فيّاض تعقيباً على جدل صلاحيات رئيس الحكومة: لغوٌ قانوني فاضح سببه السكوت المتمادي

ما هي صلاحيات رئيس الحكومة؟

سجال حول صلاحيات رئيس الحكومة طُرٍح اعلامياً، بدأه النائب في كتلة الوفاء للمقاومة نواف الموسوي الذي أعلن أنّ تصريحات الرئيس سعد الحريري التي أطلقها في فرنسا حول سوريا والرئيس بشار الأسد لا تمثل الحكومة اللبنانية.
لافتاً إلى أنّ ما صدر عن الحريري هو موقفه الشخصي الذي يمثل حزبه، وأنّه قد خالف الدستور حينما أعطى لنفسه الحق بعرض ارائه الشخصية.
هذا التصريح المنتقص من صلاحيات رئيس الحكومة توقف عنده النائب عقاب صقر، الذي ردّ على الموسوي قائلاً “إقرأ الدستور ولو لمرّة واحدة وسريعة”، ليجيبه الأخير ” “لو كان لدي وقت لأعطيتك دورسا في الدستور”.

وبين الأخذ والرد، يبقى السؤال العالق بالنسبة للعديد من اللبنانيين. ما هي صلاحيات رئيس الحكومة وهل عليه العودة إلى الوزراء قبل اتخاذ أيّ موقف؟!

في هذا السياق تواصل موقع “جنوبية” مع الخبير الدستوريّ المُحامي ماجد فيّاض الذي بدأ حديثه بالقول “دون الدخول في السجال القائم بين النائب نواف الموسوي والنائب عقاب صقر لأنّ ما يهم الرأي العام أولاً وأخيراً هو ما ينص عليه الدستور نفسه وما يحدده لجهة الصلاحيات التي منحت في القانون الأسمى وهو الدستور إلى رئيس مجلس الوزراء أي رئيس الحكومة، وهذه الصلاحيات إضافة إلى العرف الدستوري المكرس وإضافة إلى ما قاله الفقه والاجتهاد في هذا الشأن إنّما ينطلق في الأساس من نص المادة 64 في الدستور التي تتحدث تحت البند ثانياً عن رئيس مجلس الوزراء فتؤكد أنّ رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة وتنص على التالي حرفياً: يمثلها ويتكلم باسمها ويعتبر مسؤولاً عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء”.

مضيفاً “هذا النص دون حاجة إلى ذكر ما تبقى من هذه المادة يؤكد على أنّ رئيس الحكومة هو من يتكلم باسمها في الأساس وأنّ ما يصدر من تصريحات عن الوزراء إنّما تلزمهم شخصياً ولكنّها لا تلزم الحكومة إطلاقاً، خلافاً لما تحاول بعض الممارسات اليوم أن تكرسه”.

ويوضح فياض أنّه “استناداً إلى الصلاحيات الواردة في المادة 64، فإنّ رئيس الحكومة هو من يرأس المجلس وهو من يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة وهو من يتقدم باسمها ببيانها الحكومي فيطرح سياسة الحكومة العامة أمام مجلس النواب وهو من يوقع من رئيس الجمهورية جميع المراسيم بما في ذلك لو كان للدستور أن تجري أحكامه بصورة بطبيعة وأن يمارس على الأسس الديمقراطية التي ألهمت واضعيه ساعة واضعها، فهو من يقيل الوزراء بالتوافق مع رئيس الجمهورية ويوقع مرسوم إقالتهم وقد جرت سوابق في هذا المجال”.

ليتابع “ولا حاجة إلى الحديث عن توقيعه مرسوم الدعوة إلى فتح دورة استثنائية ومراسيم إصدار القوانين وطلب إعادة النظر فيها كما لا حاجة إلى الحديث عن كونه من يضع جدول أعمال مجلس الوزراء، ويطلع رئيس الجمهورية مسبقاً على مواضيعه”.

إقرأ أيضاً: حُكم الذوات: تعطيل الدستور باسم الصلاحيات

ليردف “وإذاً، فالحكومة في الممارسة والعرف، وكما فسّر ذلك الفقه والاجتهاد حيث توافر، إنّما تمثل بواسطة رئيس الحكومة وكل قول آخر بأنّ الوزراء هم الذين يمثلون الحكومة بمواقفهم وأقوالهم وآرائهم لاينطلق من أسس قانونية ثابتة وجديّة وما كان له أن يكون بهذا الموقف أي شأن لولا ما بات يطبق في لبنان من مخالفة للدستور فاضحة في الممارسات بإسم الديمقراطية التوافقية بحيث أطيح بكل المفاهيم الدستورية للممارسة الديمقراطية”.

وبحسب فياض “لو أننا نظرنا للوزراء وموقعهم من الحكومة والدستور ورأينا بأنّه لم تتم إناطة صلاحيات في التعبير عن الحكومة أو في تمثيلها كما يزعم البعض أن يستحب أن ينظر إلى موقعه كوزير، فكل ما هو مطلوب منهم هو إدارة مصالح الدولة وتطبيق الأنظمة القوانين كل فيما يتعلق بالأمور العائدة إلى إدارته وبما خُصّ به”.

هذا ويلفت الخبير الدستوري إلى أنّ “الحديث عن أنّه لا يحق لرئيس الحكومة أن يصدر أراءً بشأن موضوع ما أو أن يتكلم باسم الحكومة وأن يعبر عن سياستها العامة إنما هو بنات افكار صاحبه وهي لغوٌ قانوني فادح وفاضح ما كان له أن يكون أو يصدر أو وزير أو نائب لولا السكوت المتمادي عن افعال بعض الوزراء في الحكومات المتعاقبة بأنّه لم يعد في ظلّ نظام الديمقراطية التوافقية الذي ابتدعه تعايش الطوائف والمذاهب في لبنان وجعل منه ما يشابه ممارسات “اللويا جيرغا” أن يكون قائماً”.

إقرأ أيضاً: إلتباس صلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء حول أعمال الحكومة

ويخلص فياض إلى أنّ “رئيس الحكومة هو من يمثل الحكومة ويتكلم باسمها ويقترح سياستها أمام مجلس النواب، أفلا يكون من حقه إذاً وهو الذي يطرح سياستها أمام نواب الأمة وسلطتها التشريعة على مسمع ومرأى من الشعب بأكمله أن يعبر عن سياستها؟”. ليعلق خاتماً “لكننا وصلنا إلى زمن الاختراقات الدستورية”.

السابق
تصريح مصوّر للرئيس عون: ممنوع التفاوض مع داعش…باستثناء حزب الله
التالي
هيئة علماء المسلمين: من عرقل التفاوض بالدم هو الذي أَمّن فرار القتلة بالباصات المكيفة