السبايا الإيزيديات… ضحايا «داعش»

الايزيديين
عذابات الايزديات ناشئة من سبيّ النساء الذي يقوم به "داعش" والحركات الاسلامية الارهابية. فهل ثمة دور أممي يفترض القيام به لحفظ هذه الطائفة؟

تحت عنوان “سبايا داعش.. مسيرة النساء الإيزديات الطويلة” نقلت “الغارديان” البريطانية صورة عن المصاعب التي خاضتها النساء الإيزديات والمخاطر التي تعرضن لها منذ احتلال سنجار في العراق.
ويبدأ التحقيق الطويل بوصف مداخل سنجار، فيقول التحقيق: “في الثاني من آب 2014، بلغت درجة الحرارة 40 درجة مئوية وبدت قمة جبل سنجار. والشوارع ممتلئة بالأهالي الخائفين من الاخبار التي تردهم من بعيد عن قدوم رجال “داعش”.

اقرأ أيضاً: ما الفرق بين الايزيديين والزيديين؟

فمنذ سقوط الموصل بيد “داعش”، التي تبعد مسافة 120 كيلو مترًا شرق سنجار انهارت الفرقة الثالثة للجيش العراقي، التي كانت تتخذ من سنجار مقرًا لها. اذن لا حماية للايزيدين.
وبعد إحكام “داعش” قبضته على الموصل، أطلق سراح المسلمين السنّة من السجون، وقتل 600 سجين شيعيّ، وفرّ نصف مليون مدنيّ نحو شمال سنجار وشرقها.
وفي غضون أيام وقع ثلث العراق تحت سيطرة داعش الإرهابيّ، أما سنجار، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 300 ألف لم يبقَ لها سوى طريق يربطها بمناطق آمنة في كردستان العراق. لكن الطريق خطيرة.
عندما هاجم “داعش” سنجار، فر أكثر من مائة ألف شخص إلى الجبال، أما الذين لم يحالفهم الحظ بالفرار، فقد حوصروا وتم إعدام آلاف الإيزديين وإلقائهم في حفر، ومات البعض بسبب الجفاف، وظهرت الى العلن قضية “سبيّ الإيزديات”.
فقد تمّ سبي ما يقارب 6400 شخص معظمهم من النساء والأطفال، وقد نقلوا إلى السجون والمعسكرات التدريبية، ومنازل المقاتلين شرق سوريا وغرب العراق، حيث تعرضوا للضرب والتعذيب والبيع. وبحلول حزيران من العام 2016 لاذ حوالي 3000 طفل وامرأة بالفرار، في حين لم يتمكن حوالي 3000 آخرين من الهرب.

لم تدرك النساء الإيزديات في سنجار ان مقاتلي داعش يقومون بعمليات خطف جماعية مخطط لها بغرض أخذهن كـ”سبايا”.
بداية تم نقل النساء إلى مواقع مجهزة، ويسلمن إلى مقاتلي داعش في سنجار. وقال تقريرٌ صادر عن لجنة الأمم المتحدة أن “الرعب دبّ في أوصالهنّ كلما وصلت إلى أسماعهن صوت خطى أقدام عناصر التنظيم وهي تقترب لفتح الأقفال”. وقد أقرت الامم المتحدة بأن “داعش” ارتكب “إبادة جماعية” بحقّ الإيزديين.
وبعد القاء القبض على النساء احتُجزن، وتم تسجيل بياناتهنّ بطريقة ممنهجة ومنظمة. ومن ثم عرضهن للبيع في الأسواق، إما إلكترونيأ أو في أسواق مخصصة أو في السجون.


