تصرفات النظام الإيراني نشرت الإلحاد والردة في البلاد وليس التدخل الأجنبي

عن النظام الإيراني وحقيقة التدين!

تسلط تقارير ميدانية ودراسات إجتماعية بين الحين والآخر الضوء على إنتشار ظاهرة الإلحاد أو الخروج عن الإسلام أي الردة في المجتمع الإيراني الذي يحكمه نظام مذهبي يزعم بأنه يطبق الشريعة وينفذ الحدود وينشر الاخلاقيات الإسلامية بغية بناء مجتمع ديني ملتزم إلا أن التحذيرات المكررة تؤكد غير ذلك وكان آخرها تحذير على لسان أبرز شخصية عسكرية إيرانية الجنرال قاسم سليماني قبل فترة حيث إعترف بإنتشار ظاهرة “الإلحاد واللأبالية الدينية” إلا إنه القى اللوم على ما وصفه بالهجمة الثقافية الخارجية على إيران معتبرا مواجهة هذه الظاهرة باتت أكثر تعقيدا من أي وقت مضى حسب تعبيره.
حاول نظام “الجمهورية الإسلامية الإيرانية” خلال ثلاثة عقود ونيف أن يطبق حكم ديني حسب قراءته للتشيع من خلال فرض اقتصاد وثقافة وسياسة تحمل اللاحقة “الإسلامية” بشكل قسري الأمر الذي أعطى نتائج عكسية فانتشر الالحاد وأدى إلى العزوف عن المذهب.
هذه الظاهرة ليست وليدة الساعة فسبق وأن نشر موقع “بازتاب إمروز” الناطق بالفارسية في مطلع عام 2013 تقريرا كشف عن إنتشار ظاهرة الالحاد خاصة في وسائل التواصل الإجتماعي خاصة بين الشباب الإيراني وعزا ذلك إلى ردة فعل الشباب تجاه “ترويج الخرافات من قبل بعض المسؤولين ووسائل الإعلام الرسمية”.
وجاء قمع الإحتجاجات السلمية بإسم الدين في عام 2009 كعامل مسرّع لنشر ظاهرة الإلحاد مما وصف البعض تفشي الالحاد بالسونامي الذي طال أغلبية الشباب وانعكس بوسعة في وسائل التواصل الإجتماعي الناطقة بالفارسية.
وكان الملايين من الإيرانيين أغلبهم من الشباب خرجوا في سنة 2009 في مظاهرات سلمية رافضين تزوير الإنتخابات الرئاسية لصالح المرشح محمود أحمدي نجاد المدعوم من قبل المرشد والحرس الثوري وردت السلطات على المطالبات الشعبية بالحديد والنار فقتل العشرات وجرح المئات وزج الآلاف بالسجون.
وبالرغم من أن زعماء المعارضين كانوا من عناصر النظام نفسه وبينهم رجل الدين البارز شيخ مهدي كروبي الذي لا يزال يعيش في الاقامة الجبرية مثله مثل الزعيم الآخر مير حسين موسوي رئيس وزراء إيران الأسبق إلا أن السلطات إتهمتهم بمعاداة مباديء الإسلام والمذهب الشيعي.
وخلال فترة حكم محمود أحمدي نجاد روج رجال دين قريبين من السلطة ومؤيدين للرئيس الفائز في الإنتخابات المثيرة للجدل، روجوا لفكرة “قرب ظهور مهدي المنتظر” أي الإمام الثاني عشر في المذهب الإمامي، الأمر الذي أثار غضب بعض رجال الدين خارج السلطة وخاصة التقليديين منهم وتناولت وسائل التواصل الإجتماعي من قبيل هذه الأمور وبدأت تسخر ليس من الحكم فحسب بل من المذهب وحتى من الدين.

