الباحثة منى فياض: السلطة اللبنانية تسلّم البلد لـ«حزب الله» وإيران

تُعرف الباحثة والأستاذة الجامعية منى فياض بالكثير من مواقفها الجريئة. فهي يوم طرحت في أحد مقالاتها معنى «أن تكون شيعياً الآن»، شكّل ذلك نوعاً من «الثورة» لما تضمنه من نقد لأولوية الإنتماء المذهبي وللانتصار الإلهي. في رأيها أن الجيش اللبناني الذي خاض حرباً مع» تنظيم الدولة» («داعش» حسب تعبيرها)، أثبت أنه من أكثر الجيوش إعداداً وتدريبا وأنه قادر على هزيمة هذا التنظيم الذي تبين أنه «نمر من ورق» فيما المعركة التي خاضها «حزب الله» في جرود عرسال كانت «تمثيلية» وظهر أنه كان هناك اتفاق مسبق حول مغادرة المسلحين نتيجة حسابات إقليمية، مُدرجة وجوده على الحدود الشرقية مع سوريا ضمن محاولات الاستيلاء على لبنان بالقوة و«البروباغندا» والشعارات.
المشكلة، حسب فياض، أن هناك سلطة تسلّم البلد لـ«حزب الله» وإيران، ولا يهمها سوى مصالحها. وهي ترى أن «الواقعية السياسية» للقوى التي كانت تحمل توجهاً سيادياً ليست سوى استسلام. والمعادلة بسيطة: إما شراكة حقيقة تأخذ البلد إلى تكريس السيادة وإما الانسحاب، ذلك أنها واثقة من أن «حزب الله» لا يمكنه حكم البلد لوحده وإلا لكان فعل. وتتساءل في ضوء الكلام عن ضغوط أمريكية لمنع أي شراكة بين الجيش وسلاح «حزب الله»: هل ننتظر ضغط الخارج؟ وهل يجب على رئيس الجمهورية أن يكون سيداً على البلد بالقوة وبضغط من الأمريكيين؟
وتذهب إلى الاعتقاد أن على الدول العربية حيث هناك مواطنون شيعة أن تعطي هؤلاء تمييزاً إيجابياً لطمأنتهم وإستعادة ولائهم، وليشعروا أن بإمكانهم أن يمارسوا حقوقهم المواطنية وطقوسهم ويحافظوا على خصوصيتهم الثقافية. هذا الإطمئنان هو ما يجعل الشيعي العربي ملتصقاً ببلده. وهنا نص الحوار:
○ يحكم الساحة اللبنانية مؤخراً مشهدان، الأول تمثل بمعركة جرود عرسال التي خاضتها ميليشيا «حزب الله» وقوات النظام السوري ضد «جبهة النصرة»، والثاني تمثل في معركة جرود رأس بعلبك والقاع ضد «تنظيم الدولة» كيف قرأتي المشهدين؟
• الأحداث التي تحصل تُبرهن جملة أمور، أولها أن دعاية «حزب الله» التي حاول تسويقها لتبرير انخراطه في الحرب السورية منذ سنوات، والتي احتار في توصيفها ورسى في النهاية على ذريعة محاربته للتكفيريين ومنع تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» وغيرها من الدخول إلى لبنان، أسقطتها معركة جرود عرسال. فلو كان صحيحاً أنه ذهب لتشكيل حاجز لمنع دخولهم، لما كان هؤلاء نجحوا في التمترس منذ نحو 3 أو 4 سنوات في لبنان بين جرود عرسال وجرود رأس بعلبك والقاع بسبب تعطيل القرار ومنع انتخاب رئيس. ثانيا، معركة جرود عرسال بالطريقة التي جرت بها ظهرت أنها تمثيلية وأنه كان هناك اتفاق مسبق حول مغادرة المسلحين نتيجة حسابات إقليمية. وتبين أن عدد المسلحين الذين خرجوا من جرود عرسال لم يتعد 120 مسلحاً بشهادة مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
