السيد محمد حسن الأمين: «الشيعي» هو المسلم الحقيقي الذي يتجاوز الخلاف التاريخي

نهضت العصبيات الدينية والاثنية والقومية على مستوى العالم الإسلامي مع بداية النهوض الاسلامي وعززت الانقسامات المذهبية والسياسية، وكان لبروز العصب المذهبي اثرا سلبيا بما يتنافى مع مبادئ النهضة المرجوة التي في مقدمتها وحدة المسلمين وتقارب كياناتهم السياسية تحضيراً لنهضة حضارية تتلاءم مع العصر ومع ما حققته شعوب أخرى من تقدم على طريق التمدن والحضارة.

يقول سماحة العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الأمين “أن التاريخ الإسلامي لم يخل من هذه العصبيات ولكننا كنا نعتبرها تاريخاً مضى وأن الحسّ الإسلامي العام وحتى الحسّ القومي المعتدل سيقضي على الأقل على هذه النزعات التي تتضمّن العداء لبعضها البعض.”

وحول ملاحظات يستشف منها ان الطائفة الشيعية لم تعد خارج اطار العصبيات المذهبية قال السيد الامين  “نلاحظ أن الشيعة بوصفهم أحد هذه الفئات المذهبية التي يتكون منها العالم الإسلامي كانوا في أغلب مراحل التاريخ الإسلامي يشعرون بالتهميش والإبعاد عن مواقع السلطة، مما أدى إلى الشعور بالغبن، وظهرت نزعة التقيَّة، وكان لهذه النزعة ما يبررها في عالم إسلامي لا يعطي هامش للاختلاف بشكل عام، بدا أن الشيعة في هذا العصر قد فتحت أمامهم أبواب البروز والسياسة والاستقلال.ولكن الشيعة ليسوا أكثرية العالم الإسلامي وبالتالي فإن نهضتهم حصلت في أماكن تواجدهم على صورة تعبير صريح عن الشخصية الشيعية. والخلاص من مبدأ التقية”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: الانقسامات العربية سببها غياب المشروع الحقيقي

وبرأي السيد الأمين “أن العامل الأساسي لبروز هذا الطموح الشيعي هو انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 التي استطاعت أن تقيم كياناً شيعياً سياسيا. ومعلوم أن لكل كيان سياسي طموحات وخاصة عندما يكون هذا الكيان كبيراً ويتمتع بإمكانات وقدرات عالية، وهذا ما يتوفر في الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي تعددت آفاق طموحاتها دون أن تكون فكرة الوحدة الإسلامية خارج شعاراتها السياسية.ولعل أهم ما حققته الجمهورية الإسلامية هي انها احتضنت أخطر قضية من قضايا العرب والمسلمين وهي القضية الفلسطينية مما جعل لها موقعاً لازماً ومؤثراً في العالم السياسي وفي العالم العربي بشكل خاص.ولكن من المؤسف أن هذه الطموحات والطموحات المقابلة عربياً لم تنتج موقفاً موحداً تجاه القضية الفلسطينية وتجاه التحدي الغربي للعالم الإسلامي، بل من الملاحظ أنها أنتجت هذا الحس للعنصريات التي تنتمي إليها الجماعات الإسلامية. وبالتالي فإن الطائفة الشيعية لم يتغير شيء كثير في واقعها سوى أنها استطاعت أن تتحرر من عقدة الضعف ومن النفوذ السني السياسي، ولكن الكثير من الاتجاهات الشيعية لم تعبر عن هذا النهوض، وعن هذه الصحوة الشيعية تعبيراً سلبياً، بل حاولت وتحاول أن يصبّ هذا النهوض في إطار نهضة إسلامية كبرى.”

 

ويستدرك السيد الامين بقوله “حتى الآن لا يمكننا القول أن النزعات الإيجابية على مستوى المذاهب الإسلامية كلها امتلكت حتى الآن القوة التي توجّه الأمة نحو الوحدة والتكامل. وهذا ما يطمح إليه من أبناء الأمة كلها، لذلك فإن دعوتنا في ظل هذا الصراع البارد والحار داخل العالم الإسلامي أن يتحول إلى إدراك لمقومات هذه الأمة الكبيرة والتي يمكنها بواسطة هذه المقومات والمقدرات أن تستعيد أمجادها الحضارية ويكون لها كلامها المميز على هذا الكوكب الأرض التي برزت لها حضارات ومدنيات بقي المسلمون مع الأسف بعيدين عن المشاركة فيها”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: الايديولوجيا هي الأسطورة الحديثة لا الأديان

وبالخلاصة  يقول السيد الأمين: “إن الشيعي هو المسلم الحقيقي، ولا أظن أن بوسع من يدعي التشيّع دون أن تكون أولويته الالتحاق بالاتجاهات التوحيدية بين المسلمين، وهذا أمر يتضمنه جوهر العقيدة الشيعية وقواعدها الأساسية التي نشأت في أواخر عهد الخلافة الراشدة على يد الإمام علي(ع) حين كان جهاده ينصب في دائرة التوحيد هذه، تمهيداً لتطبيق مفاهيم الإسلام الكبرى، والشيعي الحقيقي لا يجب أن يتوقف كثيراً عند الخلافات السياسية التاريخية بل أن يمتلك قدراً من الطموح يؤهله في أن يساهم مساهمة كبرى في قيادة العالم الإسلامي بالتكامل والتعاون والوحدة، تطبيقاً لقوله تعالى: “أن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون”. والحمدلله رب العالمين.”

السابق
استياء فصائلي من تفرد فتح بقرار معركة «عين الحلوة»
التالي
ورد الخال توجه «لطشة»: التواضع ما جاب نتيجة