عودة داعش من جرود لبنان الى الحضن السوري الدافىء

إلى أحضان الأم "عادوا" بهذه الكلمات توصف عودة الدواعش إلى نظام الأسد!

بعد البيان الإنساني لـ”حزب الله” والخوف من استهداف قافة داعش وإعلاء الصوت والتحذير من حصول مجزرة، وبعد القلق الإيراني والإنسانية التي هبطت فجأة من حيث لا نعلم على حلف الممانعة، ضجّت وسائل الإعلام بمعلومات تؤكد انشقاق 113 عنصراً من قافلة داعش وانضمامهم إلى النظام السوري تحت شرط عدم القتال في دير الزور!

إذاً، اتضحت الصورة، وفسرت تلك المخاوف، فها هو الإبن عاد إلى حضن الأم، إذ انتهت المهمة كما يبدو فيما كان دور حزب الله تأمين العودة لهم سالمين آمنين غانمين!
مشهد الانشقاق مع مشهد الاستسلام، يكمل فصول الرواية، ويؤكد التحليلات التي تقول أنّ داعش صنيعة النظام، أما فيما يتعلق بالإنسانية العمياء التي ارتداها حزب الله فهي ليست إلا أداءً مسرحياً فاشلاً إذ لا يحق لمن حاصر بنفسه مضايا والزبداني وجوّع أهلها فيما كان جمهوره يسخر من تلك البطون الجائعة أن يجاهر بالإنسانية.
لا يحق لمن لم يبكِ على حلب أن يبكيَ على قافلة قيل إنّها لـ”داعش”.

في السياق نفسه، وفي لعبة “بيت بيوت” التي يلعبها حزب الله وداعش والنظام، كشفت صحف أجنبية عن انتقال عائلات من داعش إلى الداخل العراقي، ليضع ذلك الموقف العراقي الصادر عن زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي موضع التباس!

هذه النقاط جميعها، يعلّق عليها الكاتب والمحلل السياسي خيرالله خيرالله في حديث لـ”جنوبية” فيؤكد أنّه “لا يحتاج تأكيد انضمام عناصر من “داعش” الى ميليشيات النظام السوري إلى أيّ دليل. النظام السوري و”داعش” هما في الاصل وجهان لعملة واحدة. “داعش” صنيعة النظام السوري”.

مضيفاً “كلّ ما في الامر أنّ عناصر “داعش” عادت الى قواعدها سالمة بعد تأمين الخدمات المطلوبة. وعلى رأس هذه الخدمات اظهار النظام السوري في مظهر من يحارب الارهاب، علماً أنّ هذا النظام مصدر من مصادر الارهاب وكلّ ما هو ارهابي في المنطقة”.

يتابع خيرالله عند سؤاله عن موقف الحكومة اللبنانية لاسيما بعد تصريحات الرئيس الحريري في باريس والمؤكدة لمواقفته على عبور القافلة، فيقول “أما بالنسبة لعبور “داعش” الى الاراضي السورية، كلّ ما قاله الرئيس سعد الحريري يندرج في سياق طبيعي يتمثل في عودة عناصر “داعش” من حيث اتت. ما يهمّ لبنان اوّلا، لبنان الممنوع عليه الاقتصاص من “داعش” لاسباب مرتبطة بمصالح “حزب الله” والنظام السوري، هو التخلّص من “داعش”. وهذا ما حصل بالفعل”.

ليعلق على انتقال الدواعش إلى العراق قائلاً “على صعيد ما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست” عن انتقال عائلات من “داعش” الى داخل العراق، محافظة الانبار تحديدا، يبدو ان ثمّة حاجة الى احياء “داعش” في العراق لاسباب مرتبطة بالوضع الداخلي في البلد ولسد الابواب على اعتراضات رئيس الوزراء حيدر العبادي على الصفقة التي تمّت بين “حزب الله” و”داعش””.

معتبراً أنّ “مثل هذه الخطوة المتمثلة بارسال دواعش الى العراق تستهدف ممارسة ضغوط على العبادي لاجباره على الاقتناع بان “الحشد الشعبي”، اي النسخة العراقية لـ”حزب الله”، هو من يقرر ما هي السياسة العراقية وليس الحكومة العراقية”.

ويخلص خيرالله إلى أنّ المطلوب هو سيطرة الميليشيات المذهبية على القرار السياسي في العراق لا اكثر ولا اقلّ وتكريس ذلك على ارض الواقع.

في حين يؤكد الباحث والمحلل السياسي ومدير جمعية “هيا بنا” لقمان سليم في حديث لـ”جنوبية” أنّه “قبل الحديث عن التحاق حوالي المئة من عناصر داعش بجيش بشار الأسد يجب أن يتساءل من أتى بهؤلاء الدواعش إلى هذه المنطقة تحديداً من الجرد اللبناني وهي المنطقة التي تربط لبنان بسوريا”.

مضيفاً “علينا أن نتذكر جيداً بأنّ هؤلاء الداعش لم يستقروا منه هذه المنطقة من الجرد إلا عندما قام حزب الله بالإستيلاء على مدينة القصير وبالتالي اتخذ من هؤلاء الدواعش منطقة فاصلة بين القصير وبين منطقة تواجد اللاجئين السوريين والفصائل المسلحة التي كانت تمثلهم وعلى رأسهم الجيش السوري الحر”.

لقمان سليم

إقرأ أيضاً: هل يخوض الجيش اللبناني الجزء الثاني من المعركة ضد «داعش»؟

ويردف سليم مشدداً أننا أمام سؤال أساسي يتعلق بهوية هؤلاء الدواعش وحقيقة ولائهم السياسي وبالتالي فما يجري اليوم من التحاق العشرات منهم بالجيش السوري – بحسب كلامه- هو أشبه ما يكون بعودة هؤلاء الدواعش المزعومين إلى بيت الطاعة الذي خرجوا منه يوم جاؤوا إلى هذه الجرود.

وبحسب سليم فإنّ”هذا الأمر لا يدهش على الإطلاق وخير دليل على ذلك ما نشهده من سباق باتجاه دير الزور حيث يريد النظام السوري وحلفاؤه أن يثبتوا أنّ لهم اليد العليا على مجريات العمليات العسكرية وعلى مستقبل القرار السياسي في سوريا“.

ليعلق عند سؤاله عن موقف الحكومة بعد تصريحات رئيسها في باريس “يجب أن يكون المرء ساذجاً أو غبياً لكي يحمل ما يقوله سعد الحريري على محمل الجد، أو أن يحمل أصلاً منطق سعد الحريري كرئيس للوزراء على محمل الجد”.

إقرأ أيضاً: معركة جرود عرسال ومطالب النصرة وملايين التلّي

موضحاً أنّه “في النهاية سعد الحريري هو في هروب متصل إلى الأمام وهو بالأخر مضطر على ادعاء مسؤولية ليست له لكي يجد لنفسه مكاناً وسط هذه المنظومة من التطورات التي تتجاوزه والتي لا يملك لها لا ضرّاً ولا نفعاً”.

ويختم سليم كلامه بالقول “سعد الحريري يلحس المبرد ويظن أنّ المبرد “سوسيت طيبة””.

السابق
الحرب الإسرائيلية هذه المرّة تدميرية أكثر من حرب 2006
التالي
وداع وحداد وطني يوم الجمعة للعسكريين الشهداء