من الوزاني إلى الزهراني «ما في ولا لمبة»

يحسد البقاعيون، وأهالي عكار، أبناء الجنوب على الإنماء الطافح عندهم، وخاصة بعد التحريرعام 2000 حيث انهالت المساعدات الخليجية من كل حدب وصوب على السلطة اللبنانية، ففُتحت الاتوسترادات بين العاصمة والجنوب.

بعد تحرير الجنوب، تغيّر شكل البيوت، ولكن بقيت الطرقات على حالها. الأولى صارت قصوراً، والثانية ظلت محافظة على شكلها البدائي.
فما أن تقطع مدينة النبطية شرقاً باتجاه الوزاني حتى تدخل مرحلة الخطر الشديد كون الطرقات ضيقة وغير مرصوفة بالزفت. إضافة إلى انعدام الإضاءة ليلاً، مع أكواع خطرة، قد توصلك أسفل الوادي بغمضة عين، في ظل تزاحم السير.
واللافت أنّ هذه الارض التي دفعنا ثمنها غاليّا كلبنانيين، لا يعرف مسؤولونا قيمتها ولا حتى أبناء البلد الذين عانوا من الاحتلال أولاً، ومن الإهمال ثانياً، ومن انعدام الوعيّ ثالثاً.

اقرأ أيضاً: حزب الله «يشبّح» في يارين على مرأى القوى الأمنية

فهل مثلاً سنرى أهل فلسطين، بعد تحريرها سيعمدون إلى تخريبها وطمرها بالنفايات بعد أن اشتروها بالدم؟ حيث قد نترّحم على المحتل؟
ونحن، وبعد 17 عاما على التحرير، هكذا يمكن وصف حال جنوبنا. فنهر الوزاني، النهر الذي لم تلوّثه لا الكسارات، ولا البلديات، ولا معامل النفايات والمكبات على جانبيه، يعمد اللبنانيون إلى رميّ أوساخهم في مياهه النقيّة طيلة أيام الآحاد من بلاستيك، وكرتون، ونايلون، وبقايا طعام، وألبسة وأحذية وألعاب…
والأنكى من كل ذلك أنّ أصحاب الاستراحات على ضفتيه، ينظفون الاستراحة بعد يوم طويل بـ”شطف” الأوساخ باتجاه مياه النهر، دون أيّ رادع أو وخز ضمير.

 

وما يؤلم أنّ هذه المخالفات لا يُسمع لها اعتراض، بل يتوجه الاستنكار الى كل من يعبّر عن سخطه من هذه المشاهد المؤلمة.
إنّنا نسبح في مياه وسخة، كأننا نرمي الاوساخ في خزانات بيوتنا، وندخل الى الحمام للاستحمام. هذا هو حالنا مع الأنهار والروافد المائية التي يراقبها الإسرائيلي من اعلى، ويتمنى سرقتها لحاجته إليها. أما نحن فنقضي عليها بجهلنا.
والمشهد الأجمل والأكثر اثارة هو أنّه في طريق العودة مساءً إلى بيوتنا حيث لا نرى “لمبة” واحدة مضيئة على طرقات ضيقة ومطلة على وديان عميقة.
والأنكى من كل ذلك، أنّ مسؤولينا الذين يُقيمون صيفاً في بعض البلدات الجنوبية كالرئيس نبيه بري (مصيلح)، واللواء عباس ابراهيم (كوثرية السيّاد)، يزرعون الإضاءة أمام منازلهم مع إشارات ضوئية للمارين ليلاً إضافة إلى الجدران الداعمة للطريق المؤدي الى منازلهم.

اقرأ أيضاً: فقراء لبنان: يصفقون للزعيم ويصمتون أمام الغلاء المعيشي وزيادة الأقساط

حسنا فعلتم، ولكن ماذا عن بقية الطرقات، في ظلّ فضيحة اتوستراد الزهراني المُظلم، والذي لا تضاء إنارته ليلاً لسبب غير معلوم. هذا ان لم نذكر طريق دير الزهراني_عزة المظلم حيث لا أرصفة ولا إضاءة. رغم أنّ الأعلام التي زرعت في كافة انحاء الجنوب والتي كلّفت مليوني دولار- كما قيل- تكفي لإنارة الاتوستراد من أولّه وحتى آخره إن لم نقل تكفي لإنارة كل الاتوسترادات.

بعد كل هذا، هل ما يزال أبناء المناطق الأخرى يحسدوننا على ما نحن فيه؟

السابق
قطب مخفية في ملف العسكريين: انشقاق سنّة الجيش ورضوخ لخطوط حزب الله الحمراء
التالي
العلاقات الإماراتية – الإيرانية يحكمها الموقف السعودي!