ماذا وراء التقارب السعودي – العراقي.. وما دور «أميركا» فيه؟

بعد التشنج والتوتر الذي حكم العلاقة بين العراق والسعودية لفترة طويلة، تعتزم "الجارتان" منذ شهورعلى إعادة المياه الى مجاريها بينهما وذلك بعدما رصدت عدة زيارات دبلوماسية بين الجانبين في إطار تسوية الملفات الخلافية وتفعيل العلاقات بينهما في مجالات مختلفة.

في إطار التقارب السعودي – العراقي  تأتي الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قبل يومين  الى جدة واجرائه مباحثات مع الملك سلمان بن عبد العزيز حيث  تم الاتفاق على تكثيف العمل المشترك لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، إذ اكدا في بيان مشترك على أهمية تجفيف منابع الإرهاب وتمويله، والالتزام بالاتفاقيات والتعهدات التي تلزم الدول بهذا الخصوص.

فيبدو إذا ان السعودية أدركت وإن كان متأخرًا أنها أضاعت الكثير من الوقت في صراعات غير مجدية مع جيرانها في الشرق الاوسط ، فعمدت الآن إلى انهاء القطيعة واعتماد  إستراتيجية جديدة عبر احتواء العراق بكامل متناقضاته.

إقرأ ايضًا: زيارة العباديّ الى السعودية تثير ترقبّا في إيران

وقد شكل الانفتاح السعودي الايراني مادة دسمة للإعلام الغربي والعربي من حيث دلالاته وقد تناولت “وول ستريت جورنال”  هذا الانفتاح بتقرير للكاتبة مارغريتا ستانكاتي، تشير فيه إلى أن السعودية تقوم بدعم  اميركي إلى تسوية خلافاتها مع العراق والتقارب منها بهدف الفوز ببغداد، وتخفيف النفوذ الإيراني.

ومع تعاظم النفوذ الإيراني في المنطقة تحاول المملكة التقرب من القادة الشيعة، وتوسيع حضور المملكة الدبلوماسي.

وترى الصحيفة ان تقارب السعودي العراقي يخدم الأخيرة من خلال دعمها في حربها على تنظيم الدولة، ودعمها إعمار المناطق التي دمرتها الحرب.

وتنقل الصحيفة عن مسؤول أمريكي، أن هذا التقارب يشكّل أولوية بالنسبة لترامب من حيث إعادة بناء تحالفات جديدة للعراق ودفعها بإتجاه تركيا والسعودية تساهم في تخفيف حدة النفوذ الايراني”. ولفتت إلى أن واشنطن وقوات التحالف تهدف في حربها في العراق ليس فقط القضاء على داعش إنما على المرحلة التي ستأتي بعدها.

واللافت بحسب الصحيفة أن العبادي رحب بالتأثير الموازي ضد إيران  وجاءت الجهود السعودية وقت يواجه فيه العبادي منافسه السياسي المقرب من إيران، رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، قبل الانتخابات البرلمانية العام المقبل.

وبحسب ستانكاتي أن اميركي هي الراعي الأساسي للانفتاح العراقي السعودي  بعد غقناع وزير الخارية السعودي عادل الجبير على ضرورة انهاء القطيعة مع العراق ليكون للمملكة نفوذ قوي فيها من شانه تقليص النفوذ الايراني وكانت أول زيارة للسعودية إلى بغداد في 25 شباط ، منذ عقود.

إقرا ايضًا: زيارة الانصاري والسبهان لترسيم الخطوط الحمر في لبنان

بدورها تناول صحيفة “الغارديان” اللندنية  ما سمته بسرّ التقارب العراقي السعودي وبناء تحالف جديد بين البلدين  يمنح الأخيرة دورا رئيسيا في إعادة إعمار ما دمرته الحرب على تنظيم الدولة.

وتشير الصحيفة أن المباحثات التي انطلقت منذ 6 أشهر، تركزت حول إبعاد العراق عن إيران، التي تسيطر على القرار السيادي فيه “.

كما ترى “الغارديان” لصحيفة ، أن زعيم تيار الصدر مقتدى الصدر كان له دورا مهما في إعادة العلاقات بين بلده والسعودية  وذلك بعد الزيارة التي قام بها إلى  السعودية، ومن ثمّ إلى الإمارات العربية المتحدة. خصوصا أنه كان أحد الاطراف الاساسية بالحرب الأهلية  العراقية، وعلاقاته مع إيران، ما يدلّ عن انفتاح على مستوى عال بين الجانبين.  الذي قد يؤدي في نهاية المطاف أن تساهم الرياض بإعادة إعمار العراق خاصة في المدن السنية التي دمرت أثناء الحرب على داعش، كالموصل والفلوجة والرمادي وتكريت.

من ناحية ثانية، يعتبر التقارب السعودي – العراقي حدث في غاية الأهمية سيما  أن الخلاف بين البلدين متجذر منذ العام 1990 إبان اجتياح الرئيس العراقي السابق صدام حسين إلى الكويت. والواضح أن تحرك السعودية باتجاه العراق يأتي لقطع الطريق على النفوذ الإيراني  وإن دخلت السعودية إلى التنافس غريمتها متأخرة بعض الشيء.

ومع القطيعة السعودية القطرية، يمكن إضافة عامل آخر وراء التوجه الرياض  وهو خشية الأخيرة من تطور العلاقات أكثر بين العراق، بعد الأزمة الخليجية مع قطر حيث تعمل المملكة على تعزيز وجودها في المنطقة العربية عبر توطيد علاقاتها مع دول الجوار وحل الخلاقات معها.

 

السابق
حسين جابري أنصاري…«ضابط الكل»
التالي
خطوط حمر دولية حول التوازنات اللبنانية: لبنان لن يكون تحت الوصاية الإيرانية!