هل يحق لـ«حزب الله» تحميل مسؤولية استشهاد العسكريين المخطوفين لـ«تيار المستقبل»؟

رفات العسكريين المخطوفين
ها هو حزب الله يقطف نصر المؤسسة العسكرية في الجرود، فيهمش ما حققه الجيش اللبناني ويحاسب الدولة على إهمال ملف المخطوفين!

في محاولة لمحو الذاكرة ولإستغباء اللبنانيين، شنت الممانعة في اليومين الماضيين حملة ممنهجة على الرئيسين ميشال سليمان وتمام سلام وذلك على خلفية العثور على العسكريين الثمانية شهداء.
ليتحوّل حزب الله بالتالي فجأة للبطل الوطني الذي كشف مصير العسكريين، فيما تمّ وضع كل من الرئيسين سليمان وسلام وتيار المستقبل في خانة الجهة التي حالت دون الحسم ودون استرجاع الجنود اللبنانيين الأحياء أنذاك.
حزب الله الذي خانته الذاكرة لم يتوقف عند الفاصل الزمني فالرئيس ميشال سليمان لم يكن في سدة الرئاسة عند عملية خطف وإنّما كانت ولايته قد انتهت، كما لم يتوقف كذلك عند تصريحات موثقة تؤكد منه هي الجهة المعرقلة وأبرزها تصريح رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي شدد في العام 2014  رفض أيّ مقايضة أو مبادلة مع تنظيم داعش.

حملة الممانعة هذه توّجت يوم أمس بكلمة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله والذي أكّد على التحرك لمحاسبة الجهة المسؤولة، ليرد عليه عبر موقع “جنوبية” النائب عقاب صقر داعياً إياه للعودة إلى المحاضر لمعرفة من المسؤول وكشفه أمام الرأي العام.

من جانبه أكّد الرئيس سعد الحريري في تغريدة تويترية أنّ الرئيس تمام سلام أعلى من أن تصيبه سهام المتحاملين. مضيفاً “كنّا الى جانبه وسنبقى… ولحد هون وبس”.

في هذا السياق تواصل موقع “جنوبية” مع الكاتب والمحلل السياسي خير الله خير الله الذي أكّد لنا أنّ “من يتحمل حقيقةً المسؤولية السياسية في شأن قضية العسكريين المخطوفين لدى «داعش» هو «حزب الله» الذي منع الحكومة اللبنانية من التفاوض مع الخاطفين أو الدخول في مساومات تتعلق بالشروط التي وضعها هؤلاء وقتذاك”.
مضيفاً “كان في استطاعة الحكومة اللبنانية الإقدام على خطوة ما، من نوع محاكمة السجناء الإسلاميين المحتجزين في سجن رومية وإطلاق من تثبت براءته، بما يستجيب لبعض مطالب «داعش». كان في استطاعة الحكومة عقد صفقة مع «داعش»، لكن «حزب الله» اغلق كل ابواب المناورة في وجهه”.
وعند سؤاله عن القطبة المخفية في هذا السجال، أشار خير الله إلى أنّه لا يعرف شيئاً عن ذلك موضحاً أنّ «حزب الله» أراد استخدام انتصار جرود رأس بعلبك الذي حققه الجيش ليقول أنّه شريك في هذا الانتصار وانّ شعار «الشعب والجيش والمقاومة» ضرورة لبنانية”.

 

وشدد خير الله أنّ “انتصار الجيش أثبت أنّ شعار «الشعب والجيش والمقاومة» ليس ضرورة بمقدار ما أنّه حاجز يقف في وجه عودة الدولة اللبنانية بمؤسساتها الجامعة، على رأسها الجيش”.
ليخلص انّ أكثر ما يخيف «حزب الله» هو أن تولد قناعة وطنية بأنّ المقاومة الحقيقية تعني الإيمان بمشروع الدولة اللبنانية وحصر السلاح بيد الجيش والقوى الامنية الشرعية، خاتماً “هذا هو السبب الحقيقي لتلك الهجمة الشرسة على انتصار الجيش الذي هو انتصار لكل لبناني مؤمن بثقافة الحياة وليس بثقافة الميليشيات المذهبية التي يحاول  «حزب الله» فرضها على لبنان”.

إقرأ أيضاً: حقيقة أمير داعش اللبناني «أبو السوس»: وظيفته التهريب.. وما علاقته بقتل العسكريين؟

من جهته أكّد الصحافي والمحلل السياسي راشد فايد لموقعنا أنّ “عملية خروج داعش بهذه الطريقة السلمية في الحافلات المكيفة ووفق شروط هم وضعوها، يطرح تساؤلات كثيرة يفترض التحقق منها والتحقيق فيها منذ بداية الأزمة وليس عند الوصول إلى خواتيمها اليوم”.