أما المعركة الفعلية، فهي المعركة التي خاضها الجيش اللبناني ضد تنظيم «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع. ظهر جلياً أن هذا الجيش هو من أكثر الجيوش إعداداً وقدرة، وأنه كانت لديه خطة وحقق انجازات تُحسب له لوحده وبسرعة وفعالية غير مسبوقتين، فيما «حزب الله» مصر بالقوة على التأكيد أنه والنظام السوري يقدمان المساعدة من الجانب السوري ولو كانا على هذه الفعالية كان الأحرى بهما القضاء عليه في سوريا نفسها من دون صفقات مشبوهة؛ إذ ما يلفت النظر كيف أن عناصر تنظيم «داعش»، الذين يُعرف عنهم أنهم لا يسلمون سلاحهم، وهم إما ينتصرون أو يُقتَلون ولكن لا يستسلمون، قد قاموا بتسليم أنفسهم إلى «حزب الله». وكانت الصور التي نشرها الإعلام الحربي التابع للحزب تُظهر ابتسامات عناصر «داعش» واسترخاءها في مشهد مريب يطرح علامات استفهام حول هذا الاستسلام، وحول الصفقات «الحبية المشبوهة». لا يكفي الحزن والغضب على شهداء الجيش الأسرى لدى «داعش»، والشكل الذي انتهت إليه صفقة «حزب الله» مع هذا التنظيم الإرهابي. «حزب الله» كافح لاستغلال قضية العسكريين لإخضاع الحكومة لمشيئته ومشيئة النظام السوري في موضوع إعادة العلاقات وتطبيعها. أمام الاتفاقات والصفقات «الحبية المشبوهة» مع «داعش»، المطلوب تسليم المسؤولين عن خطف العسكريين وقتلهم، ومحاسبة من منع أو تقاعس عن مبادلتهم أنذاك.
○ ولكن ثمة من ينظر إلى تلك الصفقات على أنها أنهت المعركة بأقل الخسائر؟
•  غير مهم. لو أنهم يريدون أن يحاربوهم فعلاً لكانوا حاربوهم دون مهادنتهم ونقلهم إلى دير الزور. تبين أنه عندما يكون هناك جيش يريد أن يحاربهم، يستطيع أن يحاربهم وأن يحسم المعركة. فـ«داعش» نمر من ورق. «حزب الله» اعتمد على «البروباغندا « في حربه لخلق صورة معينة عن قدراته، وليحاول أظهار أن الجيش اللبناني غير قادر وليبرر احتفاظه بسلاحه إلى الأبد، رغم أن الجميع يعلم أن هذا الجيش قادر منذ معركة نهر البارد التي خاضها من دون مساعدة ومن دون سلاح ملائم، واضطر إلى تطوير سلاح قديم ملائم لمعركة نهر البارد الذي كان الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله قد قال يومها أنها خط أحمر.
أما القول إن الجيش لا يتم تزويده بسلاح من أجل مقاتلة إسرائيل، فهذه مسألة أخرى. هناك بيننا وبين إسرائيل اتفاقية الهدنة. نحن غير قادرين على تحرير فلسطين. فلسطين تتحرر على يد أبنائها. المهم أن نحفظ حدودنا، وأن يكون لبنان داعماً معنوياً للفلسطينيين في الأمم المتحدة وكل المحافل الدولية. أيضا، إذا كان سلاح حزب الله لبنانيا حقا وهو يحترم السيادة اللبنانية، فلمَ لا يسلم سلاحه للجيش ويقاتل تحت امرته؟!.
