برسم وزير الصحة غسان الحاصباني.. إن أراد

يبدو أن تحلل السلطات يترافق مع تحلل الخدمات التي تقدمها المؤسسات التابعة للسلطات أو المستفيدة منها، وهذا يبدو جلياً في القطاع الصحي في مدينة صيدا.

في الثالث من تموز 2017 نقلت المواطنة (س.د) إلى مركز لبيب الطبي بحالة طارئة. أجريت لها فحوصات سريعة أظهرت ضرورة إدخالها إلى المستشفى، وطلبت الإدارة من أهلها دفع مبلغ 1500 دولار أميركي دفعة مسبقاً.

أحد مرافقيها أخبر الإدارة أن المريضة لا تملك مالاً وعلى المستشفى استقبالها على حساب وزارة الصحة، الإدارة رفضت بحجة لا أسرة على حساب وزارة الصحة، وذلك في اليوم الثالث من شهر تموز. بقيت المريضة في غرفة الطوارئ من الساعة الرابعة بعد الظهر إلى الساعة الحادية عشرة ليلاً حين تم نقلها إلى إحدى الغرف، مع إصرار الإدارة على ضرورة تأمين المبلغ وإلا لن يتم معالجتها طيلة فترة وجودها في المستشفى، ويقترح أقرباؤها علاجها على حساب وزارة الصحة، والإجابة أن المستشفى على استعداد لاستقبالها على حساب وزارة الصحة لو كانت بحاجة إلى عملية جراحية.

اقرأ أيضاً: صيدا على فوهة بركان التلوث

وقبل خروجها من المستشفى، زارت أختها مدير المستشفى معين أبو ظهر الذي أكد رفضه تحويلها على حساب وزارة الصحة، فما كان من شقيقتها أن إجابته: “لو اتصل بك أحد الفعاليات السياسية أو الحزبية فأعتقد أنك لن تستطيع الرفض”. وكان جواب أبو ظهر بليغاً، إذ اكتفى بالصمت.


أما في مستشفى صيدا الحكومي الذي هو تحت وصاية وزارة الصحة، فأحداثه لا تجري إلا في الأفلام – العنيفة، فالمواطن (خ.ص) أدخل زوجته الحامل يوم 23 تموز 2017 إلى المستشفى المذكور بعد شعورها بآلام الولادة إلى غرفة الطوارئ. وتوجه إلى مكتب الدخول، فقدم للموظفة الموجودة بطاقة هوية زوجته وكانت المفاجأة أنها مسجلة كعزباء على البطاقة. رفضت الموظفة البطاقة، فعرض عليها جواز سفر زوجته، لكنها طالبته بإخراج قيد يظهر أنها متزوجة منه، وأن عليه دفع مبلغ مئة دولار مقدماً. ناولها المبلغ، وصوّر الأوراق المطلوبة، وأسرع إلى غرفة الطوارئ، ولم ينتبه أن يطلب من الموظفة إيصالاً بالمبلغ.

يقول المواطن (خ.ص) “كانت الخدمة الطبية ممتازة جداً. لكن عند إجراء المعاملة لإخراج زوجتي نفت الموظفة الموجودة دفع مبلغ المئة دولار مسبقاً”.
و”عندما طالبت بمراجعة أفلام الكاميرا، سارعت الموظفة إلى الصراخ والتهديد، وتفاجأت بأحد الموظفين (م.ح) بالهجوم عليّ من الخلف، وضربي مع سيل من الشتائم لي ولوالدتي. اضطررنا للاختباء في إحدى الغرف حتى تم تأمين طريق آمن لي للخروج من المستشفى”.

إدارة المستشفى بدت مرتبكة، لم تستطع أن تقدّم جواباً واضحاً حيث قال مدير المستشفى د. أحمد الصمدي: “سأحاول التدقيق بالفيديو لأتأكد إن كان المواطن المذكور قد دفع أم لا. أما بخصوص الموظف فسنجري تحقيقاً حول الموضوع”.

بعدها بأيام أفاد الصمدي أنه سيجري لقاءً مع أمين عام التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد بشأن الحادث، لأن الاثنين ينتميان للتنظيم حسب تعبيره.
مصدر في التنظيم الشعبي الناصري أخبر “جنوبية” انه “لا علاقة لنا بما جرى في المستشفى وعلى إدارتها اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق الموظف الذي اعتدى على المواطن (خ.ص)، وموقفنا واضح أن نحافظ على عمل هذه المؤسسة واستمرارية تقديمها للخدمات.
اجتماع سعد مع الصمدي لم يخرج عن هذا المسار. لكن إدارة المستشفى لم تتخذ حتى اللحظة أي إجراء بحق الموظف المذكور الذي أقدم على ضرب أحد الأطباء من آل الأطرش أيضاً بعد أسبوع من الحادث الأول.

أحد العاملين في المستشفى المذكور قال لـ”جنوبية”: “أنها ليست المرة الأولى التي تحصل فيها مثل هذه الحوادث، وأعتقد أن مبلغ المئة دولار وزعت على ثلاثة أشخاص. وأضاف: ربما سياسة وزارة الصحة التي تقطر على المستشفى، تدفع بعض الموظفين للقيام بأعمال غير قانونية، والإدارة عاجزة عن القيام بأي خطوة للمحاسبة”.

أما في مستشفى حمود الجامعي. فالمواطنة (هـ.ح) شعرت بألم فظيع في رأسها، وأحسّت أن الدم سينفر من إذنيها. سارعت إلى المستشفى المذكور، وأدخلت إحدى غرف الطوارئ، وبعد إجراء الكشف عليها أخبرتها الدكتورة أن أحد الممرضين سيعطيها دواءً لإراحتها. بقيت تنتظر نحو 20 دقيقة دون جدوى، وعندما راجعت قال لها الموظف “عليك دفع 200 ألف ل.ل. قبل إعطائك الدواء. ما دفعها إلى حالة من الجنون، فأقدمت على السباب والشتائم ورمي أوراق الطوارئ على الأرض وتهديد العاملين. مما دفع أحدهم للتدخل وإعطائها الدواء المذكور محاولاً تهدئتها، وبعد ذلك تقاضوا منها مبلغ 83 ألف ل.ل.

اقرأ أيضاً: في لبنان: هذا ما حصل بين كاهن المستشفى والمريضة المسلمة

وأتذكر حادثة حصلت معي قبل عامين في بلدية صيدا، كان هناك اجتماع دعت إليه مؤسسة الحريري والبلدية لطرح ما أسموه يومها الخطة الاستراتيجية للمدينة، أبديت ملاحظة غياب أي مشروع يتعلق بتطوير الاستشفاء العام في المدينة.

أجابني رئيس البلدية محمد السعودي حينها بالقول “ولكن لم يمت أحد أمام باب أي مستشفى. اليوم أعتقد أن وقفة المواطن أمام باب الطوارئ، أو مكتب الدخول في أي مستشفى قد تكون أصعب من الموت نفسه”.

فهل يهتم وزير الصحة غسان الحاصباني بالموضوع أم أنه مشغول بأمور محاصصة هي أكثر أهمية من صحة المواطنين؟؟

السابق
معركة «فجر الجرود»: اسلحة جديدة للجيش اللبناني ستفتك بداعش
التالي
لغط في جامعة العزم «الميقاتية» بعد شكوى ايقاف المنح لأسباب سياسية