إيران: دور عرسال آت بعد حرب الجرود؟

احمد عياش

حرب جرود عرسال التي يلوح في نهايتها “انتصار” سيعلنه “حزب الله” بعدما أعلن أمينه العام حسن نصرالله عن شنّها ليست هي الهدف في حد ذاته على رغم من كل الماكينة الاعلامية والدعائية الضخمة التي استخدمت ولا تزال من أجل تبريرها وتسويق نتائجها. وما استعادة كل ما فعلته جبهة “النصرة” وتنظيم “داعش” سوى وقود لإشعال نار كبرى مع العلم ان تاريخ هذين التنظمين الارهابيين يشبه الى حد بعيد الدور المشبوه الذي اضطلعت به جيوش الانظمة التي سبقت ورافقت قيام دولة إسرائيل التي محت فلسطين وشعبها من على خريطة الشرق الاوسط في نهاية النصف الاول من القرن العشرين. أما اليوم فهناك مشروع “سوريا المفيدة” الذي بذل المرشد الايراني الغالي والنفيس من دماء السوريين واللبنانيين لتحقيقه وسيكون على عاتق “حزب الله” إنجاز لمساته الاخيرة التي ستربط لبنان بهذا المشروع في صورة تحاكي المشروع الصهيوني الذي أقام دولة اليهود في في فلسطين. فهل ينجح؟

اقرأ أيضاً: الانتصار لـ«النصرة» و«الحزب» معاً

قبل الجواب عن هذا السؤال الكبير نشرت وكالة الجمهورية الاسلامية للانباء (إرنا) تقريراً من بيروت في 23 الجاري بعنوان: “معركة جرود عرسال: إنهاء بؤرة إرهابية تهدد الأمن اللبناني” جاء في خلاصته:”…هناك نوع من الاجماع على ضرورة معالجة البؤرة المتبقية والتي بمعالجتها يصبح ريفا دمشق وحمص الغربيّان خاليين من الارهاب، كذلك يتم تحرير كامل المنطقة الحدودية الجردية بين لبنان وسوريا من الوجود الارهابي”. وقالت الوكالة:”هذا الواقع يدفع لطرح تساؤل حول ما اذا كان الحسم العسكري المرتقب للجرود يكفي لاستئصال الحالة الارهابية التي تشكل خطرا على لبنان. يجمع المراقبون والمعنيون على ان هذا الملف لا يمكن اعتباره منتهيا اذا لم يستكمل بمعالجة ملف النازحين… وبالتالي فإن عودتهم بشكل صحيح وسليم هي عنصر اساسي لتأمين الاستقرار في لبنان .وقد جرت أخيرا تجربة تستحق المتابعة حيث عاد خلال الشهرين الماضيين عدد من النازحين الذين كانوا يقيمون في مخيمات عرسال، الى بلدة عسال الورد وغيرها من بلدات القلمون. وقد تبين ان لا عوائق حقيقية امام عودتهم. كما يمكن الاستفادة مما جرى في الداخل السوري عندما نقل عدد من عوائل المسلحين الى مناطق نفوذ هؤلاء”.

لا جدال في ان تقرير الوكالة الايرانية التي هي رسمية بكل ما في الكلمة من معنى يرسم خريطة طريق لمسار التطورات في جرود عرسال وفي البلدة غداً، والتي صارت مدينة بسبب اكتظاظها بعشرات الالوف من المواطنين والنازحين السوريين. وبحسب المعطيات المتوافرة حول هذه الحرب، فإن الخسائر البشرية التي تكبدها “حزب الله” في الاندفاعة الاولى الى حرب الجرود قبل أيام تعود الى قرار سياسي اتخذته قيادة الحزب بأمر إيراني مفاده يجب إسقاط خط الدفاع الاول لجبهة “النصرة” مهما كان الثمن. ولهذا سقط في بداية المواجهات العدد الكبير من الضحايا في صفوف الحزب، ومن ثم تغيّرت ظروف القتال حيث تلاشى فيها التحدي بسبب حجم المواجهة التي مارستها “النصرة”. ويقول خبراء ميدانيون إن “حزب الله” لم يدخل الحرب وحيداً بل اشترك فيها أطراف آخرون لحسابات مختلفة: دخلها الاميركي انطلاقاً من روزنامته التي وضعت “النصرة” على لائحة التنظيمات التي يجب التخلص منها، كما دخلها الجيش اللبناني انطلاقاً من قرار سياسي بإنهاء وجود تنظيم إرهابي تلوثت يداه بدماء اللبنانيين عسكريين كانوا أم مدنيين، كما دخلها طيران نظام بشار الاسد وبكثافة دعم روسي كبير من أجل تثبيت خريطة “سوريا المفيدة” في أحد مفاصلها الاساسية.

وبالعودة الى ما طرحته الوكالة الايرانية حول ما أسمته “معالجة ملف النازحين” في بلدة عرسال، ترى مصادر وزارية ان الحملة التي انطلقت قبل حرب جرود عرسال حول إعادة النازحين السوريين الى سوريا بعد التنسيق مع نظام الاسد لم تكن اعتباطية بل كانت ممهدة لحرب الجرود، كما ستكون تكملة لها وفق ما كشفته الوكالة الايرانية. وأشارت الى ان “حزب الله” بتكليف إيراني يستكمل ولو بعد أعوام ما بدأه في القصير السوري حيث طبّق مخطط التطهير المذهبي من خلال تدمير كل ممتلكات السنّة في هذه المنطقة الشاسعة ومن ثم شرع النظام وحلفاؤه الايرانيون بتنفيذ مخطط توطين مذهبي يناسب الدولة العلوية- الشيعية مع مجموعة من الاقليات التي ستقوم على أنقاض سوريا التي أنشأتها اتفاقية سايكس بيكو في إطار تجزئة السلطنة العثمانية التي انهارت في الحرب العالمية الاولى.

في انتظار ظهور الأمين العام لـ “حزب الله” مساء اليوم لإعلان ختام هذا الفصل من المواجهات في جرود عرسال، يجب الانتباه جيداً لما سيقوله عن عرسال نفسها؟

السابق
مساعدات إنسانية أميركية استجابة لأزمة اللاجئين السوريين في لبنان
التالي
حزب الله ينعى قائداً ميدانياً قضى في معارك جرود عرسال