○ المعادلة الذهبية «جيش وشعب ومقاومة» التي يجهد»حزب الله» وحلفاؤه إلى تكريسها، هي مسألة خلافية في البلد. هل معركة الجيش التي أكد أنه خاضها مع «تنظيم الدولة» من دون تنسيق مع «حزب الله»والنظام السوري يمكن أن تخلق واقعاً جديداً؟
• معادلة «جيش وشعب ومقاومة» لم تعد تستقيم، لأن زمن المقاومة انتهى عام 2000. نحن لدينا القرار الدولي 1701 هو الذي يحمي حدود الجنوب، والاتجاه اليوم لأن يمتد القرار لحماية الحدود الشرقية للبنان لأننا نريد أن نحمي كامل حدودنا. وأكبر معترض على ذلك هو «حزب الله». الذي يحترم في الجنوب الخط الأزرق، وهو خضع مع إيران لابعاده عن الحدود التي فرضتها عليه أمريكا وروسيا على تخوم الجولان لحفظ أمن إسرائيل، واليوم يأتي لاستخدام الحدود الشرقية مع سوريا كورقة ضغط بيد إيران والنظام السوري. هذا يندرج ضمن محاولات الاستيلاء على لبنان بالقوة و«البروباغندا» والشعارات. نحن لسنا بحاجة إلى «جيش وشعب ومقاومة» لأن ليست هناك مقاومة. ليتفضل النظام السوري ويقول إن مزارع شبعا هي لبنانية، عندها تُصبح خاضعة لمهام قوات الطوارئ الدولية (اليونيفل)، أو يقول إنها سورية، وعندها لا يعود تحريرها من مهام لبنان.
أنا أرى أن معادلة «جيش ودولة وشعب» التي طرحها رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع معقولة، رغم أن سياسته في الآونة الأخيرة انطوت على مهادنة لـ«حزب الله».
○ كيف قرأتِ محاولات تأكيد الجيش مرات عدة على أنه قام بالمعركة من دون تنسيق مع «حزب الله» وقوات النظام السوري؟ هل كانت فقط نتيجة ضغوط أمريكية ـ بريطانية ودولية رفضت وترفض أي شراكة بين الجيش وسلاح «حزب الله»؟
• في رأيي أن الجيش قال ذلك لأنه فعلاً قام بالعملية من دون تنسيق ولأنه جيش وطني يحمي الدولة اللبنانية. لا أريد النظر من زاوية أن تأكيد عدم التنسيق والمساعدة هو مطلب أمريكي أو دولي. صحيح أن الأمريكيين والبريطانيين يدعموننا ولكني لا أستطيع أن أثق بدعمهم إلى الأبد. أكيد أنهم مع دعم الجيش اللبناني ومع دعم بقاء لبنان، ولكن لا يكفي فقط الاعتماد على الدعم الأمريكي. علينا الاعتماد على أنفسنا لملاقاة هذا الدعم. السؤال إلى أي مدى سيبقى الآخرون يدعموننا إذا كنا نحن غير مهتمين بدعم أنفسنا؟ عدم ملاقاتهم ودعم أنفسنا سيخسرنا دعم الآخرين لنا. من واجبنا كلبنانيين بغض النظر عن الدعم الأمريكي أن نقف خلف الجيش الذي يدافع عن أرض الوطن بوصفه القوة الشرعية الوحيدة الخاضعة لسياسة الحكومة، ومن يريد أن يحارب معه، فليحارب تحت سلطته، لا أن يحارب لحسابه وحساب مشغليه في سوريا والعراق واليمن والبحرين والكويت وغيرها من الدول. نحن بلد محايد ولسنا جيوشاً غازية. والمقاومة إسمها مقاومة لأنها تدافع عن أرض محتلة وليس لأنها تذهب للاعتداء على الآخرين بأي حجة كانت.
