داعش اللبناني: الحقيقة الكاملة!

انتهت رحلة العسكريين المخطوفين نهاية مأساوية باعلان استشهادهم، وطوي معها ملف داعش، فيما تساؤلات عديدة ما زالت تتصدر المشهد اللبناني!

يقول أحدهم “غرباء هم دواعش لبنان، مسالمون، لم يفجّروا أنفسهم، ولم يعمدوا إلى تصوير عملية إعدام العسكريين المخطوفين لابتزاز الدولة اللبنانية وغادروا بعد اتفاق مع الأعدقاء – حزب الله والنظام السوري- دون أيّ ضجيج يذكر”!

هذا الكلام هو لسان حال الواقع، هؤلاء الدواعش ليسوا كأولئك الذين شهدناهم في مسيرة تاريخية دموية، فالعسكريون المخطوفون والذين أعدمهم التنظيم منذ العام 2015 أعدموا في صمت، مع أنّ تلك المرحلة بالذات شهدت إصدار العديد من الأشرطة الهوليودية التي تصوّر جرائم هذا التنظيم ولا إنسانيته ولعل أبرزها عملية حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة!
داعش لبنان لم يتمايز في هذه النقطة فقط وإنّما في الأحزمة الناسفة، فالدواعش لا يسلمون أنفسهم، بل يعمدون إلى تفجيرها لأنّ “الموت لهم غاية”، فكيف تمسكوا بإرادة الحياة والخصم الذي أمامهم هو العدو اللدود – كما يفترض- فيما المشاهد التي صوّرت بين الأعداء لم تعكس إلا اتفاقات ودية ظاهرها تسليم وتسلّم وباطنها دُفن سرّه مع العسكريين ومع رحيل الدواعش!
هؤلاء الدواعش الذين هم في لبنان بهدف الثأر من حزب الله لدفاعه عن النظام، لم يوجهوا إليه صفعة، بل على العكس قدّموا له في رحلتهم الأخيرة ما أراد من أوراق ضاغطة على الدولة اللبنانية ومن بنود يمكن له أن يستثمرها في انتصار دويلته!

في هذا السياق أكّد الباحث والمحلل السياسي ومدير جمعية “هيا بنا” لقمان سليم لـ”جنوبية” أنّ “كل مسألة الجرود وكل مسألة الجنود الأسرى وكل ما يتعلق فيما جرى في الميدان هناك، للأسف كل هذه الأمور هي تفاصيل ضمن لوحة كبيرة أو مشهد أكبر اسمه مشهد استكمال هيمنة حزب الله على هذا البلد ومباشرته إلى إعادة هذا البلد إلى ما كان عليه قبل خروج الجيش السوري وزجّه في محور الممانعة أو ما شابه”.

مضيفاً “ما يجب أن يُسأل ليس لماذا عُقدت صفقة مع داعش بهذه الشروط ولكن السؤال الأساسي هو من هم هؤلاء الدواعش الذي كانوا في الجرود؟ وبما أنّ داعش ماركة غير مسجلة فيمكن لأي شرير كان أن يخترع داعشه، ولنتذكر مخيم اليرموك حيث اخترعت داعش لتهجير أهل اليرموك ثم حلت داعش نفسها ومضت في حال سبيلها، وبتقديري ما جرى في الجرد في موضوع العسكريين سواء من اختراع معارك وهمية ثم اختراع مفاوضات وهمية إلى العثور الهوليودي على الجثث، وهنا أطالب ومن حقنا رؤية أين كانوا مدفونين هذه الجثث وكيف تمّ استخراجهم، هناك الكثير من التفاصيل العالقة”.

ولفت سليم إلى أنّه يجب أن لا نترك هذه الشجرة تعمينا عن غابة الأشجار المتوحشة التي نحن مقبلون على العيش فيها، بحيث – بحسب ما أكّد لموقعنا – أنّ هذا البلد يتم تسليمه بالرضا والاستسلام إلى حزب الله ومعلميه.

وتابع متسائلاً “لماذا لم تستخدم الأجهزة الأمنية من كانت تقوم بتوقيفهم من صيود ثمينة من إرهابيين للمفاوضة وصولاً إلى اكتشاف الحفرة والرفات، ما جرى بالجرود يذكر بما كان ذات يوم في وزارة الدفاع اللبنانية عندما اكتشف فجأة رفات عدد من العسكريين الذين قضوا يوم دخول القوات السورية ومعها بعض القوات اللبنانية إلى قصر بعبدا”.

لقمان سليم

 

وأشار سليم إلى أنّه على المرء أن يكون غبياً ليصدق أنّ الأمور تجري بالصدفة، ليردف “كما سكت عن مقبرة وزراة الدفاع طيلة سنوات بالأمس سمعنا كلاماً عن سكوت ما بالنسبة لمصير العسكريين، ولكن أخطر ما في هذا السكوت هو اعتبار اللبنانيين قُصّر أو أن يتم سقيهم الحقيقة كما حبوب الدواء المغلفة بالسكر فنأتي بالتحرير والجثث”.

