قضية تمثال مار شربل: صحوة دينية أم تمسك بالهوّية؟

أمام رفع تمثال القدّيس شربل على تلّة الصليب في بلدة فاريا، الذي سيتم نقله إليها، تشتعل وسائل التواصل الاجتماعي مدحا بالمتبرع، او انتقادا..

هذا التمثال يبلغ طوله 23,3 مترا، معالج بطرق علميّة للحماية من التحلل مع الزمن. وقد تحمل الدكتور عبدالله ضو 590 ألف دولارمن كلفة تشييد التمثال. كما تبرّعت شركة ساسين للرافعات بكلفة نقل التمثال إلى أعالي فاريا، وتقدّر تكلفة النقل الى اعالي فاريا 50 ألف دولار، وكان دفع آل سلامة 275 ألف دولار للنحّات نايف علوان، وتبرّع طلال ملاعب بكلفة نقل التمثال عبر الشاحنات التي بلغت25 ألف دولار.

إقرأ ايضا: ابو كسم: نؤيّد قرار ريفي احالة “المقالات” الى النيابة العامة

وللوقوف على الضجة التي اثارها التمثال سواء لجهة الخلافات بين المساهمين او لجهة الكلفة العالية او لجهة التعصب الذي ظهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كان لـ”جنوبية” حوار مع رئيس المركز الكاثوليكي للاعلام الأب عبدو ابو كسم، الذي قال ردا على سؤال حول سر النفحة الدينية الجديدة التي تظهر لدى المسيحيين اللبنانيين، والتي يتخوّف من ان تكون على نسق الصحوة الأسلامية التي اوصلتنا الى الارهاب؟

أكد الاب ابو كسم أن “هذا التعبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي سببه التجاذبات السياسية، والتحضير للانتخابات، ولشد العصب عند كل الطوائف، فهم يلعبون على الوتر الطائفي. ودون شك نحن بلبنان على المستوى المسيحي-الاسلامي، والرسمي اللبناني. ونعرف انه اليوم ثمة حرص على وجود بعضنا البعض، وعلى تعزيز العيش المشترك، الذي يؤكد ان لبنان لكل اللبنانيين بغضّ النظر عن انتماءاتهم”.

ويرى الاب ابو كسم، ان “نحن لا نشعر بالخوف على الوجود المسيحي، وخاصة في العراق حيث يرجع العراقيون المسيحيون الى بيوتهم، وان كان الذين هاجروا الى الغرب لم يعودوا وتلك قصة أخرى”. ويشدد ابو كسم على ان “ارادة البقاء لدى المسيحيين اقوى، وهذه الدولة مسؤولة أيضا عن بقائهم”.

ويعود الاب ابو كسم بالذاكرة الى “اليوم الذي كان المسيحي، بُعيد اتفاق الطائف، قد انكفىء واستقال من مسؤولياته، بمرحلة من المراحل، وأخذوا كسرة عليه، وكأنه يجب ان يظل في الكواليس”. واليوم ثمة استنهاض، خاصة بعد المصالحة بين القوات والعونيين الذين يعملون على تحريك الحالة المسيحية من باب القوة وليس التعصب”. وكان “التعصب موجودا خلال الحرب لدى المسيحيين، لكن هم بالاساس يعيشون جو الانفتاح والحوار”.

ويشدد الاب ابو كسم، صاحب العلاقات المتنوعة مع بقية الطوائف، على ان “التعصب الديني يؤذي الجماعة قبل ارتداده على اصحابها. والدليل هو ان المسلمون العراقيون الذين عانوا اكثر من المسيحيين العراقيين من التعصب على يد جماعاتهم”.
وشدد ابو كسم على ان “الطبيعة تفرض الاختلاط والانفتاح، فالجو المسيحي هو جو استنهاض وليس بجو تعصبي، ولكن شد العصب لا يعني التعصب، بل انه يخلق نوعا من التوازن في مرحلة من المراحل”.

 

في حين رأى الدكتور عماد شمعون، رئيس المجلس الوطني الفيدرالي، انه “ما من شك ان ملاحظاتك في محلها، فهناك نوع من الاقبال على المظاهر الدينية في الوسط المسيحي، لكن انه لا منحى مقلق جرائها، كونها لا توّظف بالبعد العسكري، ولا وجود لتنظيمات اصولية بالمعنى السياسي”.

ويضيف الدكتور شمعون بالقول “بالمعنى الاجتماعي، نعم هناك نوع من صحوة دينية وهي ليست صحوة بالمعنى العميق للكلمة، بل هي صحوة ممارسات لشعائر، لان الصحوة تكون عندما تتحسن أخلاقنا فعلا. اما كثرة التماثيل فلا حاجة لها اذا لم يكن عندنا أخلاق”.
ويرى شمعون أن “هذه مظاهر دينية اتمنى ان تترجم  في السلوك اليومي الايماني. انا مؤمن وأحبّ ان أُظهر ايماني، لكن يجب ان أكون صاحب أخلاق حسنة”.

وردا على سؤال عن التخوّف من تحوّل الايمان الى تعصب كما حصل لدى الاسلاميين، يقول الدكتور شمعون “لكن اذا كان هذا التدين تقوقع فهذه ليست بصحوة، بل هي ردة وتعصب، ويمكن تجنبّها عبر جمع المسلمين والمسيحيين معا، ونصحهم. والالتزام الديني برأييّ هو إلتزام أخلاقي وروحي”.

إقرأ ايضا: اللجوء السوري والتوطين: حقيقة أم شوفينية لبنانية؟

ويؤكد الدكتور شمعون انه “ليس متعصبا، كما يقال عنه، لكنه ملتزم، لان المسيحية اصلا هي المحبة والغفران، ولاجل ان نلتزم دينيا علينا عدم خسارة علاقاتنا، وعلينا ان نحترم شركائنا في الوطن، وان نلتزم بالقيم الاخلاقية للاديان”.

ويبقى السؤال: هل يتمسك المسيحيون بالهوية الدينية انطلاقا من اعتبارها هويتهم الوطنية والقومية التي تجمعهم امام غول متشدد يسعى الى تهجيرهم من الشرق ليصبح شرقا صافيا دينيا؟ وماذا سيفعل التشدد الاسلامي باليهود المحتلين لفلسطين؟

السابق
بالفيديو: سياسيون في حفل مارسيل خليفة والأخير يوجه إليهم لطشة!
التالي
بالفيديو: تعذيب عاملة منزلية بكوي جسدها بطريقة مروعة!