○  سؤالي ينطلق من قراءة البعض أن لبنان لم يسقط كلياً في الفلك الإيراني بدليل أن حلفاء إيران وعلى رأسهم العهد الحالي هم من أكدوا على عدم وجود شراكة مع سلاح «حزب الله»، وهي شراكة يريد الحزب تكريسها؟
• رئيس الجمهورية والمسؤولون عن البلد يجب أن يكون هذا موقفهم الطبيعي بمعزل عن الضغط الأمريكي. المشكلة أن هناك سلطة تُسلّم البلد لـ«حزب الله» وإيران، ولا يهمها سوى مصالحها. غريبة هذه الاستباحة للبنان. كيف يمكن لمساعد وزير الخارجية الإيرانية حسين جابري أنصاري أن يأتي إلى لبنان من دون دعوة ومن دون أن يكون المسؤولون اللبنانيون على دراية بذلك؟ إذا كانت الدولة لا تحمي سيادتها وتحتاج لمن يأتي ويذكرها بأن لديهم بلداً سيداً مستقلاً وأن لديهم جيشاً هو السلطة الشرعية ولا يجب أن تشاركه ميليشيا، فهذا يعني ببساطة أن هناك مشكلة حقيقية. وهذا أمر لا يُطمئن. هل المطلوب أن نجعل القيمين على السلطة سياديين بالقوة؟ وهل يجب على رئيس الجمهورية أن يكون سيداً على البلد بالقوة وبضغط من الأمريكيين؟
○ ولكن منطق التسوية التي حصلت وأتت بالعماد عون رئيساً للجمهورية كان يتركز على ضرورة إنقاذ ما تبقى من الدولة؟
• رهان السياسيين في 14 آذار الذين شاركوا في السلطة وفي التسوية السياسية في البلاد أنطلق من أنهم إذا أتوا بالعماد عون رئيسا للجمهورية، فإنه يمكنهم أن يحدّوا من التصاقه بـ«حزب الله». هذا الخيار تبين أنه لم ينجح أو يغير كثيراً، فالمؤسسات ما زالت متعثرة، والحلف بين عون و«حزب الله» أقوى مما كانوا يظنون. هم اعتبروا أن ذهاب عون إلى السعودية يخلق نوعاً من التوازن تجاه سياسة إيران، ولكن ظهر أن الرئيس لا يستطيع أن يتصرف وفق إرادته، فهو التحق بالحلف وفق شروط محددة. «حزب الله» ومن وراءه لديهم منذ البداية استراتيجية وأهداف واضحة، بينما الطرف الآخر الذي كان يمثل 14 آذار لديه ردود فعل آنية أكثر مما كان لديه سياسة واضحة، فضلا عن ارتباطاته الإقليمية التي تتغير سياساتها وربما يعجزون عن ملاقاتها. مع الأسف هم يتصرفون وكأن البلد ميؤوس منه ويفتشون عن السلطة وكيفية الاستفادة منها. وتحت شعار الديمقراطية التوافقية التي أصبحت ديمقراطية ديكتاتورية واستبداداً توافقياً، اتفقوا على تقاسم مصادر البلد ومقدراته، وقد تركهم الحزب يتقاسمون «الجبنة» التي شاركهم فيها «حزب الله» بقوة، لكنه «المايسترو» ولديه سلاح «مقدس» واستراتيجيا للهيمنة على البلد، وهو يكتشف في الممارسة أن سلطته يمكن أن تكون من دون سقف. نظن أحيانا أن الطبقة السياسية تتصرف وكأننا في سفينة غارقة، حتى أن قراءتهم الإقليمية ليست دقيقة. فهم يتنازلون مسبقاً معلنين الانكسار قبل حصوله وأكثر مما يجب أن يتنازلوا إذا كان صحيحا.