ليختم كلامه بالقول “يوم أمس بلعونا الكذبة التي اسمها ثماني جثث وما تعنيه من تخلي الدولة اللبنانية عن سيادتها لحزب الله لكون التفاوض تمّ عبره”.

من جانبه أكّد منسق التحالف المدني الإسلامي أحمد الأيوبي لموقعنا أنّ “داعش في لبنان هي داعش مركبة واصطناعية، مقسمة إلى 3 أقسام، القسم الأول هو القسم الداعشي الأصلي الذي يتكون من بعض القيادات التي وفدت من الرقة أو من الداخل السوري وتسلمت زمام الأمور بصفتها الشرعية أو القيادية ومن هؤلاء أبو بلقيس الذي أعدم العسكريين واصطحب معهم المجموعة التي أعدمتهم ولاحقاً الأرجح أنّه تمّ التخلص منهم في الداخل السوري”.

مضيفاً”الفئة الثانية تضم بعض اللبنانيين الذين ناصروا داعش وانتسبوا إليها والتحقوا بها الجرود وهؤلاء كانوا مناصرين فكرياً ولكن لم يكن هناك انغماس كبير في ممارسات داعش باستثناء قلة قليلة جداً انخرطت في هذ المجال لأنّ الوقت لم يكن كافي حتى يتحولوا ويتخذوا هذا الطابع العنيف. الفئة الثالثة هي المجموعة المخترقة أمنياً وهؤلاء على الأرجح بينهم ضباط للمخابرات السورية وهؤلاء هم الدفعة الأولى الخمسين الذين خرجوا كأنّهم منتصرين وسلّموا أنفسهم شكلاً لحزب الله ورأينا كيف كان التسليم استعراضي”.

إقرأ أيضاً: هل هزمنا «داعش» في لبنان نهائيا؟

ولفت الأيوبي إلى أنّه من هذا الباب نرى أنّ “داعش اللبنانية” مختلفة عن داعش “السورية” و”العراقية” وذلك لأسباب تتعلق بتكوينها، مشيراً إلى أنّ هناك نقطة أخرى تتعلق بالحيز الاستراتيجي الذي سيطرت عليه داعش وهو -بحسب كلامه – منطقة حدودية معزولة غير قابلة للاحتكاك السكاني وذلك بعد فشلهم في السيطرة على بلدة عرسال.

ورأى الأيوبي أنّه لو نجحت داعش في السيطرة على عرسال لشكلت مصدر لممارسات سيئة على المدنيين، لأنّه سيكون هناك من يسيطر ويحكم.

 

وفيما يتعلق بالعلاقة بين “داعش لبنان” والنظام وحزب الله”، شدد منسق التحالف المدني الإسلامي أنّ “داعش في الشعارات فقط تواجه النظام السوري وحزب الله، عملياً لم يحصل صدام حقيقي في الداخل السوري بين هاتين الفئتين، وداعش في تدمر كان دورها واضح دخلت في قتال مع المعارضة السورية وأخرجتها في حين عجز النظام، وبعد ذلك تبادلت الأدوار هي والنظام، مدن كثيرة لعبت فيها داعش نفس اللعبة”.

إقرأ أيضاً: خلف «داعش» اللبناني امرأة تعيش بين خوفين

مبيناً في هذا السياق أنّ السيد حسن نصرالله قد قال في كلمة له “أننا إذا أردنا تدمير بلدة أو مدينة تركنا داعش لتدخلها فنحاصرها وندمر هذه المدينة”، مضيفاً “هذا هو الدور الحقيقي لداعش، استخدام متعدد الأوجه لضرب صورة المسلمين السنة في العالم عبر وصمهم بالإرهاب ولتدمير المدن والحواضر السنية في بلاد الشام والعراق”.

وخلص الأيوبي إلى أنّ مسؤولية قتل العسكريين تقع على السلطة السياسية المترهلة التي رفضت أن يكون للجيش اللبناني اليد العليا في هذه المواجهات، موضحاً أنّه حينما اقترب الجيش من الإمساك بزمام الأمور في معركته مع داعش فتح حزب الله الطريق أمام العناصر الذين عادوا إلى حضنه وحضن النظام وذلك – بحسب كلامه – لأجل ضرب صورة الجيش وليظهر أنّ حزب الله هو الذي كشف مصير العسكريين المخطوفين.

السابق
الكسوف الشمسي.. رحلة الظلام في عدد من الصور!
التالي
سليم لـ«جنوبية»: السؤال الأساسي هو من هم هؤلاء الدواعش الذي كانوا في الجرود؟