيها من التوجه إلى كازينو لبنان تخوفاً من احتمال حصول عملية إرهابية. وقد حذت السفارة الكندية حذو الأميركية، فأصدرت تحذيراً مشابهاً. وقد دفع التحذيران بالسفارة المكسيكية إلى الغاء إحتفال كانت تنظّمه في الكازينو.

إقرأ أيضاً: توقيف 19 ارهابيا يسبق تحذير السفارات: أمن لبنان الى الواجهة من جديد

ليس هناك من جواب واضح بشأن خلفية تحذير السفارة. ولدى سؤال المعنيين، يرفضون الاجابة، ويشيرون إلى أنهم يلتزمون بالبيان الصادر، من دون زيادة أو نقصان. كذلك الأمر بالنسبة إلى السلطات اللبنانية، التي رفضت الدخول في أي تفاصيل، معتبرة أن البيان هو جزء من الاجراءات الأميركية، التي قد تكون مبنية على معلومات، لكن لا داعي للهلع.

صحيح أن اللبنانيين يفهمون هذه التصريحات بأنها ستنعكس سلباً على الوضع الداخلي والسياحة، لاسيما أن كازينو لبنان يعتبر قبلة السياح، لكن لا بد من التعاطي مع الموضوع بشيء من الجدية. إذ تلفت مصادر معنية إلى أنه لا يمكن للأميركيين إصدار هكذا تحذيرات من دون توفر معلومات لديهم. بالتالي، هم لا يدخلون في عالم التهويل ولا مصلحة لديهم. لكن من غير المعروف إذا كانت هذه المعلومات أو المعطيات هي أمنية وإستخبارية، أم أنها نتيجة تقديرات بإمكانية لجوء تنظيم داعش لتنفيذ عمليات إرهابية في أكثر من منطقة وبلد، كردّ على الخسارات التي مني بها في المنطقة. وبما أن الكازينو كان مهدداً في السابق، وكان من بين الأهداف المدرجة على قائمة الأماكن التي تسعى بعض التنظيمات الإرهابية إلى استهدافها، فكان من الواجب التحذير بشأنه.

إقرأ أيضاً: بعد تحذيرات السفارات.. الجيش اللبناني يحبط عملية إرهابية!

قبل أشهر، ألقت الأجهزة الأمنية اللبنانية القبض على مجموعة إرهابية كانت تعتزم تنفيذ عمليات تفجير في بعض المرافق في لبنان، وقد اعترف هؤلاء بنيتهم تفجير الكازينو. وقد يكون هذا السبب هو الذي دفع الأميركيين إلى إصدار هذا التحذير، تماشياً مع الأجواء التي لديهم والتي تشير إلى احتمال حصول عمليات إرهابية.

اللافت أن هذا التحذير يأتي بعد أيام على الغاء احتفال النصر في وسط بيروت، الذي ألغي بالإضافة إلى الأسباب والخلافات السياسية حوله، لأسباب أمنية. أحد المتهكمين على ما يجري، يقارب الموضوع بطريقة ساخرة، إذ يعتبر أن السفارة الأميركية كانت من أكثر المتحمسين لاحتفال النصر، وللاشادة بدور الجيش استكمالاً لمواكبتها التويترية لمعارك فجر الجرود، فيما هناك من يعتبر أن حزب الله كان منزعجاً من الاحتفال ولا يريد له أنه يحصل كي لا يظهر حجم الدعم والتأييد للجيش مقابل تغييب دوره الأساسي في المعارك. وهذا الانزعاج هو الذي أدى في النهاية إلى الغاء الإحتفال. وبما أن السفارة الأميركية أبدت انزعاجها من الغاء الاحتفال، وبما أنها لا تريد أن تظهر في موقع المتراجع أمام الحزب، اضطرت إلى إصدار هذا البيان التحذيري بهذا الشكل، لنقل النقاش إلى مكان آخر، وحصر الغاء المهرجان بالأسباب الأمنية، من دون الأسباب السياسية.

السابق
رياشي: احتمال وقوع اي تفجير وارد
التالي
أمل حجازي سوف تقاضي كل من يسيء إلى قدسية الحجاب