○ أليس هذا كله انعكاس للخلل في موازين القوى أو ما يستهوي البعض إلى تسميته «الواقعية السياسية»؟
• إذا كان فعلاً هو انعكاس لخلل موازين القوى فليتفضلوا ويتركوا السلطة. وإلاّ فمشاركتهم هي تغطية للخلل ومصلحة. أنا لا أُحمّل المسؤولية لـ«حزب الله» بل للقوى التي كانت تحمل توجهاً سيادياً. هذه القوى بأدائها تكرس الخلل في موازين القوى رسمياً. المعادلة بسيطة: إما شراكة حقيقية تأخذ البلد إلى تكريس السيادة وإما الانسحاب من الحكومة وترك حزب الله يحكم إذا استطاع. لو أن «حزب الله» لا يحتاج إلى توقيعهم لما كان أعادهم للحكومة ولكان طردهم كما سبق وجرب. أنا على قناعة أن «حزب الله» لا يستطيع أن يُسيّر البلد لوحده. لكنهم ببقائهم يغطون مشروعه للسيطرة على لبنان. تواطؤهم لا يؤدي إلى المحافظة على «الستاتيكو» بل سيؤدي إلى تغييرات نوعية على الطريقة الماركسية. إنه يقضم ويقضم ويقضم ويحاول كل مرة أن يحصّل شرعية أكبر. الطرف الإيراني في البلد في حاجة إلى لبنان بما هو عليه نسبياً، إنما بطريقة شرعية، لأنه إذا قام بانقلاب أو وضع يده على البلاد بقوة السلاح أو بالعنف، فالعالم سيعتبر أن إيران احتلت لبنان وهذا له تداعياته ليس فقط سياسية إنما أيضاً ستفضي عاجلاً أم آجلاً إلى نشوء مقاومة ضد هذا الاحتلال.

إقرأ أيضاً: داعش في ضيافة حزب الله: خدمات متبادلة

نحن في مأزق قوامه أن رئيس الجمهورية انتخب من أجل النهوض بالمؤسسات، ولكن المؤسسات ليست فاعلة ما عدا مؤسسة الجيش. والمعضلة اليوم: هل يمكن وقف الانهيار في البلد؟
○ أنت تدعين إلى انسحابهم من الحكومة؟
• المهادنة يجب ان تتوقف. طالما أن «حزب الله» يستلم الدولة، فلتكن اللعبة مكشوفة. فهم لا يمسكون بخيوط اللعبة وبقاؤهم هو سيناريو خاسر لهم وخاسر للبنان، إلا إذا كانت هناك مصالح مالية من وراء كل ذلك وهو ما يبدو أنه المرجح.
○ كيف تتوقعين أن يكون عليه واقع الحال مستقبلاً؟
• قبيل الثورات العربية، كان هناك شعور بالفشل وتساؤلات عن الـ «لماذا وكيف»؟ ورفض لما آلت إليه الأوضاع، وحصلت تلك الثورات دون الدخول في تفاصيلها. نحن في حالة شبيهة الآن، تدهّور الأوضاع في لبنان يجعله في حالة غليان. هناك تجمعات ونقاشات وحراك لا من بد من أن يؤسس لشيء جديد، ولا بد أن المراكمة قد تعيد ولادة انتفاضة من جديد شبيهة بما شهدناه في 14 آذار 2015، لا أعرف متى قد يصبح ذلك ممكناً. الانتفاضات أو الثورات تنتج عن تراكمات وانفعالات قوية تتزامن مع «حدث كبير» ربما داخلي أو خارجي يحدث هزة أو صدمة. هذا الحدث قد يكون سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً. وعندئذ من الصعب التكهن بما قد ينتج عنه من حالات قد تكون حالات عنف ومن الصعب إدراك كيفية ضبطها أو لا.
○ أي مستقبل ينتظر الشيعة سواء في لبنان أو في المنطقة في ظل التأجيج المذهبي الحاصل بين السنة والشيعة؟
• أنا لست مطمئنة لمستقبل الشيعة كمواطنين حقيقيين في بلدانهم. خوفي من أن يدوم الشرخ السني ـ الشيعي لسنوات، في ظل الإسلام السياسي وممارسات إيران المذهبية وتشجيعها لمواطنين شيعة أن يكونوا ضد بلدانهم، من اليمن إلى البحرين إلى لبنان إلى سوريا حيث يعملون على تشييع الناس. هناك إراقة دماء تجري على الأرض بإسم الحسين. هذا معناه أني أقول للسني إن أتباع الحسين يقتلونك، مع أن هؤلاء ليسوا في رأيي من أتباع الحسين. غداً عندما تهدأ المعارك العسكرية، قد يكون هناك نوع من الثأر. كيف سأثق في أن بالمواطن السوري والسني العادي الذي قُتلت عائلته وعُذبت على أيدي عناصر من «حزب الله» وهم شيعة، أو الذي جرى طرده من منزله وأحتُلّ بيته أو جاؤوا بمن يحتله سوف يسامح ويغفر؟ أنا أضع نفسي مكان أولئك الأشخاص، إلى أي حد عليهم أن يكونوا متعالين، أن يكونوا فوق مرتبة البشر كي يسامحوا؟ هناك أناس سوف يسامحون، وهناك من لن يسامح.
