حزب الله يجر الدولة كشاة طيّعة الى الأسد

عون الحريري
"قوة لبنان في ضعفه" معادلة ادعى حزب الله أنه اسقطها في مسلسل انتصاراته الالهية، الدولة اليوم زادت ضعفا لكن حزب الله يتوهم انه يضيف للرئيس الاسد ومحور الممانعة شيئا جديدا اذا ما جرها صاغرة اليه. الضعف هل يتحول الى قوة هذه المرة؟

ليس المعيار الاقتصادي أو تنشيط الصناعة اللبنانية ما دفع وزير الصناعة حسين الحاج حسن لإعلان أنّه ذاهب إلى سوريا للمشاركة في معرض صناعي وأنّه سيعمد لإجراء اتصالات رسمية مع المسؤولين في النظام السوري، الأولوية السياسية و”الجهادية” هي ما عودنا عليها حزب الله في خلفية أيّ قرار يتخذه سواء في الخيارات السياسية الداخلية أو في علاقاته وعلاقات لبنان الخارجية. وهذا يمكن رصده في كثير من المواقف التي كان حزب الله يتخذها لا سيما تجاه الدول العربية والخليجية على وجه التحديد، كأن يعلن مواقف حادة سياسياً تجاه هذه الدول أو بعضها أو التورط في عمليات أمنية في هذه الدول، من دون أن يعير اهتمام لمصالح لبنان الاقتصادية مع هذه الدول، انطلاقاً من كونه يعتبر أنّ القضايا الجهادية والسياسية هي أهم من الاعتبارات الاقتصادية للبنان واللبنانيين.

اقرأ أيضاً: معركة الجرود: فصل من مناقصة في مشهد إقليمي كبير

إذن موقف الوزير الحاج حسن لا يندرج في سياق هدف اقتصادي أو صناعي بقدر ما يصب في حسابات سياسية تتصل بفتح القنوات الرسمية اللبنانية بشكل علني وصريح مع نظام الأسد، وهي المهمة التي يوليها حزب الله اهتماماً بالغاً في سياق ما يعتبره طي ما تبقى من مرحلة النأي بالنفس التي اعتمدها لبنان الرسمي تجاه الازمة السورية وبقرار من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي كان لحزب الله اليد الطولى في تشكيلها وفرضها.

إعادة الاعتبار لعلاقة لبنان الرسمي مع نظام الأسد، هي المهمة السهلة التي يستطيع حزب الله فرضها على الحكومة اللبنانية، بل هو كان قادراً على فرضها على لبنان قبل سنوات وليس اليوم فحسب، لكن حزب الله الذي بدأ يلمس في الميدان كيف فرض اللاعبون الكبار دولياً واقليمياً دورهم في معادلة التسوية في سوريا، يريد أن يحسن من شروط حصة إيران السورية ولو من الباب اللبناني، فالرئيس بشار الأسد الذي يدرك أن شروط بقاءه حاكماً ولو بالواسطة على جزء من سوريا، يرتبط بقدرته على بناء علاقات نفوذ وجودية مع أيّ شريك، وهذا ما تحاوله إيران من خلال حماية ما تبقى لها من نفوذ، عبر بناء تحالف وجودي مع الأسد، أي أنّ نهاية النفوذ الإيراني يجب أن تعني نهاية الأسد، والأسد في المقابل يريد معادلة أنّ نهاية الأسد يجب أن تعني نهاية النفوذ الإيراني في سوريا.

هذه العلاقة التحالفية والوجودية على الأرض السورية، هي ما يعمل حزب الله من خلال موقعه في المحور الإيراني على تثبيتها، ولبنان أحد مداخل تثبيت هذه المعادلة وترسيخ التحالف الوجودي بين إيران وشخص بشار الأسد، وإلاّ كيف يمكن أن يحرص حزب الله على توجيه آيات الشكر لشخص الأسد  في الآونة الاخيرة، لا سيما بعد مشهد معركة جرود عرسال؟ العلاقة الوجودية مع الأسد هي ما يريد حزب الله أن يدفع لبنان نحوها وهذا أمر لا يحتاج إلى جهد كبير، فالسطوة التي يمتلكها حزب الله على مفاصل السلطة توفر له القدرة على جر لبنان الرسمي إلى حضن هذه المعادلة الإيرانية الأسدية، وهو خيار لن يواجه بمعارضة بل بنوع من الاعتراض الشكلي لتحسين شروط داخلية لبنانية من قبل بعض المعترضين.

على أنّ إشكالية هذا المسار هي ليست في بعدها الفعلي، أن تنجر السلطة اللبنانية بكامل مكوناتها إلى ما يريده المحور الإيراني، بل عدم قدرة حزب الله على طرح خيارات بديلة في سياق معركة تثبيت نفوذ محوره في سوريا، هو أصبح أسير دعم بقاء الأسد، ولا خيار آخر لديه، أي أنّه محكوم بأزمة متفجرة على الدوام، لأن أيّ حل فعلي في سوريا لا يمكن ان يكون الأسد رمزه، الاسد رمز استمرار الأزمة أو عصيان الحلول.

مهما قيل في أنّ الشعوب العربية ومنها الشعب السوري، لا يمكن ان يختار بل يستسلم لمنطق البطش والقوة والقتل، إلاّ أنّ ذلك لا يمكن أن يشكل مصدر اطمئنان في المدى القريب أو المتوسط (في ابعد التقديرات) للنفوذ الإيراني في سوريا الذي بات يواجه معادلات دولية وإقليمية تقضم من هذا النفوذ يومياً، ورفض واسع في البيئة السورية لهذا النفوذ ولدور الأسد في السلطة، وبالتالي فإنّ الورقة اللبنانية التي فقدت استقلاليتها وأصبحت في حوزة المحور الإيراني منذ سنوات، لن تضيف شيئاً انطلاقاً من أنّ لبنان منذ الثورة السورية كان ساحة للنظام السوري إمّا بشكل مباشر أو بطريقة غير مباشرة عبر حزب الله، هذا ما يعرفه حزب الله وما يعلمه اللبنانيون وكل الدول الإقليمية والدولية واسرائيل بطبيعة الحال.

اقرأ أيضاً: أبعد من جرود القاع بكثير

لا يقول حسين الحاج حسن جديداً في إعلانه الذهاب إلى سوريا كوزير في الحكومة الحالية، ولا يضيف شيئاً لزيارته حين يصر على صفته الرسمية في قرار الزيارة، فلبنان الدولة ضعيف وعاجز عن مواجهة قرار حزب الله أيًّا كان هذا القرار، هذه الدولة الضعيفة لا يمكن أن تتحول إلى دولة قوية لتغطي قرارات حزب الله عندما يتمنى حزب الله ذلك، دولة نجح حزب الله في استغلال ضعفها لفرض دولته، هي لذلك اليوم عاجزة بالقوة ان تعطيه زخماً يحتاجه وهو يجرها صاغرة كشاة الى بيت الأسد.

السابق
غموض يلف مصير «سلسلة الرواتب» وكلمة السرّ عند الرئيس عون
التالي
الإسرائيليون: الجيش اللبناني سيقاتل وحزب الله سيتسلّم مواقع داعش!