من وعود الانتصارات الالهية التي لا تنتهي!

جرود عرسال
من غير الثابت أو المعلوم، أقلها إلى الآن الذي مضى، عما إذا كانت تسوية القضاء على داعش تشتمل على أمرٍ بالقضاء على جماعات أخرى متواجدة في سوريا تحديداً و نشاطها وأعمالها الحربية قائمة في هذا الإطار الجغرافي المكاني والزماني المحدد؟

لا ندري حقيقة عما إذا كان ما يجري في جرود عرسال هو تكتيك عسكري هجومي يستخدمه حزب الله بحنكة ودهاء، يوحي من خلاله للرأي العام اللبناني العربي والدولي بأنه يسير في حربه على الإرهاب بالتزامن مع قرار متفق عليه، يعمل له بالتكافل والتضامن مع دول عظمى وأخرى إقليمية كبرى، ويتم تنفيذه بتنسيق وتعاون كامل مع جيوش تلك الدول النظامية ويلقى دعم سياسي من دول أخرى معنية؟

اقرأ أيضاً: الانتصار على لبنان

بالعودة إلى سيناريو القضاء على داعش في الموصل من قبل السلطات الرسمية وبمساعدة شعبية، فمن الواضح أن المدة التي قطعتها تلك العمليات لم تتخطى الزمن المقدر للعديد والعتاد للوصول الى المناطق التي كان يعبث فيها مقاتلي البغدادي سريعي الذوبان، اولئك الذين لم يظهر منهم لا أسرى ولا قتلى أو فاريين ولم يبلغ عن الضاليين الملاحقين أو عن أي منهم على انه في عداد المفقودين، بشكل يتناسب والدمار الذي لحق بالمدينة، في حين أن المقاتلين المتواجدين في الجرود اللبنانية العرسالية منذ سنين يتتطابق شكل وجودهم والتكتيكات المنظمة المعتمدة من قبل العديد من الهاربين المتخفين الملاحقين ، لهم فيها مغاور وكهوف يقومون بحراستها ولهم فيها أيضاً إستعدادات لوجستية وتحصينات، لكن لم يكشف إلى الآن وبعد السيطرة على اكثر من 70% من تلك الجرود من قبل المنتصرين على أي مخازن أسلحة ضخمة أو ثكنات عسكرية او سجون أو منصات صواريخ قادرة على الوصول إلى ما هو أبعد من جغرافيا الجرود، مع يقين مطلق بأنها أي جبهة النصرة وأخواتها جماعات معتدية تقيم بشكل غير شرعي داخل الأراضي اللبنانية وبفعلها هذا تكون قد تخطت الحدود، ووجب على السلطات الشرعية اللبنانية إخراجها أو إيجاد حل لوجودها أو إجراء تسوية مماثلة لما حصل ويحصل في غير مكان من زمان هذا الصراع الطويل الدامي، خصوصاً وان قادة الجبهة يصرون وعبر وسطاء معتمدين ومجربين سابقاً على القول بانه لم يسجل لها أي للجبهة أو عليها أقلها إلى الساعة أنها قد قامت بأعمال حربية أو عسكرية أو تفجيرات خارج إطار الجبهات و خطوط المواجهة القائمة في سورية مع خصومها وأعداءها أو في إطار رد الفعل الناتج عن الخوف على النفس والدفاع عنها في المكان الحالي لتواجدها. وهو أمر معلن لكن مشكوك في صحته نظراً لتبعيتها حتى زمن قريب إلى منظمات مصنفة إرهابية كالقاعدة البن لادنية الأممية.

توزيع البقلاوة جراء انتصار يبرود

لازال البعض بما لهم من خصائص الأنا الأنانية، يعتبر أو يدعي أن عدوه أيّا كان، هو كما داعش، وتالياً يتصرف وكأنه ورقة جوكر من الممكن الإفادة منها في حسم نتيجة حرب أو صراع أو إقتتال معه، وينسى أو يتناسى أن الحرب التي يخوضها هي حرب إستاتيكية لانهائية يخوضها وهو معه على أرض مسطحة لكنها واقعاً دائرية، هنالك من مازال بالفعل يخلط بين أوراق اللعب وداعش ويعتبرها مثيلة لها ويغفل حقيقة أن هناك أطرافا أخرى في هذا الصراع لا يمكنهم الإستغناء عن أي كان بالمجان أقلها في هذه اللحظة المصيرية، أو يقدمها لغيره على طبق من ذهب بهذا الشكل الموحى به من دون إتفاق تسوية يضمن لها مصالح إستراتيجية.

اقرأ أيضاً: عندما ينحسر خطاب الانتصار الإلهي الإيراني أمام شياطين ترامب

حزب الله إذاً على الحدود اللبنانية بعد ما يقارب ست سنوات من القتال وراءه، حرب خاضها بلا هوادة وبشكل متواصل لكن من دون ان يحقق أو يتحقق له او لأي أحد من المشاركين فيها أي نصر كامل بعد، وهو هذه المرة كما في المرات السابقة سيواجه محاولة جديدة لإستنزافه وأعداءه، خصوصاً وإن بوادر إطالت عمر المعارك في سوريا قد رسمت معالمها سابقاً، ولم يحن بعد وقت إنهاءها أو وقف القتال فيها ولو مؤقتاً. حرب بدأها من دون مشورة أو مساعدة رسمية وخاضها من دون مشاركة حتى حلفاءه المحليين، هو قرر أو قرر له أن يكتفي بالتعاون والتنسيق والمشاركة مع جهات خارجية فقط، لكن عجباً يطلب اليوم تأييد قوى وأفراد لبنانية على إعتبار أن ما يقوم به ليس إلا إستراتيجية دفاعية، ويعتبر أن من لا ينصره ظالماً كان أو مظلوم خائناً سيعمد إلى محاسبته إن ليس الآن فلاحقاً، لقد فات الأوان منذ زمان و بتنا أقرب إلى الحرب منه إلى السلم، لقد بتنا شعوبا وقبائل تديرها جهات إقليمية وأخرى دولية، ننتظر حلاً لن يعلم بقدومه إلا الله والراسخون الضالعون بسناريوهات الحرب.

بداية جديدة من بدايات القتال اللامتناهي بدأها للتو حزب الله، وهي على ما اخبرنا لن تكون الاخيرة إلا إذا أزفت الساعة وأقترب ميعادها، وحتى تلك الكاشفة، بات واقعاً أن حزب الله بالنسبة لكثيرين المستفيدين من آلته الحربية المتطورة وخصوصا محوره الضالع في الصراع الشامل بالمنطقة.

السابق
اللبناني الواعد: جيش ومقاومة، قضية واحدة…. حماية لبنان
التالي
مساعدات إنسانية أميركية استجابة لأزمة اللاجئين السوريين في لبنان