○ هل ما جرى أسس لصراع طويل الأمد لا يمكن احتواؤه؟
• على الأرجح انه أسس لضغائن طويلة. الرهان اليوم هو على استفاقة الشيعة العرب، خصوصا في العراق، وعلى ممارستهم وعلى بعض شخصياتهم التي تبرهن على مواطنتها قبل شيعيتها. والرهان على المرجع الديني السيد علي السيستاني ومواقفه التي لم تكن مع إيران بل كان يقاوم نفوذها وبدعتها بولاية الفقيه. هذا رهان ممكن أن تتنج عنه خطوات إيجابية، إنما عندما أفكر بالمواطن العادي البسيط الذي تَعذّب وتَهجّر، أرى للأسف أن «حزب الله» كان في مقدمة الصورة. وهو لبناني وشيعي أشعر بالأسف. إيران تستغل الشيعة العرب من أجل الهيمنة والسلطة والقوة. وهي استخدمت الدين والمذهب كأداة سياسية.
○ ماذا مطلوب من الدول العربية؟
• في رأي أن على الدول العربية حيث هناك مواطنون شيعة أن تعطي هؤلاء تمييزاً إيجابياً. أنا هنا لا أتحدث عن إعطائهم فقط كامل حقوقهم وتمثيلهم في السلطة. المطلوب اليوم كبداية أن يتم تغيير الصور الذهنية الموجودة في المجتمع. مثلما نقول عادة أن المرأة تحتاج في البداية إلى «كوتا» لتغيير الصور الذهنية النمطية وإعطائها سلطة كي تقتنع هي أولاً أن لديها سلطة وليقتنع الناس أنها قادرة على ممارسة السلطة. هنا الأمر مماثل. لا بد من إعطاء الشيعة تمييزاً إيجابياً، بحيث تخصص لهم «كوتا» لضمان نجاحهم وممارسة دورهم في السلطة من أجل استعادة ولائهم، ومن أجل طمأنتهم أن هذا بلدهم وأن لديهم فيه سلطة ووجوداً شرعياً مثلهم مثل غيرهم وأن جذورهم فيه وانتماءهم له، وليشعروا أن بإمكانهم أن يمارسوا حقوقهم المواطنية وطقوسهم ويحافظوا على خصوصيتهم الثقافية. هذا الإطمئنان هو ما يجعل الشيعي العربي ملتصقاً ببلده.

إقرأ أيضاً: منى فياض لـ«جنوبية»: قضية «موسى الصدر» هي قميص عثمان شيعة لبنان

على كل نحن العرب نفتقد إلى البراعة في الدعاية التي لدى إيران ولدينا نقص في إعلاء صوت الشيعة العرب المستقلين والمناهضين لسياسة إيران. كما أن العرب والأقليات في إيران مقموعون وليست لديهم حقوق، ولكن ليس لدينا الإعلام الذي يسلط الضوء على ذلك، وحتى أن الشيعة الذين تستخدمهم إيران يعلمون أكثر مني أنهم غير مرحب بهم في إيران ويُنظر إليهم نظرة ازدراء وبأنهم أداة.

السابق
كوريا الشمالية تعترف بالتجربة النووية!
التالي
تقليد كسر الدولة ببرنامج شعبولا