مضيفاً “منذ بداية الأزمة وحزب الله يتصرف وكأنّه القائد الأعلى، وهو منذ اتفاق الدوحة يتصرف بأنّه صاحب القرار، وفي خطابه الأخير تحدث وكأنّه المرشد الأعلى للجمهورية للبنانية واتخذ قراراً بأنّ 28 آب هو عيد التحرير الثاني ليلزمنا نحن معنوياً به”.

ولفت فايد إلى أنّ ما جرى في تلك المرحلة التي تلت عملية الخطف واضح، مشيراً إلى أنّ “تيار المستقبل بحث في تلك المرحلة في المقايضة إلا أنّ حزب الله اتهم المؤيدين لهذه الفكرة بالخيانة وعمل على إحباطها وهدد بعظائم الأمور في حال تمّ التفاوض، فيما قرر هو اليوم أن يفاوض”.

ليبين أنّ هناك كلام يجب التدقيق فيه حول وجود أسرى إيرانيين لدى داعش في منطقة دير الزور وأنّ شرط إطلاقهم هو الوصول الآمن للدواعش الذين رحلوا من الجرود إلى تلك المنطقة، معلقاً “يوماً بعد يوم يثبت حزب الله أنّ كل ما يقوم به هو في خدمة إيران ومنهجيتها حتى الطوارئ من الأمور تكون في خدمة المصالح الإيرانية.وإن صحّ هذا الكلام فإنّ كل ما حصل في الجرود هو في خدمة إطلاق هؤلاء”.

 

يضيف فايد “هناك أمر آخر يجب التنبه إليه أنّ نصرالله حينما خاض معركة جرود عرسال خاضها بعد انطلاق المفاوضات عبر قطر وهذه المعارك لم تكن إلا لتشذيب مواقف النصرة بشروط الإخلاء، ولم تكن بالتالي لقهرها وإنّما لتصويب التفاوض”.

متسائلاً “هؤلاء قتلوا جنود الجيش اللبناني كيف يقبل حزب الله -إن كان يتمتع بالحس الوطني – إيصالهم إلى بلدهم دون أن يعتقل على الأقل الذي ارتكب بشكل مباشر جريمة قتل الجنود، بأي منطق ذلك؟”.

وتابع فايد مذكراً في هذا السياق أنّ “اسرائيل قد خاضت حرب 30 يوم من أجل جنديين لها، بينما لبنان قد قتل له 6 جنود ليقوم نصرالله الذي يدعي أنّ موقفه وطني وهو موقف مرتبط بمصالح إيران بإطلاق القتلة وإيصالهم لحيث يريدون وها هو يكرر الأمر مع الدواعش الآن”.

ورأى فايد أنّ “حزب الله يخوض الآن معركة منع أن يشرأب عنق الدولة اللبنانية، كل ما يفعله الآن هو محاولة تقليص نصر الدولة اللبنانية عبر الجيش اللبناني وخلق إشكالات حتى لا يظهر هذا النصر على أنّه الأساس فيما جرى في جرود السلسلة الشرقية. كل هدفه مسخ النصر الذي حققه الجيش اللبناني”.

إقرأ أيضاً: حارث سليمان لـ«جنوبية»: حزب الله عارياً لا تستره أي ذريعة

ليؤكد “نحن الآن أمام لحظة انتصار حقيقي للجيش اللبناني، ولكن لا يريد هذا الطرف بزعامة حسن نصرالله أن يظهر هذا النصر نقياً و واضحاً لذلك يثير الإشكالات والتي هو مسؤول عن جزء عنها، حيث أنّه كان مشاركاً في كل الحكومات، وبما أنّه يدعي أنّ قراراً سياسياً منع التحرير لماذا إذاً وزراء الحزب صمتوا عن هذا الأمر ولماذا الآن تذكر”.

وأردف فايد مشدداً أنّ رد المستقبل على هذا الكلام لم يتوقف و وقت كشف المحاضر ووضع الأمور في نصابها قادم، ليختم “هذا سجال سياسي، ليتورط نصرالله في مزيد من الكلام حتى يفضح بشكل أفضل”.

السابق
باسيل: هل فهمتم أيّها اللبنانيون لماذا كنا نطالب بقائد جيش جديد؟
التالي
النيابة العامة الاستئنافية تدعي على نادر صعب و3 أطباء