لماذا سلم أبو عجينة نفسه؟

علي الحجيري

عنصر جديد دخل على خط التحقيقات في أحداث عرسال في آب 2014، يتمثّل بالقبض على رئيس بلدية عرسال السابق علي الحجيري، الملقب بأبي عجينة، السبت في 9 أيلول. فهل رفع الغطاء السياسي أم لم يُرفع؟ وهل تحصل تسوية أم أن التحقيقات ستصل إلى خواتيمها؟

ينقسم اللبنانيون بين تقديرات متعددة بشأن ما يحصل. فهناك من يعتبر أن اصرار رئيس الجمهورية ميشال عون وقائد الجيش جوزف عون والجو الإعلامي والشعبي، يحتّم القبض على المتورطين أو المتهمين، حتى ولو إعلامياً، من أجل امتصاص نقمة الشارع. وبفعل هذا الضغط، يعتبر هؤلاء أنه تم رفع الغطاء عن الحجيري. ما أتاح القبض عليه.

في مقابل هذا الرأي، ثمة وجهة نظر أخرى تفيد بأن أبو عجينة هو من بادر إلى تسليم نفسه، بعد اتصالات تلقاها بهدف التحقيق معه بشأن ملابسات المرحلة السابقة، وقد وافق على ذلك، فقُبض عليه. أما الرأي الثالث فيفيد بأن هناك من كان يحاول انجاز تسوية معينة لبعض الأشخاص، الذين اتهموا بالتورط في أحداث عرسال وفي اختطاف العسكريين، فيما هم ينفون ذلك. بالتالي، فإن تسوية أوضاعهم ستحصل بعد توقيفهم والتحقيق معهم.

وفيما لايزال منزل الشيخ مصطفى الحجيري، المعروف بأبو طاقية، مطوقاً، وعمليات البحث عنه لاتزال جارية، تتضارب المعلومات في شأن مصيره. هناك من يعتبر أن أبو طاقية لايزال يتوارى في أحد المساجد، وآخرون يعتبرون أنه اتجه إلى إحدى المغاور في الجرود. ورأي ثالث يعتبر أن أبو طاقية غادر عرسال وربما أصبح خارج لبنان. إلا أن مصادر أخرى تنفي امكانية ذلك، لأن عرسال كلها مطوقة ولا مسرب آمن لأي شخص.

أما أبو عجينة، فهو أراد تسليم نفسه لأكثر من سبب. الأول تبيان براءته. والثاني ليحصل على حماية الدولة بعد كل التهديدات التي تعرض لها ووجهت إليه من أهالي العسكريين الشهداء. فيما أبو طاقية كان يستند إلى حصوله على ضمانات متعددة من بعض القوى اللبنانية، بأنه ستتم تسوية وضعه. لكن، يبدو أن ذلك لم يتحقق بسبب الوضع الضاغط الذي لا يسمح حالياً بحصول تسويات.

قد يكشف توقيف الحجيري كثيراً من التفاصيل والخبايا عن أحداث تلك المرحلة. وهو سيشير إلى أنه كان على تواصل مع سياسيين ومسؤولين في كل حركة أقدم عليها. وسيشدد على أن ليس لديه علاقة أو أي تورط في الاعتداء على الداخل اللبناني أو على أي من العسكريين. وسيعتبر أنه كرر كثيراً الدعوات لدخول الجيش إلى عرسال.

إقرأ أيضاً: عرسال ليست مكسر عصا

وربما تكرّ سبحة التوقيفات، وقد يطلق سراح أبو عجينة بعد فترة. لكن الأكيد أن التحقيق الشفاف والجدي، لا يمكن أن ينحصر بالقاء التهم على بعض العراسلة، لأنهم استندوا إلى قرار سياسي في تلك الفترة. بالتالي، فإن جلسات مجلس الوزراء في ذلك الحين كفيلة بتبيان حقائق بشأن الأحداث وبالتحديد بشأن خطف العسكريين وتصفيتهم فيما بعد، إثر رفض التفاوض والمقايضة.

لن تقف الأمور عند هذا الحد في الفترة المقبلة. هذا ما أشار إليه قائد الجيش جوزيف عون، الجمعة في 8 أيلول، حين اعتبر أن الجيش سيستكمل انتشاره على الحدود الشرقية. ما يعني أن ثمة توقيفات جديدة ستحصل مع التعزيزات العسكرية التي سيتم اتخاذها في الجرود، والتي ستستكمل بدعم دولي على غرار أبراج المراقبة التي شيدها البريطانيون في العام 2014. بالتالي، فإن هذه التعزيزات ستقترن بمزيد من المداهمات والاجراءات الأمنية داخل عرسال، وقد يتم دهم بعض المخيمات التي يشتبه بوجود بعض المطلوبين أو المسلحين داخلها.

إقرأ أيضاً: «أبو طاقية» ليس داعشياً: لذا لم تشمله «بركات» صفقة حزب الله

الأكيد أن تحقيق أي مكسب ميداني من أي طرف، لا بد أن يستكمل بمكاسب سياسية. وهذا سينعكس على المدى البعيد، تكريساً للنتائج التي حققها حزب الله، سواء أكان في ما يخص هذا الملف سياسياً ومعنوياً، أم عبر الضغط مستقبلاً لإعادة بعض اللاجئين من المخيمات إلى الداخل السوري، وإلى مناطق خاضعة لسيطرة النظام.

السابق
عرسال ليست مكسر عصا
التالي
طارق شندب: هذا هو تحريض وكذب قناة OTV