كما بيعت الفتيات عبر وسطاء، وكانت السبايا تقدم كهدية لمقاتلي “داعش” الذين اشتركوا بالهجوم على سنجار، وفيما بعد تم نقل بعضهن إلى سورية.
في عام 2016، أصبحت الرقة، التي تقع 370 كم غرب الموصل رسمياً عاصمة لداعش، حيث توافد الأنصار من جميع أنحاء العالم للانضمام للتنظيم، إضافة إلى النساء اللواتي قدمن من سنجار.
كان يتم تصوير السجينات الايزيديات وتمنح الاسيرة رقم العبدة (كذا) وطبع الرقم فوق صورتها. اذ كان هناك حوالي 500 امرأة في السجن.
وكانت الإيزيديات محتجزات في تجمّع يتراوح عددهم بين100 و200 قافلة للمقاتلين حيث كبلت النساء والفتيات بالسلاسل كالحيوانات، وراح الرجال يتناوبون عليهن بالضرب والاغتصاب.
مع الاشارة الى ان معظم المهربين الذين عملوا على إنقاذ الأيزيديات، هم رجال أعمال أيزيديون. اذ كانوا يقومون بشراء النساء لتحريرهنّ من مقاتلي “داعش” الذين يحتجزوهن أو من أسواق الرقيق أو المزادات عبر الإنترنت. وازدهرت السوق السوداء في البيع والشراء اذ كان الإيزيديون يفضلون إنقاذ النساء والأطفال المحتجزين بدلاً عن استعادة المناطق. فوفقًا لـ”داعش” الرقّ شرف في الشريعة الإسلامية.
علما أن معظم الإيزديين يتقنون الكردية. والايزيديون هم جماعة دينية يعيشون شمال العراق. يبلغ عددهم أقل من مليون شخصًا في جميع أنحاء العالم. وعلى مرّ التاريخ تعرض الإيزديون للاضطهاد على يد الحكام المسلمين الذين اعتبروهم كفارًا وأمروهم باعتناق الإسلام. وتشمل طقوسهم الدينية زيارة الأماكن المقدسة وهم يشاركون في التعميد والأعياد ويرددون الترانيم ويروون قصص المعارك التاريخية والأسطورية التي قامت دفاعًا عن الدين. بحسب “ويكيبيديا”.
وقد ساهم التهجير خلال عهد صدام حسين والعقوبات الاقتصادية على العراق بإضعاف الإيزيديين. حاليًا لايزال هناك 500 ألف فقط معظمهم في سنجار في نينوى، وقد فرّ معظم إيزدييّ سوريا وتركيا إلى اوروبا، ويقدَّر عددهم في ألمانيا بحوالي 25 ألفًا.
فالديانة والهوية الإيزدية منغلقة على نفسها ويتناقلها الأجيال من خلال الحكايا والموسيقى. وقد تمكّن الكثير من الإيزديين من الهرب خلال الأيام القليلة الأولى، لكن مع قلة الدعم الدولي والحكومي شعرت العوائل باليأس وتخليّ العالم عنهم.

اقرأ أيضاً: «داعش» يُكمل تدمير التاريخ: الأشوريون بعد الإيزيديين!

ورغم تحرر سنجار على يد القوات الكردية والبشمركة عام 2015. لا زال الإيزيديون يخشون من تجدد الهجمات، ليس من قبل “داعش” فحسب عليهم، بل ومن قبل المحررين الأكراد. فالإيزيديون أنفسهم غير متجانسين سياسياً، ولا يثقون بالجماعات الكردية المنافسة. لذا لم تعد كل العائلات الايزيدية الى مناطقها. اذ لا يزال الإيزيديون غير قادرين على تحديد مستقبلهم العسكري أو السياسي، مع استمرار الاشتباكات العسكرية في العراق.
فهل سنشهد انقاظ اتباع هذه الديانة التاريخية التي لم يكن يعلم بوجودها أكثرية المواطنين العرب؟
وأين دور الامم المتحدة في المحافظة على الاقليات وعلى التنوع الديني في العراق ودول الشرق مهبط الاديان؟

السابق
بالفيديو: اللحظات الأولى لوصول أسرى حزب الله الثلاثة
التالي
مرآة العقوبات والغضب الروسي