إقرأ أيضاً: استياء شديد في إيران بعد نشر صور الفقر

المهدي المنتظر ومحمود أحمدي نجاد
كان الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد خلال فترة حكمه طرح موضوع المهدي المنتظر وارتباط الحكم في إيران من خلال تصريحات نلقي هنا النظر على البعض منها:
-إن على الحكومة أن تحل مشاكل البلاد الداخلية بأسرع ما يمكن إذ ان الوقت يداهمنا”، في إشارة منه لقرب ظهور المهدي المنتظر.
-“إننا نرى بوضوح (يد المهدي المنتظر) في ادارة كافة شؤون البلاد”.
-“إن الإمام المهدي يدير العالم ونحن نرى يده المدبرة في شؤون البلاد كافة”.
-“حان الوقت لننهض بواجباتنا العالمية (في إشارة إلى تمهيد الأرضية لظهور المهدي) لأن ايران ستكون محور قيادة (العالم) إن شاء الله”.
-“يبدو كأن المحتلين (الاميركيين) موجودون في العراق ليضعوا يدهم على الثروات النفطية ونهب البلاد إلا إنهم في واقع الأمر يعرفون إن هذه المنطقة ستشهد حدثا” متوقعا حيث “ستظهر يد الله وتقلع جذور الظلم عن العالم” في إشارة أيضا لظهور المهدي المنتظر.
كما وصف أحمدي نجاد إنتصار الثورة الإيرانية في عام 1979 وأيضا ما إعتبره إنتصار إيران في الحرب العراقية الإيرانية وأنشطة إيران النووية من “معجزات المهدي المنتظر”.
وتحدث ذات مرة بعد عودته عام 2005 من زيارته لنيويورك لحضور اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة عن “ظهور هالة من النور فوق رأسه” وهو يتحدث أمام زعماء العالم في المنظمة الدولية.
سقوط من ساحة الدين والمذهب في إلى “الحاد و ارتداد”
تفيد تقارير متطابقة أن أغلبية الشباب الإيراني الذين يروجون للإلحاد ولدوا في أسر متدينة وبلغ بهم الامر درجة من الاستياء من الوضع السائد ليصفوا أنفسهم بعبارة ” غير مؤمن” وتنتشر هذه الظاهرة كالنار في الهشيم بين الشباب الإيراني في نظام يحكمه “الولي الفقيه” الذي يزعم بأنه “يجاهد” من أجل إنشاء “أم القرى الإسلامية” في إشارة للنظام الإيراني الذي يطلق عليه رسميا حسب الدستور إسم “الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.

 

إقرأ أيضاً: اعتراف ايراني: ثلث الشعب يعاني من الجوع والفقر

وتحاول السلطات القاء اللوم على جهات أجنبية تصفها بالأعداء وتتهمها باستغلال استياء الشباب من الوضع الراهن ونشر الالحاد بينهم بصورة ممنهجة من خلال توزيع ترجمات لكتب الحادية غربية إلا أنه يعتقد الكثيرون أن هذه الظاهرة ما هي إلا ردة فعل طبيعية تجاه الاجواء القمعية التي تحكم إيران بإسم الدين والمذهب وبالمقابل يلجأ الشباب إلى وسائل التواصل الإجتماعي للهروب من الكبت ومن فقدان حرية التعبير ولكن في المدارس والجامعات والمعاهد والعمل وفي مؤسسات الدولة ومن خلال الحياة اليومية خارج البيت يضطر هؤلاء الشباب إلى يتظاهروا بالالتزام الديني والإيمان.
ويرى الراقبون أن أداء نظام ولاية الفقيه المطلقة يتحمل المسؤولية الأكبر في إنتشار “الالحاد كردة فعل” من خلال فرضه اجواء على المجتمع الإيراني عبر اللجوء إلى القوة بإسم الدين بغية تحقيق غايات سياسية محضة حفاظا على نظام الحكم وبهذا يتراجع الدين في المجتمع الإيراني لفائدة الأهداف السياسية الضيقة.
باتت مواقع التواصل الإجتماعي الناطقة بالفارسية تعج بصفحات عدة لترويج “الالحاد” بين الشباب الإيراني وجميع هذه الصفحات تأخذ من أداء الحكم الديني في إيران أرضية لنشر أفكارها ومن تدخلات إيران في المنطقة بإسم الدين والمذهب من سوريا إلى العراق.

السابق
بعد محاصرة قافة داعش الخارجية الإيرانية تطالب بالتدخل للحؤول دون تنفيذ مجازر بحق الأبرياء
التالي
هيتشكوكية حزب الله تزيد!