دور المسيحيين في لبنان امام سحر الطائفة القوية

فقرة الصحافي علي الأمين في برنامج "على مسؤوليتي" على صوت لبنان.

تجديد الدور المسيحي شرط وضرورة لاعادة الاعتبار للوطن والدولة. هذا الدور ليس معياره بالتأكيد أن كل من يصل إلى رئاسة الجمهورية يجب أن يكون الأكثر تمثيلا في طائفته، ولا بالضرورة أن يكون أقل تمثيلا من بقية المرشحين.
ما يحتاجه لبنان من الدور المسيحي هو ما يحتاجه إنقاذ لبنان. وحتى المسلمين الذين غرقوا في انقساماتهم العبثية والمدمرة ليس في لبنان فحسب بل غي المنطقة، ينتظرون استنقاذا من قبل المسيحيين ودورهم الخاص، بالتأكيد ليس من خلال تحسين حصص أحزابهم وأقطابهم وعبر الاستلحاق بمعارك المسلمين وانقساماتهم، بل بتقديم رؤية تستجيب لمتطلبات دور لبنان العربي والدولي، وضمن إعادة بلورة الدور المسيحي القادر على بناء تفاهمات إسلامية في لبنان بشرط وطني وعلى قواعد الدولة. أي أنه على المسيحيين أن يكوّنوا دورا خاصا لا أن ينقسموا بين السنة والشيعة ومحوريهما

هذا الدور يتطلب رجالات وتيارات لا تكون منهمكة في تكوين عصبية مسيحية في مواجهة العصبيات الإسلامية، ولا يشغلها اكتساح الشارع المسيحي بغرائزية نتيجتها الهبوط بالسياسة إلى ما دون مهمة بناء الدول.

لبنان اليوم يحتاج إلى إعادة ترميم وبناء وطنية لبنانية وبناء الدولة، الدور يجب أن يكون على هذا المستوى. وهذا ما يمكن أن يشكل رافعة لدور مسيحي في لبنان والمنطقة العربية. رافعة تتطلب وجود رؤية حضارية لدور المسيحيين كمكون عربي أصيل وفاعل في الحضارة الإسلامية، وليس الاستسلام لفكرة أن ما يجري في لبنان والعالم العربي هو أزمة بين المسلمين يدفع المسيحيون أثمانا فيها، وانهم ليسوا معنيين بأسباب نشوئها ولا حلولها وأنهم في هذا الوقت ليس عليهم الا أن يحسنوا حصصهم وتعييناتهم…

إقرأ أيضاً: علي الأمين: إيران استفادت من الشرخ بين الأقليات السورية وبين الثورة

فلبنان كما ينبئ تاريخه منذ نشأ كوطن، أي سلطة فيه مهما بلغت من القوة والبطش لا تستطيع تطويع التنوع الذي قام عليه، ولا مساحة الحرية التي ظلت عصيّة على كل السلطات والاحتلالات لهذا البلد، وهذه الميزة ليست طارئة بل هي عميقة وتأسيسية لهذا الوطن ولهذه الدولة، وهي لذلك مرتبطة ارتباطا وثيقا بطبيعته الاقتصادية والاجتماعية والحضارية، وأيّ إخلال بشروط الديمقراطية والحريات ينعكس بالضرورة على الاقتصاد وعلى حياة المواطنين اليومية.

لبنان يلفظ أيّ محاولة لإلحاقه بالنماذج التوتاليتارية، وفي تكوينه لا يمكن أن يكون منفصلا عـن محيطه العربي، فالانتماء العربي ليس انتماء ظاهريا أو شكليا، بل هو عنوان وجود واستمرار ومعنى له، وكلما حاولت السلطات المتعاقبة جرّه إلى مكان آخر كان لبنان يرفض بطبيعته هذا التطويع والفرض بالانفجار في وجه من يحاول ذلك.

البلد يفاجئ الجميع في قدرته على التفلّت من نير العبودية، يطلق حركة مقاومة واعتراض ضد كل سلطة تسعى إلى تغيير عناصر وجوده وتنوعه الفعلي، لبنان بلا حريات وبلا اعتراض وبلا حيويات سياسية وثقافية يموت، ولأنه عصي على الموت فهو متعب بل يقضي على كـل من يحاول مصادرته أو جعلـه على صـورته الخاصة، الاقتصـاد يرفض هذا النمـط من الاستقواء والتنمية أيضا، والحياة اللبنانية ترفض التنميط لذا تعلن كلها أنّها عصية على الاستحواذ.

إقرأ أيضاً: علي الأمين: انتصار الجيش أقلق حزب الله لذا «هرّب» داعش

يجب ان نقتنع ونؤمن ان لبنان وطن أكبر من أي خطاب أيديولوجي تعبوي، وأعمق من فكرة طارئة تظن أنّها تحكـم وتسيطـر، وعصي على أي احتـلال ولو كـان من داخلـه…. الحـرية ليست فيـه موجـة عابرة بل موجـة كفيلـة بـأن تطيـح بكل طاغية سواء كان فكرة أو محورا أو رجلا.

والمسيحيون يجب ألا تسحرهم صورة القوة والطاغية والطائفة القوية. لأنهم سيدفعون الثمن عاجلا أم آجلا. يجب أن يكونوا قوة وسطية.

السابق
الأيوبي: لإيجاد حل عاجل للحجاج العالقين في مطار المدينة المنورة
التالي
جنبلاط معلقاً على إلغاء احتفال الانتصار: تخبط وضياع