لبنان والمؤتمرات الدينية: حوارات لا تنتهي

حوار الاديان
مؤتمر "نحو ثقافة الحوار بين الاديان" الذي اقامته جامعة "المعارف" الحديثة العهد، والذي استمر على يومين يستفز في "دوليّته" اللبنانيين. لماذا؟

خرج المؤتمر الدولي المعنون بـ”نحو ثقافة الحوار بين الأديان“، الذي نظمته جامعة “المعارف” التابعة لحزب الله، مؤخرا، كما هي عادة جميع المؤتمرات الحوارية الدينية بسلسلة توصيات عامة غير عمليّة. والدليل على ما نورد هو التوصية الاولى، ضمن مجموعة توصيات أخرى: “الانطلاق من إنسانية الإنسان..”..، ومن ثم “تكريس ثقافة الحوار” بحسب الوكالة الوطنية للاعلام، والى ما هنالك من كلام يُطلق على عواهنه في الهواء الطلق، دون أي مردود عمليّ كوننا في لبنان تعوّدنا على رصف الكلام وبيعه كبضاعة صالحة للاستعمال في جميع الاوقات.

اقرأ أيضاً: التقريب بين المذاهب الاسلامية… آفاقه وعقباته

ففي لبنان، عدد لا يتناسب اطلاقا مع مساحة وعدد سكان لبنان من المؤسسات الحوارية، منها ما أنشأ قبل الحرب الاهلية 1975، لكن وبعد انتهاء الحرب بات عدد المؤسسات الحوارية بعدد شعر رأس انسان طبيعي.

ففي لبنان الهيئة الاهلية للحوار الاسلامي- المسيحي، واللجنة الوطنية للحوار الاسلامي-المسيحي، والفريق العربي للحوار الاسلامي المسيحي، وملتقى الاديان للحوار الاسلامي المسيحي، والمجمع الثقافي الجعفري للدراسات والبحوث، ومؤسسة دو قرطبة، وربانيون بلا حدود،… والى ما هنالك من عشرات الجمعيات والمؤسسات التي تحتاج لوقت طويل من اجل احصائها وتعدادها.

والنتيجة يجب ان تكون رائعة ومبهرة بحسب ما تقدّم من احصاء أوليّ، لكون الحواريين كثر في لبنان. لكن ميدانيّا، وعلى أرض الواقع نشهد التقاتل والاختلاف، والتنابذ والبغضاء، وخطوط تماس غير مرئية، مناطقيا واكاديميا واقتصاديا وجغرافيا. فالمتحاورون يتسابقون الى إعلاء شأن الكلام، وألوان التزلف والتزّيف.

فكل يعود الى واقعه وخاصة اولئك رجال الدين من كافة الاطياف، الذين بزّيهم الديني فقط يفرضون التمييز دون أي دخول في التفاصيل الاخرى.

والمؤتمر الأخير الذي عقدته جامعة “المعارف” التابعة لحزب الله في لبنان، والتي تأسست منذ سنتين فقط، جيّرت المؤتمر لصالح الحليفين “العوني – الحزب اللهي”.

فقد حضر ممثل راعي الحفل، أي رئيس الجمهورية ميشال عون، وممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري، بحسب موقع “العهد” الاخباري، في ظل غياب الرئيس الحريري او من يمثلّه من موقعه الطائفي، مع الغياب التام لدار الفتوى اللبنانية، أي ان الحوار شيعي- ماروني، وبشكل أخص حوار حلفاء السياسة.

فالديكور – أن صح التشبيه والتعبير هنا – جاهز ومرّكب، وليس علينا كحواريين الا ان نجلس تحت المنصة لالتقاط الصورة. فهكذا يمكن وصف المؤتمر الاخير الذي عقد في الحازمية في فندق لانكستر.

وهذا الوصف قد ينطبق على عدد كبير من الملتقيات الحوارية في لبنان. لدرجة ان الابداع الحواري اللبناني امتد الى مصر الثقافة والفن. ولا بد من القول ان الحوار في لبنان بدعة أوروبية أميركية. وليس ذي شأن مصدرها بالنسبة لكثيرين، لأنها غير ذات أهمية لكوننا نعيش معا ونلتقي معا.

والمطلوب ليختفي الشحن الطائفي هو ضبط الخطابات الفتنوية، ومنع الاعلام من بث ما يؤجج هذه الفتن، وتوحيد الكتاب المدرسي. وهي كلها أمور بسيطة تقع على عاتق السلطات اللبنانية.

اقرأ أيضاً: «التّقريب بين المذاهب الإسلامية في القرن العشرين» عن الأزهر والتَّشيُّع محاولاتٌ وتحفّظات

ومن المؤسسين لهذا النشاط هو الشيخ محسن الأراكي وهو مجتهد ايراني شيعي، وأمين عام مجمع التقريب بين المذاهب الاسلامية، ومؤسس المركز الإسلامي في إنكلترا، وايضا عضو سابق في مجلس خبراء القيادة في إيران، ومن تلامذة المفكر الإسلامي الشهيد محمد باقر الصدر، ومن الذين أستفادوا من الحوزة العلمية في النجف والحوزة العلمية في قم على حد سواء، ويتقن الى اللغة الفارسية، العربية والإنكليزية، بحسب وكالة TNA.

فبعد دخول الاوروبيين الى عالم الحوار اللبناني – اللبناني، دخل مؤخرا الايرانيون في اطار الحوار الإسلامي – الإسلامي من بوابة لبنان. ومن المؤكد ان المؤسسات الحوارية الاوروبية ستجد في سورية ارضا خصبة لعملها بعد توقف الحرب.

السابق
مجلس الوزراء شكل هيئة تقوم بالإشراف على الانتخابات
التالي
السلسلة أقرت.. والموظفون في حيرة بإنتظار رواتبهم