فقراء لبنان: يصفقون للزعيم ويصمتون أمام الغلاء المعيشي وزيادة الأقساط

نلعب مع الزعيم لعبة "شادّوا شادّوا لم يقلعوها"، نشدهم صوبنا ليساعدونا، ويشدوننا صوبهم لسوقنا خلفهم. هو نوع من توازن مصالح ربما!

رغم معرفة السلطات بالازمة الاقتصادية التي يعيشها اللبنانيون جرّاء اسباب متنوعة منها، مزاحمة العمالة السورية، وانعدام وجود فرص العمل، واقفال عدد كبير من المؤسسات وافلاسها، اضافة الى طرد عدد كبير من اللبنانيين من دول الخليج، وضعت الدولة سلسلة ضرائب جديدة على المواطنين الذين بأغلبيتهم لم يستفيدوا من سلسلة الرتب والرواتب، والتي بسببها ارتفعت الاسعار على جميع السلع الحياتية الاساسية، اضافة الى الهمّ الاكبر الذي يعانيه الاهل، وهو ارتفاع الاقساط المدرسية، وارتفاع اسعار القرطاسية، والنقل المدرسي مع ما يستتبعها.

اقرأ أيضاً: الفقر والبطالة في لبنان.. سببهما «فساد سياسي»!

هذه الهموم المعيشية تتكرر مع مطلع كل عام دراسي، إضافة الى همومهم فيما يتعلق بفاتورتي الكهرباء والمياه.
مقابل كل ذلك، لا يزال اللبناني “الفقير” يلعب دور التابع الذي لا يخالف الزعيم مهما حصل. فهذا الزعيم الذي أخرّ اقرار سلسلة الرتب والرواتب لست سنوات أو أكثر. وكانت هذه الزيادات للاساتذة والموظفين والعسكريين من الممكن أن تحسنّ من مستواهم المعيشي لولا تأخيرات السياسيين والتهائهم بقضايا التمديد لمجلس النواب لنفسه.
اذن، كل الهموم المعيشية تسير نحو الهاوية، ولا يزال اللبناني يسير وراء زعيمه، وآخرها ما شاهدناه يوم الاحتفال بذكرى إخفاء السيد موسى الصدر يوم أمس بشكل فاضح، او قبلها بأيام حين احتفل حزب الله بالنصر في17 آب في بنت جبيل، وقبلها أيضا في 16 آذار في ذكرى اغتيال الوزير كمال جنبلاط، وفي 14 شباط في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والى ما لا نهاية من احتفاليات الاحزاب بدءا من الكتائب الى القوات الى…

فاللبناني الذي نزل الى الشارع، اعتراضا، في 30 آب 2015 تحت شعار محاربة الفساد عاد الى قواعده سالما ولم يتقدم خطوة واحدة.. هو نفسه الفقير المستضعف المحروم الذي لا يلوي إلا على النق والاعتراض عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بالملف الاجتماعي.
فاليوم، يتكلّف المواطن العادي اكثر من 3 ملايين كقسط مدرسي على الولد الواحد، في المتوسط.


ولمزيد من الاطلاع، ورداً على سؤال عن الكلفة المادية، التقديرية، لحجم الزيادة الاضافية التي ستقع على كاهل الاهل في الموسم الدراسي القادم، في ظل سلسلة الرتب والرواتب..

تواصلت “جنوبية” مع الباحث ربيع الهبر الذي قال أنّ “لا ارقام لديه، والاقساط في لبنان تترواح ما بين مليونين، أو ثلاثة ملايين، أو12 مليون، وذلك بحسب المدرسة. ولكن المبلغ الوسطي للمدرسة العادية يصل إلى أربعة ملايين سنويا مما يعني 400 ألف شهرياً، إضافة إلى القرطاسية والكتب وأيضاً بحسب المدرسة. وهذه المدفوعات كبيرة في ظلّ الحد الأدنى للراتب الذي يصل إلى 750 ألف ليرة شهريا”.


اما الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، فقال لـ”جنوبية” “أنّ الزيادات ثلاثة انواع. مدارس لم تزد على الاهالي، ومدارس زادت بنسبة 10% إلى 15%، ومدارس زادت بنسبة %15 إلى 20%. وذلك تبعا لعدد التلاميذ. أما التي لم تزد الأقساط، فقد استعاضت عن ذلك في تخيير الأساتذة بين الفصل او الزيادة القليلة”.

نعمت بدر الدين
اما الحقوقية نعمت بدرالدين، الناشطة في الحراك المدني، فقالت لـ”جنوبية”: أنّ “سلسلة الرتب والرواتب حق مشروع، وقد تأخرّت السلطة في تغطيتها لمدة 11 عام حيث لا موازنة طيلة هذه الفترة، وكان يجب أن تعطى للعاملين في القطاع الخاص أيضاً”.
مضيفة “نحن نعيش في مزرعة لأن اصحاب المصارف قاموا بالتهويل ضد كل من طالب برفع الاجور وحاولوا تحميلهم العبء، علماً أنّ الغلاء المتفشي تتحمل مسؤوليته كل من جمعية حماية المستهلك ووزارة الاقتصاد، اللتان يجب أن تتحركا لضبط الاسعار”.
ورأت بدر الدين أنّ “الناس تتحمل جزءا من المسؤولية كونها لا تتحرك، كما أنّه من المفروض زيادة المراقبة لمحاسبة المخالفين”.
لتتابع “تمويل السلسلة لا يجب ان يكون من جيوب الفقراء، بل من قطاعات ربحية كالمصارف والجمارك والاملاك البحرية، أما المدارس فتقوم اليوم بابتزاز الأهالي، وهي ترفع الاقساط سنويا، وإن لم تُقر السلسلة، لذا أدعو وزارتي العدل والتربية للتحرك، إضافة الى وقف الهدر في المساعدات للمدارس الخاصة المجانيّة”.
وتؤكد بدرالدين أنّه “منذ فترة قصيرة، كنا ننوي التحرك لدعم الأهالي رفضاً لزيادة الأقساط إلاّ أنّ ملف العسكريين المخطوفين طغى على الأحداث الوطنية كلها، ونحن اليوم نعمل على الطعن بقانون الضرائب عبر المجلس الدستوري، والذي تقدّم به حزب الكتائب”.

اقرأ أيضاً: يتراجع عالمياً ويتقدم محلياً: ثلث لبنان تحت خط الفقر

ورداً على السؤال حول تبعية المواطنين للزعيم رغم ظلمه لهم، تشرح بدرالدين، بالقول أنّ “الناس مربوطة بلقمة عيشها، ومجبورة على تقديم الطاعة للزعماء لأجل الاستشفاء والتعليم والعمل والمدرسة، لأنّ النظام اللبناني نظام زبائني ونظام محاصصة، فلا قضاء عادل ولا ظهر يحميّ الفقراء، وإذا لم أكن تابعة لأحد لا أجد من يعالجني او يوظفني او يعلمني، والزعماء ضعّفوا المؤسسات الرسمية لاستتباع الناس”.
وعن خروج الناس في مناسبات سياسية بأعداد هائلة، وعدم تحرّكها فيما يخصّ حقوقها المهدورة، ترى بدرالدين أنّ “التغيير مسار طويل، ونحن لا زلنا نراهن على الدولة، وتحركاتنا راكمت شيئا ما”.

السابق
ما هي فرص التخصص لحاملي شهادة البريفيه 2017
التالي
إسرائيل تعدّل رؤيتها الإستراتيجية للحرب السورية: بشار الأسد باق حتى نهاية عام 2018