عودة «الوصاية السورية الى لبنان» تحكمها موازين القوى

الوصاية السورية
في عام 2005 قال السيد حسن نصرالله لجيش النظام السوري الذي انسحب من لبنان إلى "اللقاء مجددا"، ففي ظلّ المناخ الداخلي والإقليمي الذي يوحي ببقاء الأسد، هل آن الأوان لعودة الوصاية السورية إلى لبنان.

يحكى مؤخرا عن نوايا لعودة تطبيع العلاقات اللبنانية – السورية، ترجمت عمليا بزيارة وزيري “حزب الله” و”حركة أمل” ومعهم وزير «تيار المردة» إلى دمشق عقب انتهاء عملية حزب الله ضد «هيئة تحرير الشام» أو جبهة النصرة سابقاً في جرود عرسال. كما أن ما كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لاحقا في احتفال “النصر” في بعلبك، بأنه زار الرئيس السوري بشار الأسد شخصياً، لبحث موضوع إخراج مسلّحي تنظيم داعش من الحدود اللبنانية السورية، إلى الشرق السوري. يدلّ ضمنيا محاولة توريط الحكومة اللبنانية، للتطبيع سياسياً وغير سياسياً مع الأسد.
هذه الزيارة التي وحتى الساعة ما زال رئيس الحكومة سعد الحريري يشدد على أنها غير مطابقة للمواصفات ولم تحظى بغطاء الحكومة واضعا إياها بإطار شخصي لا رسمي.
وفيما يرى البعض بتوقيت هذه الزيارة من قبل 8 أذار وحزب الله خصوصا ترجمة لعملية جرود عرسال داخليا من خلال دفع لبنان الرسمي لإعادة تطبيع العلاقات اللبنانية – السورية.

اقرأ أيضاً: في ذكرى خروج الجيش السوري من لبنان: حزب الله هو الوصي!

الواضح أن هذه الزيارة لم تكن زوبعة في فنجان، إنما يبدو أنها كانت إنطلاقة مرحلة إعادت الحلف الإيراني تطبيع العلاقات بين الجارتين.
مفاعيل الزيارة لا تزال قائمة حتى الساعة وقد لوحظ مدى التباين أمس في موقفي كتلة الوفاء للمقاومة وتيار المستقبل، بعد بيانين متناقضين صدرا عن الطرفين.
وبينما اعتبر بيان المستقبل كلام موقف وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج تامر السبهان “رسالة تنبيه يجب تلقفها والتعامل معها بكل جدية ومسؤولية”، وأن “الاستقرار السياسي لا يستقيم على قاعدة الإفراط المتواصل والبذيء في الاساءة للمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، على صورة ما يجري تداوله من خلال نواب واشخاص يدينون بالتبعية لحزب الله وبقايا العسس القائم على خدمة النظام السوري”، أكّد بيان المقاومة على أن “التطورات الايجابية في كل من لبنان وسوريا تسمح للدولتين بمقاربة موضوعية للعلاقات في ما بينهما تسهم إيجاباً في تخفيف الأعباء عن الشعبين الشقيقين ومعالجة عودة النازحين الطوعية الآمنة، وتدفع باتجاه إعادة تفعيل العلاقات السياسية والاقتصادية وغيرها في إطار الاحترام المتبادل بين البلدين، وتحقيق المصالح المشتركة”.

وفي هذا السياق، يرى مدير معهد الشرق الاوسط للشؤون الاستراتيجية د.سامي نادر في حديث خاص لموقع “جنوبية” أن امكانية عودة العلاقات السورية اللبنانية يحكمها الحكومة نفسها والتوزان في مراكز القوى داخل المجلس نفسه، وفي ظلّ هذه الحكومة الحالية إستبعد عودة العلاقات لما كانت عليه قبل العام 2005، لكن ممكن أن تنساق الأكثرية في المجلس متحالفة مع حزب الله، وبالتالي قادرة على حسم الصراع ضدّ الأقلية الغير متحالفة مع الحزب”.

ومن جهة ثانية، أشار نادر أنه “عودة العلاقات أيضا يحكمها أيضًا موازين القوى في المنطقة، ولفت إلى أنه لا بدّ التوقف عند معركة دير الزور الذي احرز فيها المحور الايراني ونظام الأسد إنتصار . فموازين القوى حتى اليوم تسمح بإمكانية تطبيع العلاقات السورية اللبنانية من قبل بعض الوزراء في 8 أذار الذين يشكلون أكثرية من غير توقيع الحريري وجعجع وهو ما يتوقف على خيار الحريري وجعجع”.
وخلص نادر أن “حزب الله قد يذهب نحو التطبيع في العلاقات حتى النهاية حتى لو كان الثمن إسقاط الحكومة الحالية أو يكون ثمنها عدم إستقالة الفريق الآخر والقبول فيها تحت الأمر الواقع”.
وبدوره، أشار الصحافي والمحلل السياسي وفيق الهواري في حديث خاص لـ “جنوبية” حول تطبيع العلاقات مع النظام السوري انّ “طُلب بعض الجهات اللبنانية بإعادة تطبيع العلاقات بين سوريا ولبنان يأتي في سياق سياسة تتبعها معظم المكونات اللبنانية التي تشهد إنقساما تاريخيا منذ الإستقلال. فتسعى كل منها إلى الإستقواء بالخارج بدلا عن بناة دولة وطنية مستقلة”. وتابع “منسوب المطالبة عند احد المكونات يعلو بعد أي تعديل في الواقع الإقليمي وبحسب موازين القوى”.
كما لفت الهواري إلى انه “في عام 2005 يوم خرج الجيش السوري من لبنان بقرار أميركي قالت له القيادة في حزب الله ومن ساحة رياض الصلح: إلى اللقاء مجدداً. وبعد 6 سنوات من الحرب السورية يبدو أن ما يجري التفاهم عليه دوليا وإقليميا يعطي أرجحية لموقع النظام السوري بغض النظر عم تتداول الجهات الدبلوماسية عن مناطق نفوذ في سوريا”.

اقرأ أيضاً: لماذا أنقذ حزب الله مقاتلي داعش من الجيش؟

وبحسب الهواري “هذا ما يفسح المجال أمام طرف لبناني أساسي للإستقواء بنتائج ما حصل في سوريا وبالخارطة الإقليمية ويجدد المطالبة بتطبيع العلاقة مع النظام السوري، في حين لو كانت النتائج مختلفة، لبادر مكون آخر للمطالبة بقطع العلاقات مع السلطة السورية”.
ورأى الهواري أن “المصلحة الوطنية اللبنانية تقضي ببناء علاقات طبيعية وجدية مع النظام، ولكن ضمن رؤية تؤكّد إستقلالية السياسة والقرار اللبناني”. مشددا في النهاية على أن “هذه المشكلة لا تتعلّق بالنظام السوري بقدر ما تتعلّق بالتفاهم اللبناني حول علاقة لبنان بمحيطه آخذا بعين الإعتبار المصلحة الوطنية بالدرجة الأولى والقائمة على محاولة الإندماج بين المكونات وليس تعميق الإنقسامات فيما بينها، وهو ما يبدو انه بعيد المنال”.

السابق
الإرهاب «القاعدي» و«الداعشي»: التكوين والاستخدام الإيراني
التالي
«غارات اسرائيل» لاستهداف الممرّ الشيعي من طهران الى دمشق